|
حدث وتعليق الامر يتعدى النتائج العسكرية المباشرة الى طرح اسئلة كبيرة تمس فلسفة وجود الكيان واسلوب تعاطيه مع شعوب المنطقة الى الان كانت العقيدة التي تتحكم بالسياسات الاسرائيلية ازاء المنطقة تنطلق من نظرة فوقية ان بوسع اسرائيل بما تمتلك من قوة تدمير وقوة ردع وما تحصل عليه من حماية ومساندة مطلقة من جانب الولايات المتحدة ان تفرض ارادتها على شعوب المنطقة دون ان تكون مضطرة لان تنظر جديا الى تطلعات ومصالح هذه الشعوب التي يمكن تحطيمها ومع الايام دفنها بالقوة والقهر, وان لم ينجح ذلك فبمزيد من القوة والقهر. الاداء الرائع للمقاومة اللبنانية في حرب لبنان الاخيرة اثار شكوكا عميقة حول حقيقة قوة الردع الاسرائيلية ومدى الحكمة في الاعتماد عليها وحدها للتعامل مع شعوب المنطقة التي تنجب اجيالا جديدة تغلي كرها لاسرائيل. النقاش الذي تشهده اسرائيل اليوم يعكس هذه الاجواء , وبينما تطالب قوى كثيرة بالاستعداد للجولة المقبلة ورد الاعتبار للجيش الاسرائيلي تثبيتا لنظرية الردع , تبرز اصوات وان خافتة بعض الشيء لكنها متنامية , تحاول ان تعيد الامور الى نصابها عبر طرح السؤال التالي: الى متى نستطيع العيش بهذه الطريقة , وهل هذا التلاحم المطلق مع الاهداف الاميركية مفيد لاسرائيل? ولعل الحرب الاخيرة ابرزت اكثر من اي وقت مضى صورة اسرائيل كمجرد اداة في السياسة الخارجية الاميركية, مادفع الكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي الى شكر القدر لان اسرائيل لم تنتصر في هذه الحرب ,ولو انتصرت كما يقول ليفي , لعملت واشنطن على زجها في حروب سريعة مع سورية ومن ثم ايران . اسرائيل التي لم تتعود استخلاص العبر الصحيحة من كل تجاربها ومغامراتها في المنطقة , سوف ترتكب حماقة كبيرة اذا تركت لاصحاب الرؤوس الحامية اياهم تحديد خياراتها المقبلة , وستضيع بالتالي فرصة سانحة لاحياء عملية السلام, قد لاتتكرر قريبا وربما لن تتوفر ابدا. |
|