تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«خطاب الملك».. الأوفر حظاً للأوسكار

سينما
الأثنين 14-2-2011م
فؤاد مسعد

تصدّر فيلم (خطاب الملك The King’s Speech) للمخرج توم هوبر لائحة الترشيحات لجوائز الأوسكار باثني عشر ترشيحاً ، وكان الفيلم قد نال خمس جوائز في مهرجان السينما المستقلة البريطانية

وحصد جائزة أفضل فيلم في حفل توزيع جوائز نقابة المنتجين في هوليوود وجائزة الشعب في مهرجان تورنتو السينمائي ، أما بطله الممثل البريطاني كولين فيرث فنال جائزة أفضل ممثل عن الفيلم في (جولدن جلوب) كما حصل على نجمة على رصيف الفن في هوليوود ، وقد عرض الفيلم في حفل افتتاح مهرجان دبي السينمائي الدولي السابع الذي أقيم في الشهر الأخير من العام الماضي .‏

يورّط المخرج هوبر المشاهد من خلال الدقائق الأولى للفيلم ويفرض عليه دخول اللعبة مع انطلاق المشهد الأول، فالأمير ألبرت (الممثل البريطاني كولين فيرث) يتلعثم ويعجز عن النطق أثناء محاولته إلقاء كلمة أمام جمهور كبير ضم رجال المجتمع والدولة ، ما يدفعنا لمتابعة رحلة إخفاقه ونجاحه ، لا بل والتعاطف معه لما يمثله من حالة إنسانية تعيش صراعها الأليم ، فتحديه لنفسه سيكون الفيصل لديه عند وصوله إلى كرسي الملك وتتويجه ملكاً لانكلترا باسم الملك جورج السادس .. يحاول مع الأطباء والاختصاصيين إيجاد حل لمشكلة التلعثم لديه ولكن دون جدوى ، فما كان من زوجته إلا أن لجأت إلى ليونيل لوج (الممثل الاسترالي جيوفري ريش) الذي وصفوه لها بأنه اختصاصي ماهر يشفي الحالات المستعصية فأقدمت على الخطوة دون علم زوجها ، ولكنها تُفاجأ أنه متشبث بموقفه فلا يرضى أن يعالج مرضاه إلا في منزله حتى وإن كان مريضه هو ألبرت ، وبالفعل يأتي إليه وإن كان فاقداً للأمل إلا أنه في حقيقة الأمر كان بحاجة لمن يزرع الثقة في نفسه خاصة عندما نكتشف أثناء رحلة علاجه مع ليونيل ما عاناه من قمع والده ومن إهمال مربيته التي كانت تفضل أخاه إدوارد عليه لأنه سيكون وريثاً للعرش، ويستطيع ليونيل كسر حاجز الجليد بينهما ليستطيع التأثير به ، بين أمير جريح بكل ما تحمل هذه العبارة من معنى وبين رجل من عامة الشعب ، فيمد له يد العون ، ويستطيع من خلال أسلوبه النفسي وتدريبه اللفظي زرع روح التحدي لديه ، في هذه الأثناء يتوفى الملك ويستلم إدوارد الحكم لفترة قصيرة ثم يبتعد ليأخذ ألبرت مكانه ويصبح الملك ، وبفضل معلّمه ليونيل يستطيع أن يتوجه بكلمته إلى الناس بكل ثقة وتأثر ليعلن دخوله الحرب العالمية الثانية .. إذاً المحور الأساسي دار حول كيفية تخطي الأمير لمحنة النطق وقدرته على التوجه للشعب بخطاب ، ولكن على هامش هذا المحور تم إلقاء الضوء على الجوانب السياسية والاجتماعية التي كانت تعيشها البلاد والصراع الذي دار لفترة بينه وبين شقيقه .‏

حمل الفيلم عناصر جذب عديدة منها طرحه لحالة إنسانية يتعاطف معها المشاهد ويعيش حالتها لمعرفة إلى أين ستصل في تحدياتها ، خاصة أن هذه الحادثة حقيقية وتتعلق برجل له مكانته التاريخية ، وبالتالي انعكس هذا الثقل إيجابياً على الفيلم ، إضافة لذلك كله تم الانطلاق من فكرة تحدي تلعثم النطق إلى فكرة العلاقة بين أمير (التلميذ) ورجل من عامة الشعب (المعلم) ، ثم تطور هذه العلاقة بينهما وتلونها ما منح الفيلم عنصر تشويق وجذب ، من خلال متابعة تطورها ، كيف بدأت بمد وجزر وانتهت بصداقة قوية ووفاء الأمير له ومنحه لقب فارس. ذلك كله أبرز أهمية النص والمعالجة التي قدمها ضمن إطار محكم يحوي بين طياتها شيئاً من الطرافة أحيانا، مبتعداً عن الابتذال التجاري الذي يستجدي الجمهور، فجاء راقياً منسجماً مع الرقي الذي يتماشى عن الحديث عن عائلة ملكية . إضافة إلى الأداء المتلون والمتقن للممثل كولين فيرث على مستوى النطق وعلى مستوى الجسد والأداء الحركي حيث استطاع أن ينوس بين لحظات قوته وضعفه فسار على حد السيف وكان هناك ضبط عالي المستوى لإيقاع الشخصية ، وظهر جلياً براعة المخرج في إدارة الممثلين وضبط أدائهم لمنح الفيلم أكبر قدر من المصداقية .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية