|
الأحد 17-2-2013م تتدنى ثقافة الناس وتصبح لغة العصر هي الغوغائية والتسلط والاستكبار المرسومة فوق مراح المحطات المستجدة، لكن عند العودة إلى العقل المفكر والحكيم، يتم ترسيم نقاط العبور بالتي هي أحسن، حتى لو جرفت في مسارها بعضا ممن لا بد منه، وإن كان مكرها أخاك أو بطل. فالوطن كما هو متعارف عليه أمانة في أعناق المواطنين، الذين يمارسون دورهم الحقيقي في انتخاب من يمثلهم قانونيا في إدارة شؤون البلاد، من منطلق القول: والأمر شورى بينكم،وإن اختلفت المعايير والمقاييس ، فالقانون العصري الحديث منح الشعب حرية اختيار ممثليه في المجلس النيابي، واختيار من يمثله في قيادة الوطن، إذ ما هو معروف عالميا وقانونيا حسب النظم الديموقراطية، خصوصا في النظام الرئاسي، تبقى الكلمة الأولى والأخيرة للشعب، أي الكلمة الفصل في الاختيار، شاء من شاء وأبى من أبى. ما يجري اليوم على سورية من ضغوطات وإرهاصات يشدنا إلى مضامين الكتب القانونية والتاريخية من أجل مراجعة فصولها وبنودها التي ترعى علاقات الدول بعضها بالبعض الآخر و ترعى سيادتها واستقلالها وحرية شعوبها في اختيار الأنسب والأصلح، في الوقت الذي أصبح فيه ، الآمر الناهي لنشر الديموقراطية في العالم، الولايات المتحدة الأميركية المعجونة بآراء بني صهيون، والمتسلطة على دول العالم قاطبة ، والمعترف بدورها الديكتاتوري عالميا وعربيا،هذا الدور القائم على ترسيم السياسات للشعوب عبر العالم بمفهوم تسلطي،عنوانه القوة الضاربة، التي لا مناص عند بعض المستعربين والأوروبيين والأسيويين من اتباعها خوفا على مصالحهم وعروشهم. لقد أعطت السلطة الأميركية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي لنفسها الحق باستعباد العالم، وبأن الحق لها وحدها برفع رايات بلد ما، أو تمزيقه إربا، والقضية سهلة جدا في عصر العولمة والفضائيات المفتوحة، حيث انطلاق الشرارة الأولى من دوائر قراراتها ليس بالمهمة المستحيلة ،حين تكون الافتراءات والأكاذيب المفبركة جاهزة وساعة الانطلاق تحدد بسرعة البرق، وتسري بين الناس كالنار في الهشيم، وحين العقول الفارغة تتلقف الآتي إليها عبر حرب ناعمة الوصال، تتحول شيئا فشيئا إلى حالة قائمة لخراب الوطن، أدواتها العصابات الإرهابية المستوردة، والآراء المسمومة التي تبثها بين الناس، تحت شعار المعارضة من أجل الإصلاح ، والأغرب أنها تربط حرية الوطن المزعومة برحيل رئيس الدولة، ويتم التعامي عن شعارات الديموقراطية والحرية المبطنة بالسوء والشرور التي يتم التلويح بها ، من أجل تدجين العقول التي تستباح بسرعة، في غفلة زمنية مرهقة، حيث يتم تلوين المخيلة بأحلام هي من ضروب الخيال، ظاهرها مصلحة المواطن وباطنها مشاريع تدميرية تزرع الفوضى الخلاقة في ربوع الوطن. هذا ما يحدث في سورية ، فمنذ عامين والأصابع البهلوانية تعيث خرابا وتدميرا وقتلا وطائفية ممذهبة، لم تعرفها سورية عبر تاريخها الوطني العريق، والغاية قتل كل نية لقبول الحوارمن قبل من سموا بالمعارضة، وهم صنيعة الدول التي تأويهم وترش عليهم المال، والمقابلات مع الرؤساء والمسؤولين في فرنسا وتركيا وقطر وبريطانيا وغيرها من الدول التي خططت لخراب سورية، لهذا فإنهم عند الحديث عن الحوار والحل السلمي لوقف نزيف الدم السوري ، ينبري أولئك المأجورون الفريسيين إلى المطالبة برحيل الرئيس، علما أن الدولة ما زالت هي القادرة والمؤتمنة على مصير سورية وشعبها، فالجيش ما زال قويا ومتماسكا يدافع عن بلده ويخوض حرب عصابات مهلكة، ومع هذا لم تهبط عزائمه ولم تكل عقول أفراده عن التفكير بالتضحية من أجل كرامة الوطن وسؤدده ومجده، علما أن مسألة التصدي للعصابات الإرهابية في المدن والأرياف والقرى هي المهمة المستحيلة التي جابهها الجيش السوري ببسالة وتقنية أذهلت المتآمرين ، لهذا تثبت سورية نصرها المظفر على كل من خطط ونفذ ومول بالمال والسلاح وراهن عل فكفكة الدولة، واستباحة مقدراتها، وقتل آمال وأحلام شعبها بالعيش بكرامة، وهدوء بال. إن صمود سورية على الحق ، أي حقها في الدفاع عن سيادتها واستقلالها وأمن شعبها، وحقها في الدفاع عن فلسطين وكل شعوب العرب المستضعفة، وحقها في تأييد المقاومة في لبنان وغزه والعراق، وحقها في عقد تحالفاتها مع إيران وروسيا والصين والهند والبرازيل ودول أميركا اللاتينية، التي يفوق تعداد سكانها ثلاثة أرباع سكان العالم، أضف إليها القوة العسكرية الجبارة والاقتصاد المالي المتمكن، يصاب بخيبة الأمل من وقوفه ضد سورية التي خذلته بثباتها الذي لا ينكسر. لهذا يعترف الجميع اليوم، بالفعل لا بالقول فقط، وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأميركية ، بالفشل في المراهنة على تفتيت سورية وجعلها لقمة سائغة لعقولهم الصدئة، لهذا بدؤوا بتعميم لغة الحوار والحل السلمي الذي عملت له القيادة السورية الحكيمة منذ البدء حرصا على الدم السوري، وأرزاق الناس، وتراث سورية الحضاري، الذي صبوا جام غضبهم عليه تدميرا وحرقا وتكسيرا. نعم لقد فشلت حربهم الكونية والمراهانات الساذجة لبعض الصبية المتسيسين فشلا ذريعا، وها هي سورية تسمع وتشهد التراجع الأميركي الذي عبر عنه أصحاب القرار في «البنتاغون الأميركي» أي وزارة الدفاع بالأمس، حين البدء بالتأكيد على الحل السلمي والتحذير من تنامي نفوذ « جبهة النصرة والقاعدة « التي تم حشدها على الأرض السورية، والأغرب أن بعض المراهنين السذج، ما زالوا متشبثين برأيهم في تسجيل النصر على الدولة المتمكنة والجيش المقتدر والشعب الصابر المؤمن بوطنه، رغم كل المستجدات، التي حدت بأميركا والغرب إلى تفضيل الحل السلمي والمجاهرة به، حيث من خلال الحوار ترسم نقاط العبور إلى إيقاف هدر الدم المستباح الذي يجب توفيره من أجل فلسطين، ترى هل هناك من يسمع نداء الوطنية والتقوى، الذي سمعناه من سماحة مفتي سورية المجاهد الدكتور بدر الدين حسون حين قال : « دعوا ما بقي من دمائنا من أجل فلسطين». |
|