تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


64عاماً على النكبة.. القوى الاستعمارية عاجزة عن حماية إسرائيل

سانا - الثورة
صفحة أولى
الأثنين 14-5-2012
رغم مرور أكثر من ستة عقود على عمر النكبة عام 1948 الا ان المدافعين عن القضية الفلسطينية قد نجحوا في خوض المعركة الابرز التي فرضت عليهم، متمثلة بمعركة حماية التاريخ والهوية، واستطاعوا بجدارة عكست عمقهم الحضاري

ان يخرجوا تاريخ المنطقة سليما من شرك الاسطورة الصهيونية ومانسجته من حكايات خرافية وبدع مختلفة اراد من خلالها منظرو الصهيونية العالمية تزوير التاريخ وتبرير احتلالهم للاراضي العربية.‏

والصورة الجديدة التي رسمتها انتصارات قوى المقاومة منذ عام 2000 الى اليوم وعززتها التغيرات التي يشهدها المشهد الدولي تؤكد ان غرفة الانعاش الغربية التي يقبع داخلها الكيان الصهيوني منذ 64 عاما لم تعد قادرة على توفير شروط الحياة لمولود غير شرعي انتجه تزاوج المصالح بين الغرب الاستعماري والايديولوجيا الصهيونية ويدعى اصطلاحا باسرائيل.‏

وتتردد الاسئلة اليوم في الدوائر السياسية والفكرية حول قدرة الشرنقة الاستعمارية الغربية على حماية اسرائيل من رياح المقاومة التي تهب عليها اذ يجد الكيان الصهيوني نفسه محاصرا بتصاعد قوة المقاومة اللبنانية ومناعة الجبهة السورية والعزم على تحرير الجولان ومزارع شبعا من الشمال ونزعة التحرر لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وانفتاح المشهد السياسي المصري في الجنوب وترهل اتفاقات اوسلو ووادي عربة في الشرق اضافة لقوافل التضامن الدولي التي تراودها رغبة حقيقية بالرسو مع مساعداتها ومتضامنيها على ساحل فلسطين المحتلة من الغرب.‏

وساعدت التطورات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية منذ عام 2000 لصالح القوى الوطنية في كشف ملامح الخطة البديلة التي يعتمدها الغرب الاستعماري للحفاظ على مصالحه ونفوذه والتمسك بما ابقته السنون من ارث النكبة وبعدها النكسة متمثلا باسرائيل والانظمة الرجعية المكلفة حمايتها فكان العنوان الابرز استهداف القوى الوطنية عسكريا واعلاميا واقتصاديا وتكريس كل الامكانيات لاسقاطها.‏

ولا يخفى على احد ان اصطناع اسرائيل ودعمها بالسلاح والمال والغطاء السياسي وزرعها في قلب المنطقة العربية لم يكن سوى تجسيد حقيقي لرغبة الغرب في الحفاظ على مصالحه في المنطقة من خلال استنزاف طاقاتها في صراع طويل ومكلف يبقي التنمية البشرية والاقتصادية مطلباً بعيد المنال ويحول المنطقة الي سوق استهلاكية لما يصدره لها الغرب ومصدر للمواد الاولية الرخيصة وينهك قواها الوطنية حتى يتسنى لهذا الغرب التدخل في شؤون شعوبها كلما احتاج لذلك.‏

وعندما لمس الغرب ان الرهان على تسعير الصراع العربي الاسرائيلي والالتزام بامن اسرائيل ودعمها سيصبح بلا جدوى في ظل تمكن بعض القوى الوطنية العربية من تجاوز مفاعيل نكبة فلسطين واتفاق سايكس عبر تطوير بنى اقتصادية وفكرية وعسكرية قادرة على تطويق اسرائيل وتحجيمها اندفع مجددا لتكريس سيطرته على المنطقة ورفع درجة تدخله الي مستوى اكثر خطورة استمد زخمه من مزاعم الحرب على الارهاب التي قادتها الولايات المتحدة عقب احداث ال 11 من ايلول اسفرت عن احتلال افغانستان والعراق والاقتراب اكثر من سورية وايران كحاملين رئيسيين لمشروع المواجهة والمقاومة للضغط عليهما وتتويج كل ذلك بالاستهداف المباشر لهما وتوجيه الضربات لقوى المقاومة التي تستمد قوتها من دعمهما.‏

ويرى متابعون للشأن السياسي الدولي ان الغرب الرأسمالي الذي يرزح تحت وطأة ازماته الاقتصادية العميقة يسعى جاهدا لنكبة عربية جديدة تحول الانظار مؤقتا عن ضعفه وتعطيه متسعا من الوقت لاعادة ترتيب اوراقه.‏

وتعيد حالة الفوضى السياسية التي تقودها الولايات المتحدة واسرائيل واتباعهما في العالم العربي انتاج ظروف مشابهة لتلك التي سادت المنطقة مطلع القرن الماضي واسفرت عن احتلال فلسطين عقب رسم خطوط تقسيمية وهمية كرسها اتفاق سايكس بيكو بالقوة لتشكل الغطاء الوحيد لتنفيذ وعد بلفور واحتلال فلسطين ما يدعو العرب لاعادة النظر فيما يجرى وربط الاحداث بمسبباتها ونتائجها ليعلموا انها لن تاتي بالخير الا لاسرائيل وربما تتسبب بتشريد وقتل مئات الاف العرب وليس الفلسطينيين فقط.‏

ويعلم الفلسطينيون والعرب ان احتلال فلسطين لم يكن نكبة فلسطينية فقط بل نكبة عربية تحمل تبعاتها كل عربي من المحيط الي الخليج ولذلك فان دعم الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الاسرائيلي واجب قومي وليس هبة من احد كما ان التصدي للهجمة الغربية الشرسة الموجهة ضد الدول والتيارات السياسية والفكرية المقاومة وعلى رأسها سورية يشكل خط المواجهة الاول مع العدو الاسرائيلي والخطوة الاولى باتجاه تحرير فلسطين.‏

وبالعودة الي تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي تبدو القامة السورية في هذا الصدد اعلى من ان تخفيها التدخلات القذرة لرؤوس الاموال النفطية التي تضخ بلا حساب لتغيير هوية العدو واستبداله باخر وهمي لاحباط أي محاولة للتخلص من ارث النكبة المرير ولا ادل على ذلك من احتضان سورية للشعب الفلسطيني ودعم مقاومته بعد ان تخاذل الملوك والمشايخ وتقوقعوا على أنفسهم للحفاظ على عروشهم بالصمت حيال اسرائيل بداية والتطبيع معها وطرح المبادرات لشرعنتها لاحقا.‏

ومن وحي اللحظة الراهنة التي يستعر فيها اتون التآمر على سورية تبدو الغايات الحقيقية لاعداء سورية في تكريس فكر النكبة وتعميق نتائجها الكارثية على الامة واضحة في محاولات النيل من سمعة الجيش العربي السوري واستنزاف قوته وحشد السلاح ضده لانه يشكل الركيزة الاساسية والنواة الحقيقية لخوض معركة التحرير اذ ان هذا الجيش اسس عقيدته القتالية القومية على حلم تحرير فلسطين وبذل الدماء رخيصة لتحقيق ذلك وسعى لبلورة حاضنة شعبية عربية حوله تدعم هذا الهدف متجاوزا دسائس المتآمرين التي لم تفلح بياناتهم السياسية المنمقة في اخفاء عمالتهم للعدو ومحاباتهم له.‏

وفي الطريق الى الحرية واسقاط النكبة واستعادة الكرامة العربية التي تنتهك على ارض فلسطين وبينما تقبل على الامة الذكرى الرابعة والستون لنكبة فلسطين بعد يومين في الخامس عشر من ايار يستحضر السوريون ومعهم العرب الشرفاء ذكرى شهداء حرب الانقاذ عام 1948 وعدوان عام 1967 وحرب تشرين التحريرية ومعارك الشرف في لبنان منذ عام 1976 وصمود الاهل في جنوب لبنان وفلسطين المحتلة والجولان المحتل ليكملوا الصورة اليوم بان محاربة الاعداء واسقاط فكر النكبة وثقافة التخاذل والخيانة في الداخل لا تقل اهمية عن المعركة الكبرى لتحرير الارض وان التخلص من سلاسل العمالة واثقال المتآمرين سيجعل الهدف الاسمى اكثر قربا وقدرتنا على الوصول اليه اكبر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية