تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اللحاق بالمواطن السوري

السبت 19-5-2012
أحمد ضوا

يوماً بعد آخر يثبت السوريون تقدمهم على مؤسساتهم بجميع مستوياتهم في صد ودحر محاولات إسقاط وإضعاف دور وموقع سورية.

هذه الحقيقة أصبحت من المسلمات والمواطن السوري تصدى منذ الأشهر الأولى للحرب الكونية على بلاده ولأخطر هدف للحملة الإعلامية الشعواء وهو «السقوط النفسي المجتمعي»، وبفطرته ووطنيته أسقط المواطن السوري هذا الاستهداف الذي كان المراد منه دفع المواطن السوري إلى التقوقع على نفسه والمكوث في منزله وانتظار الآتي، ولكن ما فعله السوريون بجميع أطيافهم وفئاتهم هو العكس غير آبهين بمحاولات التخويف والترهيب وفيما بعد بالعمليات الإرهابية التي أريد منها أن تحقق ما فشل إعلام الأعداء وأدواتهم في المنطقة في تحقيقه.‏

ولعل التعبير الأمثل لهذه الخصال التي يمتاز بها أبناء الشعب السوري هو اتساع الأنشطة المنظمة وغير المنظمة للشباب السوري التي أخذت منحى تصاعدياً مع اشتداد حملة الضغوط على سورية, إضافة لما يقوم به المجتمع السوري من تعبيرات طبيعية مرتبطة بسيرورة حياته العادية وخاصة في أيام العطل الرسمية والأسبوعية, حيث تحدى هذا الشعب كل وسائل الترهيب والتخويف لإحباطه والنيل من نفسيته والرد على ذلك كان حضوره الدائم خلال هذه الأيام في الساحات والأماكن الطبيعية والعامة غير آبه بتهديدات الظلاميين والطامعين «بحوريات الجنة».‏

ولكن السؤال المهم هنا هو لحقت المؤسسات الرسمية السورية بركب المواطن السوري نحو المستقبل المشرق والمتطور لسورية أم انها لا تزال تبحث عن وسائل العودة للعمل بكفاءة مسترشدة بالتوجه المتجدد والحقائق التي تؤكد على جميع الصعد أن سورية اليوم ليست سورية في الشهر الثالث من العام الماضي الذي يجب أن تبقى دروسه عبراً للمستقبل وليس للذكرى فقط؟‏

إن المواطن السوري قدم ما عليه من واجب تجاه وطنه ولم يبخل بتقديم أغلى ما يملك لتبقى سورية تشع نوراً وحياة ولكن بقي العديد من المؤسسات الرسمية والمجتمعية بعيداً عن اللحاق بقاطرته التي أنقذت الوطن وانتصرت على محاولات إركاعه.‏

فحتى الآن ومع الأسف لا تزال بعض المؤسسات وإداراتها تعمل بعقلية الماضي ولم تبحث عن وسائل تتناغم مع الأسس والمرتكزات الدستورية والتشريعية والقانونية المتطورة التي تهدف لإنتاج مفاهيم عمل جديدة تستجيب لتطلعات الشعب السوري ومبادراته وإمكانياته وهو ما يؤثر على وعي السوريين وقد يؤدي في حال استمراره أو البطء في عملية الانتقال إلى النيل من عزيمتهم.‏

فهناك الكثير من الجوانب التي يمكن للمؤسسات الوطنية أن تعبر من خلالها عن الروح المتجددة في المجتمع السوري والإرادة المنضبطة له والفرصة التي وفرتها الأزمة وخاصة من ناحية اتقاد واجب الإحساس بالمسؤولية لدى أبناء الشعب السوري لتكون سورية أقوى مع أفول ذيول المؤامرة لا تقدر بثمن وتقع المسؤولية الكبرى بالدرجة الأولى على المؤسسات الحكومية والوطنية لاحتضان هذا الحراك الاجتماعي الإيجابي وتحويله إلى طاقة تعزز من قوة سورية وتنعكس إيجاباً على مختلف الأنشطة المجتمعية الوطنية.‏

إن المتابع لحالة الحوار والحراك بين أبناء سورية ليس أمامه إلا التفاؤل بالمستقبل، والمطلوب من المؤسسات والأجهزة الحكومة أن تساهم في الإسراع في تحويل هذه الطاقة الإيجابية إلى أشياء ملموسة بأقصر وقت ممكن وليس الإطالة من أمدها، وهنا لابد من القول إن العديد من هذه المؤسسات مقصر في العمل لجعل أبناء الشعب السوري يلمسون واقعياً نتائج صمودهم بوجه الحرب العالمية على سورية كموقع ودور وحتى كوجود مادي وجغرافي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية