|
إضاءات حول ما تم التوافق عليه في مسألة مكافحة الإرهاب وخاصة تنظيمي «داعش والنصرة» بعد زيارة كيري لموسكو مؤخراً. فقد اعتادت واشنطن في تعاطيها مع الملف السوري وبمسألة التعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب تحديداً أن تقدم أفكاراً سرعان ما تتخلى عنها أو تماطل وتضع العراقيل في سبيل عدم الالتزام بها، لأنها لا تتوقع عند طرحها أن توافق موسكو أو سورية عليها أصلاً. تصريحات الخارجية السورية والترحيب بأي اتفاق روسي أمريكي حول مكافحة الإرهاب في سورية تجديد لثوابت السياسية السورية في التعاطي مع مسألة مكافحة الإرهاب، ومناسبة للتذكير بالتزام سورية على تحقيق حل سياسي للأزمة يلبي تطلعات الشعب السوري ويحظى بدعمه. أما بالنسبة لواشنطن فهي مسألة شراء وقت لا أكثر، لا تنسيق حقيقي فيها. فهي لا تزال تدعم الإرهاب ولم تتراجع عن حماية الجماعات الإرهابية المسلحة التي تعتبرها معتدلة، حتى لو رأى العالم بأُمّ العين ما تقشعرُّ له الأبدان من إجرام ترتكبه بحق الطفولة والإنسانية، وما حدث في حلب مع الشهيد الطفل الفلسطيني عبد اللـه عيسى ليس قصة فردية ولا عابرة وأقل مما تفعله وتقوم به تلك المجموعات الإرهابية الوهابية والإخوانية على حدٍّ سواء، فمرجعيتها واحدة ومنبتها واحد يصب في خانة التطرف والإجرام وإلغاء الآخر. ا لاجتماع الثلاثي الذي يضم الجانب الروسي والأمريكي مع الأمم المتحدة في جنيف قد يضع واشنطن على المحك ويفسر ما ساقه المبعوث الدولي في وصف هذا الاجتماع بأنه الأمل الأخير في استئناف محادثات السلام. فقد ضاقت موسكو ذرعاً بتهرّب واشنطن من التزاماتها حول التنسيق المفترض لمكافحة الإرهاب في سورية وفصل معتدليها عن إرهابيي النصرة، وهي لا تستطيع القيام بذلك عملياً وتراوغ وتماطل وتشتري الوقت لسبب يتعلق بتوافق معظم المجموعات الإرهابية مع «جبهة النصرة» يصل إلى حدّ عدم التفريق بينها، حيث لا يمكن تفريق إرهابيي النصرة عن إرهابيي المجموعات الأخرى، لأن الانتماء والمدرسة والمنهل الوهابي واحد لا يختلف سوى في أسلوب إخراج سيناريوهات الإجرام التي تنفذها تلك المجموعات الإرهابية. وهو ما يعطي لكلام المتحدث باسم الرئاسة الروسية بُعداً آخر حول احتمال زيادة عدد القوات الروسية العاملة في سورية وبأن الرئيس بوتين والقادة العسكريين أوضحوا عقب الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سورية بأنه يمكن زيادة أعدادها بشكل سريع وفقاً لمتطلبات مكافحة الإرهاب. حيث يبدو من التصريحات الروسية المتلاحقة أن صبر روسيا قد نفد من تهرُّب واشنطن من تنفيذ التزاماتها والفوضى التي تخلفها جراء ذلك، ولابد من وضع حدٍّ للإرهاب بمعزل عما تخطط له واشنطن أو وعود تماطل في تنفيذها. |
|