|
من الصحافة الإسرائيلية على نحو خاص,سواء لجهة ما اسماه بعض المحللين العسكريين في إسرائيل الإخفاقات وسماه البعض الهزائم الكبيرة والصغيرة التي منيت بها الآلة العسكرية خلال الحرب العدوانية الأخيرة ,أو لجهة إعادة النظر بشكل شامل بما يسمى بنظرية الأمن الإسرائيلي, وكذلك نظرية الردع التي أسقطت مقاومة الشعب اللبناني جميع أستارها , لكن ما يميز الحديث عن هذه المسالة على ضوء الانكسارات الإسرائيلية في لبنان, هو التلميح بشكل واضح بما تملكه إسرائيل من ترسانة أسلحة نووية على قاعدة العزف على وتر الوجود وما يصوره الساسة الاسرائليين من مخاطر تحدق بكيانهم في هذه المرحلة بالذات . وغني عن القول , استخدام مثل هذا التلويح من قبل يعض الساسة والعسكر الاسرائيلييين للتغطية على فشلهم في هذه الحرب في محاولة مكشوفة للهروب من استحقاقات ذلك وما يترتب عن ذلك قد يطال مصيرهم ومستقبلهم السياسي والحزبي لاسيما وان ألازمة السياسية والائتلافية قد بلغت ذروتها هذا الأسبوع سواء على صعيد ازدياد المطالبة باستقالة اؤلمرت وحل الائتلاف الحكومي ,ومطالبة بعض شركاء أولمرت بتشكيل حكومة طوارئ.وازدياد المطالبة بإزاحة رئيس الأركان حلوتس عن منصبه والتحقيق معه إلى جانب التحقيق مع عامير بيرتس وزيرالحرب وإزاحته عن منصبه أيضا . تحت عنوان )طوق النجاة لأولمرت ) كتب بن كاسبيت في صحيفة معاريف, يقول(الساحة السياسية تغلي: فما نشر أمس عن المعضلة السياسية لرئيس الوزراء اولمرت أضيفت إليه مبادرة حكومة الطوارىء التي تقدمت بها رئيسة الكنيست داليا ايتسيك والتي رفعت كتابا عاجلا بصيغة موحدة لرؤساء كل الكتل الصهيونية في الكنيست ممن ليسوا اعضاءً في الحكومة وتدعو ايتسيك رؤساء إسرائيل بيتنا, يهدوت هتوراه, الاتحاد الوطني, الليكود وميرتس (ابيغدور ليبرمان, يعقوب ليتسمان, بني ألون, بنيامين نتنياهو ويوسي بيلين) إلى الشروع في مفاوضات فورية على الانضمام إلى )حكومة طوارىء (. وحسب ايتسيك فانه )أمام هذا التهديد الوجودي, التي شكلت فيه الحرب الأخيرة مجرد جرس الإيقاظ له, من الواجب علينا جميعا أن نرص الصفوف هنا و علينا أن نتعاون وأن نجمع أفضل القوى والعقول لأعداد إسرائيل إلى السيناريوهات التي من شأنها أن تقع علينا. هذا هو أمر الساعة) ويضيف بن كاسفيت أن العديد من الجهات والأحزاب والقوى تشارك ايتسك الدعوة لتشكيل حكومة طوارئ :( وتشارك في الاتصالات محافل عديدة من الساحة السياسية وخارجها. كما أن شخصيات اقتصادية معروفة جيدا في السوق المالية الإسرائيلية تشارك, ولا سيما في ممارسة الضغط على رئيس الليكود بنيامين نتنياهو الذي يسافر اليوم إلى الخارج. وفي الليكود انتقدوا نتنياهو في أنه تجاه الخارج رفض أمس المبادرة. وقال مسؤول في الليكود أمس أن )بيبي هو رئيس الحكومة الوهمية. وهو دوما ينتظر سقوطا وهميا سريعا لرئيس الحكومة ولكنه حاليا يفوت كل الفرص( ويعتقد بن كاسبيت أن أولمرت سو ف يستمر في التحايل والرفض والتردد حول هذه الدعوة لأسباب أهمها ) الدعوة إلى تغيير طريقة الحكم تحظى في محيطه بأصداء ايجابية. وفي هذا الموضوع أيضا تراه مترددا. أما الجمهور فأقل ترددا. ردود الأفعال عديدة, من الجدار إلى الجدار, وقريبا من المتوقع انتظامات جماهيرية في محاولة لخلق حركة شعبية توضح للسياسيين بأنه لا يمكن الاستمرار هكذا وانه يجب إقامة حائط فولاذي بين السياسة الصغيرة, الثرثرة والضحالة, وبين المناصب الأساسية التنفيذية الحيوية لمستقبل الدولة. (لو كنت سخيفا مثل أولمرت), عنوان لمقالة في السياق ذاته يكتب يوئيل ماركوس في هآرتس حول إفلاس المؤسستين السياسية والعسكرية وضرورة تشكيل لجنة تحقيق :( ليس صدفة أن أغلبية الجمهور ترغب بأن تقرر الحكومة تشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة رئيس المحكمة العليا في الوقت الحالي, أهارون براك. لماذا لجنة تحقيق رسمية? لأن ثقة الجمهور بكل مقدسات الأمة, قادتها وحاخاماتها, موظفيها ووزرائها وغيرهم, آخذة في التزعزع.لقد تبددت الثقة باستقامة السياسيين واستقامة الحكومة ونزاهة الهيئات العسكرية, واستقامة قادة الجيش وقدراتهم, واستقامة أعضاء الكنيست, وقادة الجمهور كائنا من كانوا. فقدوا الثقة بوزير العدل المتهم بتقبيل امرأة شابة رغما عنها, وبالوزير البارز المشتبه به بارتكاب تعيينات سياسية, وبرئيس يتعرض للتحقيق بتهمة التحرش الجنسي, وبرئيس هيئة أركان قام ببيع أسهمه قبل الحرب بساعتين, وغير ذلك الكثير من الأمور المشابهة. الثقة أيضا فُقدت بدرجة أكبر بالمشتبهين الذين يمولون أنفسهم ومقربيهم ولجان التحقيق التي تؤكد استقامته ماركوس لايتهم في مقالته هذه أولمرت عما حصل من هزائم وانكسارات فحسب وإنما قادة المؤسسة العسكرية السابقين واللاحقين لماذا? هو رئيس للوزراء منذ أربعة اشهر فقط, وبامكانه أن يقول للجنة التحقيق أن عليها أن تتحقق كيف وصلنا إلى مثل هذا العدد من الإخفاقات المتراكمة منذ زمن طويل. على اولمرت أن يقول للجنة التحقيق: لست أنا الذي أفسدت الجهاز واستخدمت ما كان. لجنة التحقيق ستضطر إلى التحقق من الأوضاع بأثر رجعي لخمس سنوات للوراء, وستضطر للتحقق من كيفية نشوء الإخفاقات من دون أن يُحرك أحد ساكنا. ستضطر للتحقق مما فعله بنيامين بن اليعيزر واريك شارون وشاؤول موفاز خلال خدمتهم, وموشيه يعلون الذي يقول عنه مقربوه أن بطنه مليئة على الجهاز, ودان حلوتس الذي لم يزن الأمور بصورة صحيحة, إلا أنه ليس تعيينا لاولمرت. بدورها تقول ياعيل غبيرتس في مقال تحت عنوان )عالم مقلوب ):( حاليا فان آثار الحرب قد غسلت البلاد من أولها إلى آخرها وكل شيء انقلب. وهذه الرؤية الثورية قد غرقت, وأن (هذا الجيل قد غرق تماما) وأنه انقلب إلى جيل (الصفر الغارق), وكأنه لا يكفي هذا حتى ألان وان الأموال الإضافية للأمن سوف تأتي على حساب مزيدا من الاقتطاع من ميزانية الوزارات الأساسية الأخرى. وترى غابريتس إن أولمرت بعد السقوط المريع في لبنان لم يعد لديه ما يسوقه في سوق النخاسة السياسية(وبعد أن (الانطواء) إلى مجرد ضوء ميت بعيد, فقد بقيت حكومة اولمرت دون جدول إعمال منتظم. فلمثل هذه البرامج لن يكون مكان ولا وجود. بل على العكس من ذلك فإنها اندفعت إلى الصفوف الخلفية من البرامج في هذه الأيام ولا سيما على مستوى جدول الأعمال الاجتماعي في الدولة وأن الحرب ستظهر لنا المزيد مما تعجز عنه هذه (الحكومة) وكذلك الأمربالنسية لبيرتس شريك أولمرت في الائتلاف الحكومي ونتائج الحرب العدوانية على لبنان إذ لم يعد من الوعود التي أطلقها قبل الانتخابات سوى السراب( قبل نصف سنة فقط وعدنا عمير بيرتس ووعد الذين يثقون به بأنه سيحارب من أجل (الثورة الاجتماعية) وان يضع في ميزانية 2007 الميزانية اللازمة للتعليم والرفاه الاجتماعي الذي تراجع كثيرا في السابق. والآن, وبعد أن تحول بين ليلة وضحاها إلى وزير للدفاع وقاد هذه الحرب, فانه يقف الآن خلف هذه الثورة التي وعد بها والتي أصبحت مختفية في ظل الموازنات الجديدة للأمن, وخيبة الأمل من بيرتس هي مشكلة ثانية لكل الذين آمنوا به وهم الآن خجولين من هذا الغباء, ولكن المشكلة الأكبر هي أن بيرتس لا زال يظن بان وعوده يمكن أن تتحقق. وتتساءل غابيرتس كيف يمكن لبيرتس أن يفي بوعوده بعد كل هذه النتائج التي خلفتها الحرب العدوانية على لبنان على صعيد ميزانية الآلة العسكرية على سبيل المثال لا الحصر:( )مطالب المؤسسة الأمنية ليست قليلة ولا تقف عند حد التوجه للموارد الموجودة في الدولة ولا من أجل تضييق الفجوات داخل المجتمع الإسرائيلي(, فهو يعود ويتعهد, انه في الستة اشهر الباقية فانه يتعهد بان يصلح ما يمكنه في المجتمع وأنه )سيصارع من أجل ميزانية اجتماعية(, وهنا فان الأمر أصبح واضحا بان الأمن سوف يتلقى زيادة تصل إلى 40 مليار شيكل ولكن على الأقل 24 مليار شيكل من هذا المبلغ قد تم ضمانه.فكيف ستحصل الحكومة على مثل هذا المبلغ الناقص و دانيال بن سيمون في مقال له في هآرتس يرى بان هذه الحرب قد كشفت بان الدولة لم تعد تقوم بدورها وأنها انهارت تماما خلال الحرب وان كل لجان التحقيق لن تفيد شيئا :( كل لجان التحقيق التي ستتشكل لن تنجح في التكفير عن الجريمة الحقيقية التي جرت أمام أنظارنا في حرب لبنان الثانية. الدولة بكل بساطة اختفت وكأن الأرض قد ابتلعتها هي لم تكن موجودة في التجمعات الشمالية في الساعات الأكثر صعوبة التي مرت على السكان هناك الذين ظلوا في منازلهم. الدولة في جوهرها تقاس وفق أدائها في اللحظات العصيبة. وإسرائيل قد فشلت في هذا الاختبار.هذا ما حدث عندنا أيضا في المناطق الشمالية إبان الحرب. الدولة دخلت إلى لبنان وفي المقابل فرت من التجمعات الشمالية متوقعة أن تقوم الجمعيات والجهات غير الحكومية بالمهمة بدلا عنها. هذا الفرار عبر بصورة دقيقة عن الوجه الجديد لإسرائيل. بإشراف حكومات اليمين واليسار تخلت الدولة في العقدين الأخيرين عن وظائفها الأساسية ونقلتها إلى السوق الحرة. روبين فادتسهور يناقش في معاريف الدروس والعبر التي ينبغي على الجيش الإسرائيلي استخلاصها من هذه الحرب,ويرى أنه يُحتاج إلى نظرية قتالية جديدة توجه العناية إلى القوات البرية والى إنشاء وحدات خاصة سيكون الاعتماد عليها كبيرا في حروب إسرائيل المقبلة ويقول :( هل يجب أن تتغير النظرية القتالية للجيش الإسرائيلي, وبنية الجيش المشتقة منها, كواحد من دروس الحرب في لبنان? هذا هو السؤال الذي يجب أن يشغل الآن القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي, بغير صلة بالحاجة إلى التحقيق في طريقة إدارة هيئة القيادة الرفيعة للحرب. سيكون من الخطأ حصر الاهتمام فقط بإخفاقات الجيش في المستوى التنفيذي, التي كانت في الحقيقة شديدة في ذاتها, وتجاهل ضرورة الفحص أيضا عن أسس التفكير العسكري التي صيغت في السنين الأخيرة, والتي دخل الجيش الإسرائيلي على أساسها الحرب في لبنان. ويرى فادتسهور أن جميع الاستخلاصات التي تم استلاخصها من الحروب السابقة من قبل المؤسسة العسكرية لم تجد نفعا في هذه الحرب , وان تفوق سلاح الجو بالرغم مما زرعه من دمار وخرب في الأرض اللبنانية لم يستطع أن يحسم الحرب كما ظن أو أمل قادة المؤسسة المذكورة:( تُذكر هذه الفترة بقدر كبير بالتصور الذي صيغ في الجيش الإسرائيلي بين 1967 إلى 1973. اعتقدت القيادة العليا آنذاك بأن سلاح الجو, الذي استطاع أن يُخضع في الواقع الجيوش العربية في ابتداء حرب الأيام الستة, سيستطيع أن يرد وحده تقريبا على كل تهديد من قبل مصر وسورية. وكانت النتيجة إهمال القوات البرية, حينما تم النظر بعجرفة مميزة إلى قدرة العدو العسكرية كغير جدية.ما يُحتاج إليه الآن هو تغيير التوازن في تخصيص الموارد بين القوة الجوية والبرية. يعتقد غير قليل من الضباط الكبار, الذين لا تُسمع أصواتهم حتى في هيئة القيادة العامة, أن سلاح الجو كبير جدا وليس مبنيا بناءً صحيحا. ستتتابع القوة الجوية كونها مُركبا رئيسا في كل حرب, وفي ضمنها الحرب لمنظمات العصابات, لكن لا توجد حاجة إلى زيادتها بعد. ويضيف هذا الكاتب.:(يجب على الجيش البري أن يعيد انتظامه من جديد, مع تأكيد زيادة عدد الوحدات الخاصة ونوعيتها وكِبرها. يُبين كل سيناريو منطقي للقتال في المستقبل أن جزءا كبيرا من الحرب سيتم على يد قوات خاصة لا على يد كتل مدرعة. ربما يُحتاج إلى أن نزن إقامة (قيادة للقوات الخاصة) أو سلاح. تجب العودة إلى صياغة خطة تدريب لجنود الاحتياط وإعادتهم إلى الجاهزية التنفيذية التامة. كانت الحرب في لبنان برهانا آخر على أنه قد انقضى عهد المعارك المدرعة الكبيرة. يصعب توقع حرب يستطيع الجيش الإسرائيلي فيها استعمال آلاف الدبابات التي يملكها. لا يُحتاج في الحقيقة إلى التخلي عن القوة المدرعة, لكن يُحتاج إلى مضاءلة عدد الدبابات بقدر ملحوظ. بدل تطوير الجيل القادم من دبابة المركافا وإنتاجه....... يجب على الجيش الإسرائيلي أن يفحص امكانات مواجهة الصواريخ وصواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى. ليس من الواضح هل يستطيع نظام )نيئوتيلوس( الرد على المشكلة, ولكن تجب العودة إلى فحص إمكانية إكمال تطويره. يجب أن يستمر سلاح الجو في تطوير طرائق )صيد( منصات إطلاق الكاتيوشا, مع العلم بأنه قد يكون من غير الممكن مواجهة هذا التهديد من الجو.كل أولئك بالطبع أفكار أولية. على الجيش الإسرائيلي أن يصرف الشهور القريبة إلى مناقشات عميقة صائبة لدروس حرب لبنان ولتطوير نظرية قتالية جديدة أوري دان يلخص الوضع في إسرائيل حول ما يمكن أن يستخلص من عبر ودروس من نتائج الحرب على لبنان في مقالته تحت عنوان(لن يأتي المخلص أزمة القيادة في إسرائيل عميقة جدا إلى حد أن الناس يتوجهون حيارى, وها هنا آملين أن يجدوا زعيما طاهر اليدين ذا تجربة أمنية ليُعيد بناء الدولة. وهكذا يوجد من يتعلقون, في المدة الأخيرة, برئيس الأركان السابق موشيه يعلون, هل سيدخل الساحة السياسية? إلى من سينضم? لكن المُخلص لن يأتي. لن يكون يعلون هو المُخلص. لكن من يراه زعيما قادرا على إخراج الدولة من الوحل لا يعلم ما الذي يقول. يعلون إنسان مسؤول جدا في المجال العسكري والأمني, وقد بذل في ذلك أكثر سنيه في عمليات عرض فيها نفسه للخطر. |
|