|
تحقيقات بدأت القصة كما يرويها في أحد مساءات عام 1994 عندما كان خارجاً من مطعم المقصف, فالتقى ميزر العجيلي واثنين من أقربائه, طلبوا منه هويته حتى يسحبوا على اسمه أكياس تعبئة حبوب (وكان قد سبق له أن أعطاها لأشخاص آخرين من أجل الغرض ذاته وبقيت الهوية معهم شهراً كاملاً مقابل 500 ل.س يومياً). بعدها, أخذوه الى الدوائر الحكومية وغرفة التجارة ومديرية التموين وغيرها ووقعوه على أوراق بيضاء مقابل 2000 ل.س, ثم على وكالات, ولم يكد يمضي عام واحد حتى وجد المجبل نفسه غريقاً..عشرات التبليغات الى المحاكم الجمركية في طرطوس واللاذقية وفاتورة ضريبية بعشرات الملايين وأحكام بالسجن قضى بعضها ولم يزل بعضها الآخر ينتظر.. حاولت أن أفهم منه ما جرى بالضبط فرد ببساطة: (ليش أنا بعرف شوصار, أنا سكران ليل نهار..الله وكيلك هبلوني) لم يذهب المجبل الى أي محكمة, ولايعرف حتى أين تقع طرطوس واللاذقية, كانت التبليغات بالنسبة له مصدر رزق, يسافر الى حلب ويقبض عن كل تبليغ حوالي عشرة آلاف ليرة ويعود أدراجه. ثم صار يقتحم مكتبهم ويتهجم عليهم, فأخذوه الى حلب ووقعوه على براءة ذمة تجاههم وأعطوه خمسة آلاف ليرة وخصصوا له مصروفاً شهرياً وترافق ذلك مع تهديد بالقتل (والله ما نخسر عليه إلا رصاصة واحدة) ليست حكاية المجبل إلا عينة عن عشرات الأشخاص الدراويش الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مديونين بمبالغ كبيرة للجمارك والمالية ومتورطين بأنشطة تجارية لايعرفون عنها شيئاً, وفي معظم الدعاوى التي وجدناها عند المجبل كان اسم أحمد صالح العلوش موجوداً بوصفه مزوراً, إذ يقوم بقطع وتزوير إجازات استيراد باسم ضحيته يستلم البضاعة ويبيعها, لتفاجأ الضحية بعدها بالمستحقات المالية المترتبة على الاستيراد والنشاط التجاري, وبما أنه غالباً ما يكون مفلساً, فإن الأرباح تذهب الى جيب المزور ومستحقات الخزينة تنتظر أحفاد الأحفاد, ويبقى السجن نصيب المسكين. ولكي نؤسس لما سيأتي لاحقاً فإننا سنقتطف مقطعاً صغيراً صادراً عن محكمة الأمن الاقتصادي بحلب في 6/2/1998 ومؤلفاً من 44 صفحة جاء فيه: (حيث إن جرم التهريب المسند على إدخال بضائع بموجب إجازات تستند الى وثائق جمركية (..) لايشكل جرماً جزائياً (..) لأن البضائع التي أدخلوها كانت بموجب إجازات استيراد منحت بشكل نظامي من مديرية اقتصاد حلب بموجب بيانات جمركية ودفعت رسومها ومصاريفها وخرجت من المنافذ بإذن السلطات الجمركية مما لا يجوز معه اعتبارها مهربة وبالتالي يتوجب براءة المتهمين المذكورين من جرم التهريب (..) وحيث إن إدخال البضائع والمواد الأولية اللازمة للصناعة أو الاستهلاك المحلي إنما يلبي حاجات الشعب والمواطنين ويسد الثغرات ويمنع وقوع الأزمات الاقتصادية وفقدان البضائع من السوق الدخلية وإن كان هذه الأفعال لا تشكل إضعافاً للثقة العامة بالاقتصاد الوطني وإنما يعززها ويقويها لدى المواطنين بما يوفر لهم من حاجات وسلع مفيدة لصناعاتهم الثانوية والاستهلاكية (..) ما يقضي براءتهم من جرم إضعاف الثقة بالاقتصاد الوطني. وبالتالي يبقى الفعل الرئيسي المجرم المسند إليهم هو جرم التزوير في الوثائق الرسمية ,تقليد أختام الدولة واستعمال المزور وهو يخرج عن اختصاص القضاء الاقتصادي..). وهكذا سحب قرار الحكم مذكرات القبض الصادرة بحق المتهمين أحمد علوش وحسين مراد ومحمد عيساتو, مع أن متن القرار احتوى على تقارير جميع الجهات التفتيشية والرقابية التي سلمت بوجود تلاعبات لابداية لها ولانهاية, ومع أن محكمة الأمن الاقتصادي حينها كانت تصدر أحكام قاسية لمخالفات ابسط بكثير مما أقرت بها المحكمة في متن قرارها بل إن رئيس المحكمة وقع القرار بصفة مخالفة ليصدر بموافقة اثنين من المستشارين. إذاً استمر أحمد صالح العلوش ( وهو نفسه أحمد العجيلي) في ممارسة دوره الوطني في تعزيز الثقة باقتصادنا وغالباً ما تصدر المحاكم الجمركية قراراتها ببراءته من الاستيراد تهريباً لأن مديريات الصناعة والصحة لم تدع التزوير ليزداد عدد الضحايا ولتبقى مستحقات الخزينة في علم الغيب. وإمعاناً منه في دعم الاقتصاد الوطني قرر تأسيس مشروع صناعي ضخم في محافظة الرقة وهو مجموعة العجيلي الاستثمارية عبارة عن تسع منشآت وطبعاً وضع نفسه رئيس مجلس إدارتها مع أنه لايملك قانونياً أي منشأة فيها ولا أي ترخيص, مستخدماً عدداً من أقربائه وأصدقائه الذين لايملكون شيئاً بدورهم, ليستفيد من قانون الاستثمار رقم (10) أو الأصح من ثغراته كما سنبين لاحقاً. يقول أحمد العجيلي حول طبيعة المجموعة: نحن لسنا شركة مساهمة, فلكل واحد حسابه المستقل وترخيصه ويأتي إلينا في آخر العام ليحاسب بأرباحه ويصفي حسابه الإجمالي وهناك عقود بيني وبينهم جميعاً وإلا كيف سأدير المجموعة, وبحسب العقود أحصل على 25% من الأرباح كإدارة عدا النسبة التي شاركت بها والموثقة بعقود أيضاً, وأنا لا أسمح لهم بالتدخل في أي شيء ولابمراجعة الدوائر الحكومية ولا التعاطي مع العمال. لا أحد يعرف بالضبط حجم القروض التي حصلت عليها مؤسسة العجيلي التجارية لكن هناك بعض الأرقام الثابتة لدى فروع المصارف في الرقة, إذ بلغ مجموع القروض في المصرف الصناعي حوالي 225 مليون ليرة ومن مصرف التوفير 150 مليون ليرة, وفي حديثنا مع مدير المجموعة أحمد العجيلي قال في البداية إن هناك قرضاً وتسهيلات ائتمانية من المصرف التجاري سدد 40% منها ثم عاد ليؤكد خلال الحديث كأنما نسي كلامه السابق إنه سددها كاملاً. وكنموذج عن آلية الحصول على القروض سنأخذ تفاصيل قرض منشأة أحمد الزراع للغزل, في البداية تقدم الى المصرف الصناعي بطلب تمويل آلات لمنشأته, ولما وصلت تلك الآلات الى الحرم الجمركي وكشفت عليها الصناعة تبين أنها غير مطابقة للمواصفات ومجددة وعاد كشف المصرف الصناعي موثقاً ليؤكد أنها مجددة وأنها مستهلكة مرة ونصف أي أنها عملياً بلا قيمة أو كما قدرها المصرف بربع قيمتها في السجلات, وبما أنه لايوجد شيء اسمه مستحيل أمام هذه المؤسسة الاستثمارية, فقد حصلت على حكم قضائي مبرم بأن الآلات جديدة وليست مجددة وحصلت بموجبه على قرض من مصرف التوفير بقيمة 150 مليون ليرة على نفس الآلات!! يقول العجيلي إنه لن يسدد القروض التي أخذها من المصارف حتى يسوي الوضع معها, ويتهم المصرف الصناعي بأنه ورطه وسأنقل هنا كلامه حرفياً تقريباً: (عملت أنا وعبد الودود لويس من المصرف الصناعي وكان مديره الأسبق يعمل بشكل صحيح فيذهب اليه صاحب المنشأة الراغب بزيادة عدد معداته ويطلب مساعدته, فيعطيه الامكانيات المتاحة ولا يدخل المحسوبيات ويشتغل على أساس الأمر الواقع, أنا لو لم أرد العمل لما جئت بخمس مكنات أخرى, أنا هنا أضحي بصحتي وعافيتي, ولو لم يورطني مدير عام المصرف الصناعي لما جئت بمكنات جديدة (..), أنا بحياتي لم أسمع بمدير مصرف صناعي مهندس ميكانيك (..) مع الأسف عندنا بالبلد محسوبيات وما دامت موجودة لن يكن هناك عمل أبداً (..), أنا لي عند المصرف الصناعي 100 مليون أفاجأ بوجود قرار من مديره للتريث, أراجعه فيجيبني بأن معلومات وردته عن عدم وجود معامل (...), أخبرته أنني أتعامل مع المصرف منذ أربع سنوات وأن مدير فرع المصرف بالرقة منحني قروضاً وكشف على المنشآت (...), يرسل إلي للتريث على خمس منشآت وأنا متفق مع شركات ألمانية وفرنسية وبريطانية (...), أسدد استحقاقاتي قبل موعدها وأدفع فوائد كل عام 4-5 ملايين وأشغل كل محافظة الرقة وكل هذا الكلام موثق (...), حرام كل انسان يعمل في هذه المحافظة (...), أتيت بقرار حكم مبرم من محكمة النقض أن الآلات جديدة بعد أربع سنوات وبعد مئة واسطة وبعد مليون ونصف رشوة, وبعد توسط مسؤول كبير قالوا لي تعال خذ القرار (...) طيب لماذا أعطاني مئة مليون في بداية المنشأة إذا كانت الآلات مستعملة. مدير فرع المصرف الصناعي في الرقة تحدث بخوف شديد قائلاً: يعمل عبد الودود الويس لصالح أحمد العجيلي والجميع ملاحقون قضائياً, وأوقفت قرض أحمد الزراع بسبب مخالفة آلاته للمواصفات , فهي مستهلكة مرة ونصف (...) المقترضون هم أتباع أحمد العجيلي وهم أناس (معترين) وهذا معروف منذ البداية. سبق للمصرف أن منحهم قروضاً على ست منشآت وهم متخلفون عن التسديد منذ عامين لذلك حجزنا عليهم وسيعلن بعد أيام عن بيع العقارات والآلات (...), إذا قابلتم أحمد العجيلي سيعتبر نفسه مستثمراً من الدرجة الأولى وإذا أردت الذهاب إلى المنشأة يأتون بالعمال ويشغلون الآلات, فنقول اللهم صلي على النبي لهذه الحضارة وبعد خروجك يتوقف كل شيء (..), هذه المنشآت لاتعمل إلا إذا جاءها وفود أو زوار غرباء. تلقيت منه أكثر من تهديد, لايمكنني ولايمكنك التغلب عليهم. لديهم ملف مالي سيىء جداً, وأتوقع أن مستودعات النسيج عندهم أحرقت عمداً للتهرب من التصدير(...), هددوني بإقالتي من منصبي والآن يهددني بابن عمه المتنفذ, والسبب كما يقول هو أنني أعطل مسيرته الاقتصادية وحالياً عليه قرارات حجز احتياطية بقيمة 400 مليون ليرة (...), حصل على 150 مليوناً من مصرف التوفير على منشأة غزل أحمد الزراع وعلى الآلات المستعملة ذاتها التي رفضناها. في محضر استجواب للجهاز المركزي للرقابة المالية مع عبد الودود الويس ثمة إجابات كثيرة في غاية الطرافة, طبعاً الأسئلة كتابية والإجابات كتابية وسأقتطف بعضها هنا: س4- هل بإمكانكم أن تحددوا لنا ما الفارق بين القرض المتوسط الأجل وعلى أي أساس يمنح وبين القرض القصير الأجل وما سبب حصولكم عليهما, حدد لنا ذلك? ج4- الفارق هو أن القرض القصير الأجل مدته أقصر من القرض المتوسط الأجل وتم منحه على أساس وجود منشأة لدي وسبب حصولي على القرضين من أجل زيادة انتاج منشأتي. س5-(...) هل بإمكانكم أن تحددوا لنا تقريباً ما إمكانياتكم المادية قبل حصولكم على الترخيص الصناعي على قانون الاستثمار ومن أعد لكم دراسة الجدوى الاقتصادية? ج5- كنت أمتلك مبلغ خمسين مليون ليرة سورية نقداً محفوظة لدي وبالنسبة لدراسة الجدوى فإن موكلي السيد موسى الحسين هو من تولى أمرها وبالتالي لا أعرف من أعدها س8- هل حصلتم على تسهيلات مصرفية أو ائتمانية من المصرف التجاري بحلب , حدد لنا ذلك? ج8- لم أحصل على أي تسهيلات س12-(...) لاحظنا بإضبارة اعتماد الكفالات (...) منحكم مبلغ 30 مليون ليرة (...) أي أنكم تتعاملون مع المصرف التجاري السوري(....), بين لنا سبب هذا التباين بالمعلومات وهل أنتم بالذات من تتابعون هذه الأعمال? ج12- نعم حصلت على اعتماد كفالات بمبلغ ثلاثين مليون ليرة سورية من المصرف التجاري السوري بحلب وقد قبضت المبلغ كاملاً بنفسي وقد نسيت أني أخذت قروضاً أو بالأحرى اعتماداً بهذا المبلغ نظراً لوجود وكيل يقوم بمتابعة أعمالي (...) عندما سألت أحمد العجيلي عما إذا كان عبد الودود يملك شيئاً وما مقدار مساهمته في المنشأة ولاسيما أننا سمعنا أنه كان يعمل مضيفاً على باص لدى إحدى شركات النقل أجاب: فعلاً , لاعلاقة لعبد الودود بأي شيء, وكان يعمل في شركة نقل النقود, هي لأبيه, وهو وحيد, وإذا جئت بالمال وضعته باسمه, أين الخطأ? وإذا اشتغل جابي باص أين المشكلة? (...) كان يجب أن يعمل ويتعلم, وأنا لم أكن مستعداً لإعطائه ليرة واحدة (...) عمره 18 سنة , من أين سيأتي بكذا مليون إن لم يكن ورثها? حسنا, لنلخص النتائج حتى الآن: بعد عمليات تزوير واسعة النطاق بناء على وكالات من أشخاص إما فقراء أو محتاجين أو جهلة, نظمت إجازات استيراد ترتب عليها رسوم جمركية وضرائب نشاط تجاري, وذهب إثرها الضحايا إلى السجن وجنى التجار الأرباح وخسرت خزينة الدولة استحقاقاتها ثم طور المزورون أساليبهم فأسسوا مشروعات استثمارية بأسماء أشخاص (معترين) أيضاً سحبوا قروضاً على أسمائهم واستوردوا آلات تكاد تكون خردة في السوق العالمية وبدؤوا يمارسون أنشطة تجارية تحت شعار النشاط الصناعي المعفى من الضرائب والرسوم الجمركية ليتهربوا بعدها من سداد القروض ومن الضرائب. ولنتقدم خطوة أخرى نحو صفقات الادخال المؤقت. ولكي نفهم العملية لابد من عرض بعض شروط الاستثمار على قانون الاستثمار رقم (10) وهي أولاً يجب أن تتوافر في المنشأة شروط الأمن الصناعي, وثانياً يجب أن يكون مؤمناً عليها, وثالثاً يحق للمستثمر استيراد مواد أولية معفية من الرسوم الجمركية على أن يقوم بتصنيعها وتصدير 90% منها خلال ستة أشهر من تاريخ الاستيراد.. فماذا حدث في منشأة عبد الودود الويس? في صبيحة ليلة 28/9/2002 شب حريق في مستودعات المنشأة وسأكتفي هنا بإيراد مقاطع من إفادات الضبط الأولي لدى ناحية المنصورة: حارس المنشأة أحمد عساف: شاهدت ألسنة اللهب تخرج من المستودع الأول وهو مقفل بعدة أقفال على ثلاثة أبواب (...) لكن مفاتيح المخازن ليست هنا في المنشأة(0000) وبنفس اللحظة شاهدت المستودع الثاني الذي يقع على بعد أربعين متراً من الأول والنار تلتهب فيه. عبد الودود الويس صاحب المنشأة: الحريق نتيجة ماس كهربائي لأن التمديد لهاتين المجموعتين خارجي وغير نظامي(000), الحريق طال خيوط بوليستر(000) قيمتها حوالى ثلاثين مليون ليرة علماً أن المفاتيح للبناء جميعها موجود نسخة منها عندي ولدى الحارس أحمد عساف نسخة ثانية. العامل الكهربائي وليد: قمت منذ شهر ونصف بتمديد الخراطيم والعلب الكهربائية للبناء الذي احترق علماً ان الاسلاك الكهربائية ممدودة بشكل كامل للمستودع الغربي وبشكل نظامي وتمديد داخلي وليس خارجيا(00), والمستودع الثاني لا يوجد فيه أسلاك كهربائية للبناء (00) وهنا لن أكمل ما جاء في مشاهدات رجال الشرطة وسأنتقل مباشرة الى شهادات حية من رجال الاطفاء الذين أطفؤوا الحريق الاطفائي جمال نداف: كانت نسبة امتلاء المستودعات 20% والمسافة بين المستودع والآخر 50 متراً ومغلقة وكانت البضاعة موزعة كثيراً ولا سيما البكرات الاطفائي أحمد الجاسم: لم أكن حاضراً لكن نسبة الحرائق بسبب ماس كهربائي هي الأقل, تدخل اطفائي لا أعرف اسمه أثناء الحديث وعلمت فيما بعد أنه قريب لأحمد العجيلي قائلاً: كان يوجد في المستودع 400 طن وبسبب ماس كهربائي حدث احتراق ذاتي أما الاطفائي تامر المحمد فدعانا الى منزله وروى القصة على النحو التالي: أخبرنا بالحريق أحد اقرباء أحمد العجيلي, وصلنا الى المستودعات , دخلنا الأول فوجدنا بكرات فارغة, كومتين أو ثلاث, وفي السقيفة هنالك بالة وبكرات فارغة نطفىء في هذا المستودع فيشتعل الثاني, نطفئه فيهب الثالث وهكذا دواليك حوالى 4-5 مستودعات وغالباً ما تكون الحرائق موزعة أو في المنتصف وكان يوجد خشب بقدر محتويات محل نجار, بقينا حتى الصباح واضطررنا لكسر الاقفال (طبعاً رغم وجود الحارس وصاحب المنشأة ومديرها) - ولماذا لم تشهد بذلك أمام القضاء ? -- تامر: أنا لم يسألني أحد ولم يطلبوني الى القاضي , اختاروا من بين الموجودين اثنين او ثلاثة ليشهدوا. - وهل حلفوا يميناً كاذباً? -- تامر:اسألهم, لم يكذبوا, سألهم القاضي سؤالين, هل يوجد حريق? نعم هل أطفأتموه? نعم, الله معكم. وهكذا استفاد عبد الودود الويس من عدم وجود تأمين على منشأته فتأجلت الخبرة الخماسية كما يقول العارفون أشهراً بعد الحريق وحصل على قرارات حكم بلغ عددها العشرين قراراً في يوم واحد, تصادف يوم رأس السنة في 31/12/2003 وتقدم الى مالية الرقة بها وبعشرين رقما لبيانات استيراد أخرى تنتظر الحكم وبلغ اجمالي قيمة البضاعة المستوردة المصرح بها 2.5 مليون دولار تقريباً, وهكذا تحولت خسارة عبد الودود من 30 مليون ليرة في ضبط الشرطة الى حوالي 300 مليون في الدوائر المالية وبحريق واحد... ربما بنوع من الدعابة حدثنا أحمد العجيلي قائلاً: ظنوا ان الحريق مفتعل من أجل الحصول على تأمين(000) الحمد لله لم نكن مؤمنين على المنشأة (000) كيف سأحرق البضاعة, ألن أدفع ثمنها لصاحبها? أين الهدف من حرق المعمل? المستودعات كانت ممتلئة (000)إلخ. وبالفعل كما قال أحد مفتشي الجهاز المركزي للرقابة المالية , صفقة واحدة تكفي ففي 28/3/2003 تقدم عبد الودود الويس من تلقاء نفسه ببيان يصرح فيه عن أرباحه لعام 2002 أورد فيه أنه ربح 28.5 مليون ليرة وطلب قبل يومين من نهاية المدة القانونية تكليفه بشكل مبدئي , فكلف بحوالى 12 مليون ليرة وكان الحريق قد حدث وانتهى (حدث في 28/10/2002) وبعد عدة أشهر تقدم الويس ببيان معاكس يقول: صحيح أنني تقدمت في بيان سابق عن أرباحي لكنني سهوت ونسيت أن هناك حريقاً شب في منشأتي وتقدر قيمة الاضرار ب300 مليون ليرة وطلب تحميل نتائج الحريق, وبالفعل قامت المالية بتخسيره عن سنة 2002 حوالي 68 مليونا وحملت له خسارة على عام 2003 حوالي 65 مليون ليرة. عندما سالنا مدير مالية الرقة زبيرو درويش عن نسبة النشاط الصناعي ونسبة النشاط التجاري لمؤسسة العجيلي ولو بصورة تقريبية تهرب من الاجابة قائلاً بأن اضبارته لم يبت بها حتى الان وهناك قرار حجز على أملاكه والأمر برمته موضع دراسة, لكن البيان المالي الآنف الذكر ربما أوضح جيداً ما لم يستطع درويش قوله. فاستيراد مادة أولية خلال أشهر ب2.5 مليون دولار ولشخص واحد ومنشأة واحدة ودون وجود لاي مادة مصنعة لاي من أفراد المجموعة, يعني أن المجموعة برمتها هي وسيلة لتغطية النشاط التجاري بنشاط استثماري صناعي , معفى من الضريبة ومستفيد من التسهيلات الجمركية. أعود الى درويش الذي تهرب أيضا من التفاصيل بالحديث في العموميات تارة بشكل رسمي واخرى بشكل شخصي قائلاً: مجموعة العجيلي رائدة وجميلة وناضجة وكادت أن تصبح قاعدة استثمارية وتبشر بمستقبل مزدهر لكن طبيعتنا الزراعية(000) وبالتالي خلقت ردود فعل تكاد تكون ايجابية (00) بالنسبة لهم لا يوجد تهرب ضريبي لانهم معفيون حسب قانون الاستثمار رقم /10/ وهناك تكليف صناعي وآخر تجاري فمثلاً عبد الودود الويس كلفناه تجارياً لكن حدث لديه حريق (00) ومن كثرة ما كتب به أصبحت إضبارته دموية . وهي إضبارة واضحة المعالم لكن تداخل جهات مختلفة فيها جعلها ضبابية , إلا أنها ضمن الحالة القانونية و مدروسة كاملاً : ثم أبدى زبيرو رأياً شخصياً : كنت أتمنى أن تكون منشاة العجيلي نواة صناعية تبشر بمستقبل استثماري صناعي في المنطقة الشرقية , لكن عدم نضوج الفكر الصناعي في المنطقة الشرقية أدى بالأمور الى ما هي عليه , و العجلة لم تدر بعد كما ينبغي . وأضاف :راقب بداية الترخيص , من منحه لهذا المواطن في دمشق , من مكتب الاستثمار الى مديرية الصناعة الى الترخيص الإداري ..الخ ?! بالفعل زبيرو محق , من منح الترخيص ? لكن السؤال الأهم كيف سارت كل الإجراءات بما فيها براءات الذمة و الأنشطة التجارية المغطاة صناعياً في مالية الرقة ? يسترسل زبيرو : ببساطة , مجموعة العجيلي يملكها شخص اسمة احمد صالح العلوش و يعمل بأسماء قد لا يملك أصحابها قوت يومهم أو يملكون جزءا من هذا المشروع , لا أعلم . - و ماذا كان يملك قبل تأسيس المنشأة - زبيرو : في عام 1996 حدثت عملية تزوير في دير الزور , استوردوا عن طريقها بأسماء أشخاص معروفين بعشرات الملايين , انكشف الموضوع و عالجته جهات رقابية بحلب , جرمت من جرمت و برأت من برأت و أصدرت قرارات حجز احتياطية على العديدين , منهم أحمد صالح العلوش. ولكي نستوضح حجم النشاط الصناعي جيداً سأعود الى ما قاله أحمد العجيلي نفسه : ( بالنسبة للمنشآت الآخرى هناك مواد محلية و مواد مستوردة سأفصلها لك , في الخيط أعطونا ( أي خصصونا ) ب 400 طن مواد بوليستر و شعيرات جئنا منهم ب 200 طن و لم يكرمنا الله فبدل أن نعمل 50 % اشتغلنا 10 % و لدينا فواتير نظامية و لم نستهلك كل الكمية ..) وفي مديرية الصناعة بالرقة كانت تنتظرنا قصة جديدة طلبنا في لقائنا الأول مع مدير الصناعة ابراهيم الخليل بمعلومات عن ثلاث منشآت من مجموعة العجيلي مرخصة على القانون رقم / 10 / وتتلخص بحجم التكاليف الاستثمارية للمنشأة و مخصصاتها للمادة الاولية و كمية الاستهلاك منها, و لما عدنا في اليوم التالي وجدنا أنه قدم لنا بيانات لثلاث منشآت لا علاقة لها بالمجموعة و بالطبع كلف مجموعة موظفين بتصحيح الخطأ مبدياً شفافية منقطعة النظير , و عموماً كانت المعلومات غير ذات قيمة لأنه كما توقعنا , تكاليف استثمارية هائلة وأسعار آلات تصل إلى مئات الملايين أي مضروبة بأضعاف قيمتها الحقيقية و الأهم أنهم حتى لعام 2005 لم يجمعوا كميات الاستجرار من المادة الأولية . لكن الخليل طرح رأياً طريفاً يتوافق تماماً مع قرارات الحكم الصادرة بشأن إجازات الاستيراد سأحاول تلخيصه : ( عندما طرح موضوع المواد الأولية و الاستيراد في وزارة الصناعة قيل إن هذه المواد ستوضع داخل القطر و بالتالي لم تهرب و لا تشكل سوقاً سوداء فالمواطن اشتراها على حسابه الشخصي و بالعملة الصعبة سواء مباشرة أو عن طريق تاجر و هذا وفر على الدولة (.. ) و تساءل الخليل: هل يعقل أن يأخذ مواطن كيس حبيبات الى منزله ? هذا لا يؤثر على حياة المواطن و دخله الشخصي (...), أنا برأيي حين يستوردها يوفر على خزينة الدولة عملة صعبة (.. ). في حديث مدير الصناعة يغيب دور الدولة تماماً و يصبح تزوير إجازات الاستيراد مبررا تماماً , و تصبح المواد المستوردة تهريباً معززة للاقتصاد الوطني , لكنه يغفل تماما عن حقوق الدولة و حقوق الخزينة التي هي حقوق عامة, يغفل الإعفاءات الجمركية الممنوحة لأهداف وغايات صناعية و الأهم أنه يتغافل عن إمكانية التلاعب بمسألة الإدخال المؤقت و يغفل عن تغطية النشاط التجاري المكلف ضريبياً بأخر صناعي و يغفل عن ضرر ذلك على التنافس بين المنشآت الصناعية المتماثلة, فالمنافسة هنا تصبح على حساب الملتزم جمركياً و ضريبياً , و يشبه الأمر الى حد ما قيام أستاذ بوضع علامة مرتفعة لطالب لم يجب على أي سؤال و تضاهي علامات آخرين أجابوا على كل الأسئلة فقط ليرفع نسبة النجاح لديه و يتفاخر بأن الجميع أذكياء. سأتجاوز هنا مئات التفاصيل و التناقضات المدهشة كما سأتجاوز العديد من الشهادات في محافظة الرقة و سأورد فقط ما قاله العجيلي حول مستقبل مجموعته الاستثمارية : ( نحن معفيون ( يقصد ضريبياً و جمركياً ) لمدة سبع سنوات وإذا استمر الوضع على ما هو عليه و لم نحصل على مساعدة الدولة , اعتقد أننا لن نستمر لأن التكاليف المالية باهظة جداً , فنحن نستفيد من الاعفاءات للاستمرار..) لاحظوا الكارثة , بعد قروض ب حوالي نصف مليار ليرة و الحبل على الجرار و بعد تزوير إجازات استيراد وبعد استيراد آلات مستهلكة و بعد استخدام أناس دراويش لتغطية النشاط التجاري و التهرب الضريبي و بعد إعفاءات لمدة سبع سنوات .. لن يستمر العجيلي ... بالتأكيد سيحجز على منشآته ... لكنها ستكون قد أصبحت خردة الخردة و لن تغطي حينها 10 % من استحقاقات المالية للمصارف و خزينة الدولة بعد أن يكون الضحايا قد أصبحوا بالمئات إن لم يكونوا بالآلاف .. و ستستمر محاولات الحكومة في توسيع المطارح الضريبية وزيادة الأعباء الضريبية على حساب أصحاب الدخل المحدود , ليزداد الفقراء فقراً , و لتصعد (مافيات) مالية سلم الثغرات القانونية. آخر الأخبار التي وصلتنا عن طريق الجهاز المركزي للرقابة المالية هو أن أحمد العجيلي ضم الى مجموعته الاستثمارية منشأة جديدة باسم إسبر و حصل على دفعات جديدة من مصرف التوفير تقدر ب280 مليون ليرة و أن اجمالي المبلغ المزمع إقراضه يصل الى مليار ليرة لأن المعمل هذه المرة لصياغة الذهب . و لما سألنا عن العلاقة بين اسبر و أحمد العجيلي قيل لنا إن الأخير حصل على وكالة من الأول وهو الذي يتابع جميع الإجراءات . مديرة التوفير رفضت الإفصاح عن أي شيء وادعت أنها لا تذكر معاملة هذا القرض لكنها أضافت أن كل شيء نظامي بما في ذلك براءات الذمة!! عود على بدء, في نهاية لقائنا بمحمود المجبل, دلنا على شخص أذكى منه بكثير وله المشكلة ذاتها اسمه أبو اصطيف العبود وميزته كما يقول المجبل أنه لم يكن أهبل مثله, بل استفاد من أحمد العجيلي وافتتح صالة ألعاب كمبيوتر واشترى منزلاً. أبو اصطيف العبود واسمه أحمد الحاج أحمد العبود فار من حكم قضائي بالسجن بتهمة التزوير واستخدام مزور وعليه غرامات ب 96 مليون ليرة عدا ضريبة الدخل, قال إنه كان يعطي وكالات لمحمد عيساتو وحسين مراد وحاج أحمد عساني,هم يشتغلون وهو يأخذ نسبة من الأرباح,فرخصوا باسمه ترخيصا صناعيا لمنشأة وهمية لانتاج حلويات كاكاو واستوردوا حديدا وحليبا ونشاء ذرة وغيرها من المواد كما رخصوا باسمه منشأة حديد وهمية,وهو أيضا لا يمر أسبوع إلا وتأتيه تبليغات محاكم جمركية,لذلك يقترح حتى يستطيع حضورها,نقل تلك المحاكم إلى محافظة الرقة!! العبود لا يعرف إن كان لهؤلاء الأشخاص صلة بمجموعة العجيلي لكن قرار الحكم الصادر عن محكمة الأمن الاقتصادي الذي جرم بالتزوير المجموعة ضم بين دفتيه اسمي حسين مراد ومحمد عيساتو الى جانب اسم أحمد العلوش,إضافة الى أن حسين مراد هو زوج أخته لعبد الودود الويس أحد أركان مؤسسة العجيلي... وقد فر من السجن مؤخرا من المشفى الوطني بالرقة. يقول مفتش في الجهاز المركزي للرقابة المالية,هناك ملف مؤلف من حوالى عشرة آلاف صفحة أمام إحدى محاكم حلب يتعلق بما فيا كاملة وأتحدى ان يبت فيه..ويضيف :إنه شيكاغو أضابير. *** العجيلي : لن أسدد للمصرف الصناعي قروضه حتى تسوية الوضع معه الويس : من مضيف على احد الباصات الى صناعي كبير الفار أبو اصطيف: عملوا باسمي منشآت وهمية وأقترح نقل المحاكم الجمركية الى الرقة المجبل : الله وكيلك هبلوني ... أنا محمود المجبل مديون للدولة ب 97,5 مليون ليرة بس مدير المالية : إضبارتهم أصبحت دموية ولم يبت فيها بعد مدير المصرف الصناعي : لايمكن لأحد التغلب على هذه المافيا مدير الصناعة : الاستيراد تهريباً لايشكل سوقاً سوداء عضو مكتب تنفيذي : شبكات في الظل تغطي الأنشطة التجارية بأخرى صناعية حريق المستودعات ... القصة التي أدهشت شهريار الإطفائي جمال نداف : كانت نسبة امتلاء المستودعات 20% فقط الإطفائي ثامر المحمد : لم يختاروني للشهادة أمام القضاء لأنني كنت سأتكلم الإطفائي أحمد الجاسم: نسبة الحرائق بسبب ماس كهربائي هي الأقل *** تزوير إجازات الاستيراد جريمة جنائية لكنه يعزز الاقتصاد الوطني!! مجرد سؤال مدير مالية الرقة طرح التساؤل التالي: لماذا يكون الاعفاء مطلقاً لكافة الصناعات? لماذا لا نعطي الاعفاءات للصناعات الخاصة بتصنيع المادة الأولية المحلية? لأن الرقة على سبيل المثال لا يمكنها منافسة حلب في الخيط فالصانع الحلبي يكسر السعر نصف ليرة فيخرب بيت الصانع الرقاوي. لماذا التأجيل ? أول من طرح موضوع التهرب الضريبي هوالسيد وزيرالمالية وتوسط الكثيرون له, وقدم الجهاز المركزي للرقابة المالية تقريراً حول القروض الصناعية الى رئاسة مجلس الوزراء وظل بين شد ومط لمدة سنتين واعتمدوا من التقرير معالجة أوضاع المنشآت الوهمية والمنشآت القائمة ولا تعمل والمنشآت القائمة وتعمل أقل من طاقتها الانتاجية ولم يبت بأمر المنشآت التي حصلت على قروض واستخدمتها في غايات أخرى إلا بعد عام (ومنها منشأة العجيلي) مع أن التقرير ذاته تناول أوضاع جميع المنشآت. |
|