|
دراسا ت ان الفرصة ممكنة لتحسين العلاقات السورية الامريكية.وقبل ذلك اطلق معاون وزير الخارجية الامريكي ارميتاج تصريحات ايجابية, حول الحوار السوري, والتعاون السوري الجاد في مسألة ضبط الحدود مع العراق.وكذا الامر فعل وزير الخارجية كولن باول منذ اشهر قليلة وعلى مدى الاشهر الماضية, نشهد تحركا دبلوماسيا وسياسيا نشطا تجاه سورية . ولم تخل قائمة اللقاءات الرسمية للقيادات السورية سواء على مستوى الرئاسة او الحكومة, او الخارجية السورية من استقبال مسؤول امريكي من مستوى (وزير او معاون او حاكم ولاية- او اعضاء في الكونغرس) وشخصيات رسمية وشعبية سواء في مراكز الابحاث الاستراتيجية او الجمعيات الوطنية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني ,وبعد كل لقاء او جولة مباحثات, يفاجأ المتابع للشأن السياسي بتصريحات او بيانات اعلامية بعد انقضاء تلك اللقاءات مفادها استمرار حملة الضغوط على سورية, ومطالبتها بمزيد من العمل خاصة فيما يخص العراق! وحتى التلويح بامكانية فرض عقوبات جديدة على سورية, والضغط عليها بوسائل مختلفة ومتعددة ,والذي يثير الحيرة في تلك التصريحات انها تأتي مناقضة لما يتم الاعلان عنه في دمشق على جهة ومنها تلك التي يطلقها الرئيس الامريكي بوش, وكأن الادارة الامريكية منقسمة على نفسها بهذا الشأن . ولتسليط بعض الاضاءة على هذا الإشكال, نستذكر ما قاله البروفسور علام بيند ,رئيس مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوهايو, خلال زيارته الى دمشق الشهر الماضي: بعد التأكيد على ان الحوار السوري - الامريكي مستمر ولم ينقطع, بل على العكس فإن اهمية التمثيل الدبلوماسي زادت, وانتقلت من مرتبة قائم بالاعمال الى سفير فاعل في كلا البلدين,الا ان وجود قلة او مجموعة صغيرة في المجتمع الامريكي وعلى مستوى الادارة الامريكية, تكن البغض والكراهية للعرب والاسلام مدعومة من اللوبي اليهودي, وتمثل التيار الصهيوني المسيحي, تعتبر ضاغطة وتلقى الدعم المادي والمعنوي ولا تريد للحوار الامريكي - السوري ان يتطور او ينجح,بل على العكس تريد تعقيد الوضع وخلق الازمات, وافشال كل محاولات التعاون وذلك ما يفسر التصريحات المتناقضة , والنهج او السياسة العدائية تجاه المنطقة !!. كما يرى البروفسور بيند ان دور الاعلام الامريكي لا يقل اهمية عن دور هذه المجموعة, وهو يقدم معلومات مشوهة, واحكاماً مسبقة عن المنطقة,وانا (والقول له): ممن فوجئ اثناء تواجدي في دمشق بمظاهر الاحتفالات الحضارية بأعياد الميلاد, وعرفت انه في منطقة معلولا مازالت حتى الان تستخدم اللغة الارامية, وتوجد مجموعات سكانية تتكلم لغة السيد المسيح?! كما انه يوجد فئة من العلماء المسيسين والذين يخدمون نفس التوجهات, الا ان غالبية المجتمع الامريكي,وخاصة المثقفون, بدؤوا يتعرفون اكثر على مشكلات المنطقة, وكشف التشويه والتزييف في المعلومات, ويجري العمل على تفعيل دور هؤلاء لتقريب وجهات النظر وتفعيل سياسة الحوار. وعودة الى موضوعنا- لابد من التدليل على ان القضايا الخلافية بين سورية والولايات المتحدة الامريكية, تنحصر في موضوع اسرائيل. ففي حين يرى التيار الصهيوني واليهودي الامريكي ان سورية بلد يدعم الارهاب ويشكل خطرا على ان اسرائيل وحجر عثرة في وجة مخططات اسرائيل لنشر الحرية والتقدم في منطقة الشرق الاوسط كما يزعمون ويجب ردعها بكل الوسائل المتاحة , بما فيها العسكرية .. مقابل ذلك تعمل سورية وبكل الوسائل لايصال رسالتها الى الشعب الامريكي, والتي تؤكد تماس ذلك وتفتح باب الحوار مع كل مسؤول امريكي وصولا الى صيغ عقلانية, تقلل من دور الجماعة الضاغطة في الولايات المتحدة الامريكية وبشكل عام فإن الولايات المتحدة الامريكية لا تعتبر عدواً بالنسبة لسورية . ويعلم الجميع ان مجالات التعاون مفتوحة بين البلدين, فهناك شركات امريكية كبيرة في سورية, وتبادل تجاري, ومعاملات مصرفية ولقاءات مستمرة لم تنقطع وعلى كل المستويات. كما ان الولايات المتحدة الامريكية تستقبل وفودا رسمية سورية, كان آخرها وفد اقتصادي كبير برئاسة وزير المالية السوري, وتنظم جولات اطلاعية للصحفيين السوريين,وتستقبل اعضاء في البرلمان السوري, ومسؤولين من مختلف المستويات, كما ان المركز الثقافي الامريكي في دمشق, ناشط في مجال تنظيم الندوات السياسية واللقاءات واقامة دورات اللغة الانكليزية لموظفين حكوميين وطلاب سوريين, ويمنح العديد من البعثات الدراسية ويوفر قبول العديد من الطلاب في الجامعات الامريكية وبالمقابل يسهل عملية قبول طلاب امريكيين لتعلم اللغة العربية والتاريخ العربي في سورية . ويلاحظ المتابع العادي ان لغة التعامل مع الولايات المتحدة الامريكية في الشارع السوري او على مستوى الخطاب الاعلامي والسياسي.ليست فظة, بل هي مرنة جدا وعقلانية,وهادئة ولا تصور الخلافات بين البلدين, الا في اطار الخلاف حول الموضوع الاسرائيلي, وانحياز امريكا السافر لاسرائيل ودعمها لها رغم كونها معتدية ولا تريد اقامة السلام وتوصد كل الابواب في سبيل ذلك..! ومع كل ذلك فإن قنوات الحوار السوري -الامريكي لم تعجز حتى الان ولم تستطع الجماعة الضاغطة الحد منها, وشهدت السنة الماضية فقط اكثر من 30 لقاء رسميا وغير رسمي بين مسؤولين سوريين وامريكيين. اذا امام الاقرار بوجود حوار سوري- امريكي وتعاون وتنسيق في مجال العلاقات بين البلدين - كيف يمكن تفسير حملة الضغوط الامريكية على سورية ? والى اين يتجه مسار الحوار- السوري- الامريكي? اختصارا للاجابة,يمكن رسم المشاهد الحالية للعلاقات السورية -الامريكية بالتالي: 1- استمرار التعاون والتنسيق والحوار بين الفعاليات السياسية واطياف من المجتمع الامريكي ومؤسسات المجتمع المدني, وجناح الحمائم في الادارة الامريكية وسورية, بهدف التعرف على طبيعة النظام في سورية والدخول في تفاصيل المجتمع السوري وخاصة النخبة السياسية والمفكرون وذلك بالتوازي مع سياسة صقور الادارة الامريكية التي تذكر بسياسة الرئيس الامريكي تيودور روزفلت (تحدثوا بهدوء- احملوا عصا غليظة.. تذهبوا بعيدا). 2- اغلاق ابواب الحوار بفعل التحريض والضغط من قبل الجماعة اليهودية والصهيونية المسيحية ,والاخذ بخيار (الردع الوقائي) كي لا تمكن سياسة الحوار من تحقيق مكاسب واقعية على حساب المصلحة الاسرائيلية والمشروع الاسرائيلي, وهذا ما سيجعل المنطقة تدخل في حسابات حطب جهنم, والذي سيجلب الضرر الجسيم للمصالح الامريكية . 3- تطوير مجالات التعاون بين البلدين والانتقال بها من مستوى الحوار الحذر الى مستوى الشراكة الاقتصادية وتفعيل آليات التبادل التجاري والاستثمارات اقليميا, خاصة في ظل الشراكات السورية الحالية مع بلدان المنطقة العربية وبلدان الجوار واوروبا وآسيا وروسيا ..وغيرها ,بما يجلب المنفعة المادية للجميع, وفي اطار مشروع تسوية عادلة وشاملة للمشكلة الرئيسية في منطقة الشرق الاوسط وهي الصراع العربي الاسرائيلي, في اطار من اجواء الثقة وحسن النية لدى جميع الاطراف, ما يكفل استقرار الجميع وامن جميع الاطراف وانصاف المظلوم . ومثل هذا التوجه مرهون بتفهم الجانب الاسرائيلي لحقيقة الاستقرار وضرورته في منطقة الشرق الاوسط, وانه الخيار الوحيد الذي سيمكن الجميع من النجاح في المستقبل, وكذا الامر تفهم الجانب الاسرائيلي لعكس ذلك بأنه تهور وفوضى وفشل ذريع لن تفلت منه الادارة الامريكية مهما كان حجم قوتها ونفوذها . ومهما كانت الخيارات المتاحة امريكيا,فإن الحقيقة واضحة وضوح الشمس بأن تصعيد المواقف واغلاق ابواب الحوار مع سورية واشعال المنطقة وتسخينها هو ليس مصلحة امريكية, بقدر ماهو مصلحة اسرائيلية ?! |
|