|
لوفيغارو علماً أن هذا النهج قد يتحول إلى حجة أوعذر داخل الاتحاد الأوروبي ، ففي الأمس القريب كان أصحاب السلطة والسيادة يدينون وينقضون التداعي الفيدرالي، وهاهم اليوم يضعون إصبعهم على نزيف هشاشة أوروبا وعدم فاعليتها : بعد معاهدة لشبونه وماجرّته من محن ومصائب طالب أتباع الواقعية ومعهم نخبة من رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد بوقفة تأمل بماجرى وماسيجري في الوقت القريب . خلافاً للبرلمان الأوروبي بقي المرجع الديمقراطي لأوروبا بمثابة اقتراع وطني جيد ومعه خشي الزعماء السياسيون بداية موجة انتخابات تخصهم بشكل مباشر ، كيف لنا أن نفهم أن عنصر الجبن والتردد والغموض عند آنجيل ماركيل المستشارة الألمانية على امتداد الأزمة المالية يعد فضيلة انتخابية ؟ لعله في النهاية التناقض الاجتماعي - الديمقراطي بعينه الذي تجلى أيضاً في قسمها بجعل «ألمانيا أكثر أوربة» ففي هذه الحالة ألا يعكس صمت الحكومة داخل حدودها ،أن تمثل قبل كل شيء دور محامي الدفاع عن المصالح الوطنية ، وفي خارج حدودها يمثل اصطفافها مع ألمانيا معقلاً منيعاً ضد المضاربات التي تضع تصدع العلاقات بين الدول السبع عشرة موضع اختبار. ومع ذلك يبدو الاتحاد الأوروبي بدوله ال 27 متماسكاً،وليس بوسع أزمة اليورو القائمة على حذر مزدوج حيال الديون المصرفية الفائضة والأخرى المكلفة لبعض دوله أن تتكون أوتتشكل دون أن يطفو على السطح ارتياب خطير حول صلابة الارتباط النقدي الأوروبي فإذا كانت أوروبا المنطقة الخاصة بالادخار القوي والموحية بحساباتها الجارية المتوازنة حتى منتصف السنة الجارية تجد خطراً جوهرياً على النقد لديها فإنما يعود الأمر برمته إلى كون العملة الأوروبية تنطلق بقوة اليوان الصيني والفرنك السويسري . ومنذ أن تم التفاوض في إجماع أوروبي ، حول عملية التبذير في بعض دول الجنوب ،أصبح الأمر قابلاً للتدبير والتحكم . ارتفاع حدة الديون السيئة تشكل في الحقيقة مصدراً للقلق والخوف من احتمال حدوث فقاعة في البنوك الأوروبية والمقرضين منها على حد سواء . الرد على ذلك لايكمن في فرض عقوبات جديدة أوقرارات صارمة بل اللجوء أيضاً وبشكل خاص إلى خلق اندماج أكثر زخماً وقوة ،علماً أن ذلك صعب التحقيق دون تقديم رهانات وضمانات جديدة لألمانيا. ولعل فكرة « أوربة ألمانيا» كما يريدها بعض أصحاب السلطة تندرج في سياق انفتاحها على سيادة تشاركية تبقى مستحيلة التطبيق إذا لم يصر إلى « جرمنة أوروبا » أي فرض طرائق ألمانيا في التفكير والعمل ، ويكون أيضاً بوضع العجوزات تحت الوصاية . ومع ذلك فكرة تخفيف الديون وتقليصها ليست بيت القصيد : فكل الحكومات الأوروبية على وجه التقريب سارعت لتطبيق ذلك ، إذ تقتضي الضرورة بداية أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بتأسيس سلطة تحدد سياسة ميزانية ومالية مشتركة ،لكن أوروبا برمتها تشك في تعقيدات وغياب صلاحية وفعالية هذه الخطوة : إنشاء صندوق إعانة دائم ، خطوة في الاتجاه الصحيح ، ولكن لماذا قمنا بمنع أوروبا عن إنشاء سوق مشترك للالتزامات الأوروبية الضخمة بطبيعتها حيث توفر شروطاً مناسبة للمستثمرين الدوليين ؟ ولماذا ندفع بها لتسديد كلفة أخطار جسيمة أوجبتها الظروف الراهنة ومطالب بها بشأن الدول الأكثر تضرراً ؟ علينا الخروج من النفق المظلم الذي رسمه تشابك الديون وتعقيداتها في البنوك الأوروبية ، وقد كان لأحد هذه البنوك الحق برفضه كل تصدع وتشقق خوفاً من ردات فعل متسلسلة. ولكن هل بوسعنا تحميل المواطن الأوروبي وحده ولأمد طويل مسؤولية ديون البنوك ؟ جميعنا يعرف مقدار كلفة حمل الخسائر المصرفية كاملة إضافة إلى نسب الفوائد المتدنية جداً والقريبة من الصفر على الاقتصاد الوطني قبل عشرين عاماً من الآن. بقلم: فرانسو اغودمان - توماس كلو أستاذان في الاقتصاد |
|