|
الجولان في القلب
حيث لم تكد تمر ساعات قليلة عليه حتى أعلن أهلنا الشرفاء الإضراب الشامل في جميع القرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية حيث امتنع المعلمون والطلاب عن الحضور إلى مدارسهم، وتوقف الحركة التجارية وامتنع العمال عن الذهاب إلى عملهم على الرغم من تهديد سلطات الاحتلال لهم وقيامها بحملة اعتقالات واسعة طالت العديد من المناضلين الشرفاء من أهلنا.. أهلنا الذين رفضوا كل القوانين والتشريعات والأنظمة الإدارية على الجولان المحتل.. لقد تداعى الآلاف من أهلنا في الجولان المحتل إلى اجتماع عام رفضوا خلاله قرار الضم جملة وتفصيلاً، ورفضوا استلام الهويات الصهيونية معلنين الإضراب الكبير في 14 شباط 1982 وقد شكل هذا اليوم الانتفاضة الكبرى بوجه الاحتلال ودليلاً جلياً وتعبيراً حقيقياً عن تمسكهم بانتمائهم للعروبة وللوطن الأم سورية. مواجهة دائمة لم تكن مواجهة أهلنا في الجولان المحتل لقوات الاحتلال الصهيوني هي الأولى في الرابع عشر من شباط من عام 1982، إنما كانت المواجهة منذ اليوم الأول لاحتلال جولاننا الغالي في عام 1967... لكن مواجهة شباط في عام 1982 كانت هي الأقوى والأكبر والتي استمرت لفترة طويلة أسقط من خلالها أهلنا كل القرارات والإجراءات الصهيونية التي لم تستهدف السكان وحسب بل كل ما هو موجود فوق الأرض وتحتها. أهلنا يتنادون وخلال اجتماعهم الذي أعلنوا فيه الإضراب الكبير والمفتوح أكد المجتمعون أن حكام الكيان الإرهابي الصهيوني أرادوا منذ اليوم الأول لاحتلال الجولان سلخه أرضاً وشعباً وهوية عن انتمائه العريق إلى عروبته وسوريته وإنسانيته، ولكن الجولان أرضاً وشعباً وهواء وحجراً وماءً وسماءً لن يكون إلا سورياً، ولأبنائه البررة رغم أنف المحتلين وكما كان قانون الضم غير شرعي وحبراً على ورق، كذلك لايكون قانون الاستفتاء على الجولان الذي أقرته الكنيست الصهيونية العام الفائت غير شرعي وحبراً على ورق.. فأهلنا في الجولان المحتل كانوا ومازالوا مواطنين سوريين، لا يمكن لكل قرارات الدنيا أن تغير من انتمائهم الوطني وهويتهم العربية السورية. الوثيقة الوطنية وإذا كنا نتحدث عن اجتماع أهلنا الذي تنادوا فيه إلى الإضراب الكبير والعام والذي جاء على خلفية الوثيقة الوطنية التي صدرت عن مواطني الجولان بتاريخ 25/3/1981 والتي تضمنت عدة مبادئ أهمها: - الجولان المحتل هو جزء لا يتجزأ من سورية العربية. - الجنسية العربية السورية صفة حقيقية ملازمة لكل جولاني ولاتزول وتنتقل من الآباء إلى الأبناء. - الأرض هي ملكية مقدسة للأبناء السوريين، وكل مواطن تسول له نفسه أن يبيع أو يتنازل أو يتخلى عن شبر منها للمحتلين الإسرائيليين يقترف جريمة كبرى وخيانة وطنية لا تغتفر. - عدم الاعتراف بأي قرار تصدره «إسرائيل» من أجل الضم للكيان الصهيوني والرفض الكامل والقاطع لكل القرارات الإسرائيلية الهادفة إلى سلب الشخصية العربية السورية. وبعد أن صدر القرار الصهيوني بضم الجولان صدر عن الجمعية العمومية عدة قرارات منها القرار 122/35/ تاريخ 11/12/1980 الذي يدين «إسرائيل» لفرضها تشريعاً ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان العربي السوري. والقرار 207/35 تاريخ 16/12/1980 الذي يدين العدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني بشدة والتأكيد من جديد على الرفض الشديد لقرار «إسرائيل» ضم الجولان والقدس العربية. والقرار 160/42 تاريخ 8/12/1987 حول إدانة «إسرائيل» بسبب تغيير الطابع العمراني والتكوين الديمغرافي والهيكل المؤسسي والمركز القانوني للجولان السوري المحتل والمطالبة بانسحابها الكامل منه. وقرارات عديدة وكثيرة صدرت من الجمعية العامة للأمم المتحدة كلها تدين «إسرائيل» احتلالها للجولان السوري وتطالبها بالانسحاب الفوري منه. أما فيما يتعلق بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن فهي أيضاً كثيرة وعديدة وفي المنحى الذي تضمنته قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن ما يهمنا هنا الإشارة إليه هو القرار 497 تاريخ 17/12/1981 الذي أصدر على خلفية القرار الصهيوني بضم الجولان السوري حيث نص على مايلي: اعتبار قرار «إسرائيل» بفرض قوانينها وسلطاتها وإداراتها في الجولان السوري المحتل ملغى وباطلاً، ومن دون فعالية على الصعيد الدولي، إن مجلس الأمن وقد نظر في رسالة الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية المؤرخة في 14 كانون الأول 1981 وإذ يؤكد مجدداً أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. يعد قرار «إسرائيل» بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها في الجولان السوري المحتل ملغى وباطلاً ويطلب من «إسرائيل» أن تلغي قرارها فوراً وقد تبنى مجلس الأمن هذا القرار في جلسته رقم 2319 بالإجماع. ناهيك عن صدور قرارات عديدة كلها تدعو إلى عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري وضرورة الانسحاب من كامل أراضيه إلى حدود الرابع من حزيران، لكن وعلى الرغم من تلك القرارات فإن العدو الصهيوني لا يكترث لأي شرعية دولية لأن هذا الكيان يعتمد على «الفيتو» الأميركي الذي يسقط أي قرار ضد هذا الكيان المغتصب للأرض والمتجاوز لكل القوانين والشرائع هذا «الفيتو» الذي يغطي كل الإجراءات القمعية والتعسفية ضد أهلنا الصامدين فوق تراب أرضهم، المتمسكين بهويتهم وانتمائهم الوطني مدعومين من قيادة وطنهم الأم، متسلحين بمقاومتهم التي أرغمت العدو الارهابي الصهيوني على التراجع عن كل قراراته التي استهدفت وجودهم وهويتهم. المقاومة هي الحل وفي العودة إلى القانون الجائر «قانون الضم» الذي واجهه أهلنا في الجولان المحتل برفضهم القاطع لتسلم الهوية الصهيونية وتمسكهم بهويتهم العربية السورية فما كان من قوات الاحتلال إلا أن أقدمت على اعتقال العديد من قادة الحركة الوطنية في الأول من حزيران من العام 1981 اعتقالاً إدارياً لمدة ستة أشهر بحجة التحريض على التمرد. وبسبب استمرار سلطة الاحتلال في تنفيذ مخططاتها وماتبع ذلك من اعتقالات وقمع وارهاب أعلن سكان الجولان المحتل بتاريخ 14/2/1982 الإضراب الشامل والمفتوح وذلك باجتماع عام عقد في مجدل شمس يوم 13/2/1982 حضره الآلاف من مواطني الجولان، وبهذا التاريخ بدأ سكان الجولان المحتل إضراباً شاملاً ومفتوحاً،وبدأت معه المظاهر الحقيقية للإضراب من خلال إغلاق المدارس وكذلك المحال التجارية وامتناع العمال عن الذهاب إلى أماكن العمل، وعمت المظاهرات شوارع القرى منددة بالاحتلال وإجراءاته القمعية، وردت سلطات الاحتلال بحملات اعتقال ومداهمات واسعة وإجراءات قمعية بحق السكان الذين تصاعد رفضهم للاحتلال، الأمر الذي دفع بقوات الاحتلال استقدام آلاف الجنود الصهاينة لمواجهة انتفاضة أهلنا، هذه الانتفاضة التي كان شعارها «المنية ولا الهوية» وقد تحدى أهلنا كل الإجراءات التي تمثلت بمنع التجول ومحاصرة المنازل والتواجد على سطح كل منزل، وقد تحدى السكان هذه الإجراءات وبدأت صدامات دامية مع المحتل استخدمت فيها العيارات النارية، واعتقل المئات، واستمرت المواجهات بين أهلنا وسلطات الاحتلال والنتيجة كانت رفض استلام الهوية وإحراقها، وبهذا فإن معركة الهوية والضم كانت إحدى المحطات المشرقة في مقاومة أهلنا للاحتلال الصهيوني، هذه المقاومة التي مازالت قائمة حتى زوال الاحتلال وعودة جولاننا الغالي إلى الوطن الأم سورية وإن يوم الرابع عشر من شباط وما أحدثه من تحولات ستبقى قائمة حتى زوال الاحتلال. أخيراً نقول: إن شعلة الانتفاضة التي أشعلها أهلنا في الجولان المحتل ستبقى متقدة لا تستطيع أي قوة في الدنيا أن تطفئها حتى يزول الاحتلال عن كامل تراب الجولان،هذا هو قرار أهلنا المدعوم من القيادة الحكيمة والرشيدة للسيد الرئيس بشار الأسد، هذه القيادة التي تقدم كل ما من شأنه أن يدعم صمود أهلنا فوق تراب وطنهم. |
|