|
الافتتاحيــة بحكم أنها الحقيقة المسكوت عنها وعليها، وهذا لا يقلل من الرسالة الروسية في الاستدلال على ما تعنيه في توقيتها، الذي يحمل بلاغات فورية ودلالات مباشرة أبعد بكثير من حدود ومساحة ما يجري تداوله على الساحة الإعلامية وسط هذا التزاحم في حلبة المنازلات الدولية. فهذه الأدوات المستأجرة على «الإنتاج»، والتي سرقت لبوس المعارضة واستوطنت موائد الغرب ومجالس المشيخات، كانت أساس المشكلة وهي أيضاً من أهم عوامل الأزمة، إن لم تكن العامل الأهم بحكم تبعيتها المطلقة، في سياق ما تتبناه من مواقف وما تُقدِم عليه من خيارات اصطفت جميعها على ضفة التأجيج والتحريض.. وصولاً إلى الرهان على التدخل الخارجي، والاستقواء بالعدوان لتحقيق المكاسب والامتيازات. وبالتالي، كان من المفروض أن يحدد المجتمع الدولي -وليس فقط روسيا- مسؤولية هذه «المعارضة» المباشرة، وبهذه الدقة منذ زمن بعيد، وأن يُشار بشكل جليّ إلى دورها البنيوي كأداة وأيضاً كسياق يتم استخدامه ولا يزال على قدم وساق وفي كل الاتجاهات من أجل نسف المسار السياسي، بعد أن كانت وراء تأخر انطلاقه، فلو كانت تقبل بالحل السياسي، لما وصلت الأمور إلى هنا، وربما لم تكن المسألة بحاجة إلى جنيف ولا إلى ما يتبعه، وبالتأكيد كان يمكن الاستغناء عن الكثير مما سبقه!. عند هذه النقطة يتموضع أساس المشكلة وجوهر المعضلة، فهذه التي تبدل مسمياتها السياسية والتنظيمية حسب طلب الممول ووفق مصالح وإملاءات الراعي والمشغل، لا يمكن أن تكون إلا كما هي، وأي تعديل يفقدها دورها وموقعها، وكان من البديهي أن الاقتراب من اعتماد المسار السياسي سيزيد من إرباكها وحرج مشغليها، لأن الحل السياسي يلغي الحاجة لوجودها، ويقتضي استبدالها بوجوه أخرى وهياكل مختلفة لم تستهلك، ولم ينتهِ مفعول استخدامها وصلاحيتها بعد. على هذه القاعدة، ثمة مؤشران: الأول يفضي إلى الاستنتاج بأن المشغلين والممولين لها وللمرتزقة على الأرض من الإرهابيين يستخدمون عدم وضوح موقفها كذريعة، لأنهم هم من يرفض الحل السياسي، وهو أمر يبدو بديهياً، والمؤشر الآخر ينحو باتجاه تأكيد ما هو مؤكد بأن ما وضعه المؤتمر في أولوياته لا يتناسب مع حسابات الراعين الرسميين للإرهاب، وخصوصاً بعد أن تصدّر موضوع مكافحة الإرهاب لائحة البنود المدرجة. وفي حين يبدو المؤشران متقاربين ومتقاطعين حتى بعد تدوير الزوايا، فإن المسألة لا تتعلق بأن المعارضة هي التي تقف وراء التعثر، بقدر ما تجزم بأن من صنّعها وسوّقها ويموّلها ويتبناها هو الذي يريدها أن تكون هذه العثرة، وهي التي باتت المطية لتعطيل الجهد الدولي، وهي المفخخة المزروعة للتفجير عند الحاجة، وعندما تقتضي المصالح الغربية قبل غيرها أن تقلب الطاولة!. لسنا بوارد النقاش في البديهيات، ولا في الجدل حول مسلمات الدور والمهام الموكلة لكثير من المشتغلين بـ «الأجرة» وحسب الطلب، حيث لا أحد يشكك بأن المصطلح الذي سوّقته الدوائر الغربية، تحت اسم المعارضة، يماثل مصطلح الجهاد الذي سيّرت مشيخات صناعة الإرهاب تحت لوائه صنوف المرتزقة من أصقاع العالم للقتل والتوحش، لكن على عتبات جنيف تصبح المقاربة أكثر من ضرورة وتتخطى سقف الإلحاح والوقت الضاغط، إذ ما عجزت عن حسمه طوال أشهر لن تقدم عليه في بضع ساعات متبقية لا تكفي لجدولة الأسماء ولا لدراسة التفاصيل البرتوكولية. مع اقتراب ساعات الاستحقاق، تكثر المفخخات في الطريق المتبقي إلى جنيف، وتتزاحم في سباق انفجارها، لم يكن أولها ما انفجر احتجاجاً على «ملابسات» الدعوة، ولن يكون آخرها ما يتبعها من عبوات مزروعة في مواقف معارضات نبتت على هوامشها أو تم إدخالها على عجل وستعترض على من سترسو عليه بورصة الرضا الأميركي والمباركة السعودية رغم تناحرها مع نظيرتها القطرية، حيث تحتفظ أميركا وربيبتها بالإرهاب الوهابي في نهاية الطريق بآخر ما في الجعبة، حين تعلن المعارضةعجزها عن تشكيل وفدها، ولسان حال الأميركي «ليس بالإمكان أفضل مما كان»، في حين «يفرك» السعودي كفيه ابتهاجاً بعد أن منحه النفاق الأميركي والدجل الأوروبي فرصة جديدة ليعيد جدولة مفرّخات إرهابه الوهابي حتى إشعار آخر. |
|