|
نقش سياسي البعض نقل عنه أنه نادم. وبغض النظر عن الندم أو عدمه فإن تبوؤه منصب وزير الخارجية يفترض أن يضيف جديداً لقوالب السياسة الأوروبية شبه الجاهزة والمغلقة بإحكام شبه كامل. لكنه عوضاً عن ذلك سارع هو إلى تبني القوالب الأوروبية مناقضاً مواقفه السابقة المعلنة. عرف عن جونسون أنه تناول أكثر من مرة في أكثر من مقال صحفي الشأن السوري ودعا مراراً توجهات محاربة الارهاب الاوروبية إلى التعاون مع سورية. بل هو جزم بضرورة هذا التعاون إن كانت اوروبا تريد فعلاً الخلاص من داعش. في مقال له منذ أشهر قليلة أشاد بالسيد الرئيس بشار الأسد لإنقاذه مدينة تدمر الأثرية. للعلم فإن بوريس جونسون كان يكتب مقالاً اسبوعياً في جريدة الديلي تلغراف البريطاني، وقد حرمه منصب وزير الخارجية من نحو 300 ألف دولار سنوياً كان يتقاضاها من الصحيفة المذكورة اجوراً لمقاله الاسبوعي. افتتح الوزير البريطاني عهده بلقاءات مع نظرائه الغربيين، وكان أبرز ما توجه له أن يطالب مع نظرائه روسيا الضغط على الرئيس بشار الأسد لـ « التنحي « !!؟؟ يعني هذا المجدد المحتمل المتوقع للسياسة الخارجية الأوروبية كان تراجعياً أكثر من الوزراء الغربيين أنفسهم ..! إلى حد ما تراجع معظم الوزراء الغربيين إن لم يكن كلهم عن هذه النغمة البائسة العقيمة !. فجاء الوزير البريطاني ينفخ في القربة المثقوبة نفسها مستخدماً لغة فظة « الطلب من روسيا الضغط .. « ما هذه الدبلوماسية ؟! هو القالب الأوروبي .. صعب جداً على أوروبا أن تخرج من قوالبها .. صحيح تجاوزت إلى حد كبير هذه المواقف العجفاء الفاشلة... لكن خروجها منها صعب جداً ..!! لعل ذلك أبرز أعراض محدودية تأثير السياسة الأوروبية لتبدو دائماً مرتبطة بالسياسة الأميركية. هكذا وجد السيد جونسون نفسه مدفوعاً في إطار تقديم أوراق اعتماده لنظرائه الغربيين إلى استعارة كلام مقولب من القالب الأوروبي نفسه. أو هي ضربة خسارة 300 ألف يورو كل عام. شيء من هذه المواقف المتقاعسة المرتبطة بقوالب جاهزة تظهره أوروبا في تعاملها مع الحدث التركي. يعني.. هي ترى كل ما يفعله أردوغان اليوم والذي يبلغ حدود أكثر من فضيحة سياسية، فتنتقد على خجل واستحياء ولا تراه خرقاً للديمقراطية الغربية المزعومة يستوجب التدخل !! إنما ترفض أن يتحدى أردوغان أحد قوالبها المتمثل بإلغاء حكم الاعدام وتنذره إن فعل. علماً أن هذه أضعف الحجج وفيها تحد لمواقف المجتمعات وفقهاء القانون فيها والقوانين من مسألة حكم الاعدام... فليست معظم دول العالم هي التي ألغت هذا الحكم من قوانينها، بل العكس هو الصحيح .. معظم دول العالم تحافظ عليه ومنها أميركا نفسها في العديد من ولاياتها. في مسألتنا السورية انتظرنا طويلاً الصحوة الأوروبية.. ويبدو وأننا سننتظر أطول. |
|