|
البقعة الساخنة لأن موضوع التقرير هو الإرهاب والراصد المتحدث هو أميركا، غير أن التقرير أتى ليضيف صفحة دجل ضعيفة سيئة إلى سجلات أميركا الأسوأ، وجاء ليكون نقطة في بحر مجلدات النفاق والكذب الأميركي. استعراض صفحات التقرير، والقيام بمسح شامل للوقائع التي يمر عليها وللمنطق الذي يتعاطى فيه معها، ربما لا يدع للمُستعرض عند كل فقرة، وعند كل عنوان فرعي يورده في سياق التبويب الذي اعتمده - لا يدع للمستعرض - مسوغاً إلا وقد وفره له ليبصق على أميركا وعلى مُعدّي التقرير وعلى الموقعين عليه والناشرين له. وإذا امتلك المُستعرض قدرة متابعة التصفح والمسح والقراءة، فقد تُحرضه محتويات التقرير عشرات المرات وربما مئات أو آلاف المرات ليتذكر ويستحضر مقولة جورج برناردشو الشهيرة: (العاهرة أكثر المتحدثين عن الشرف)، ذلك أنها المقولة الأكثر انسجاماً وتطابقاً مع حال أميركا التي تُنتج الإرهاب وتنصب منصاته، ترعاه تُغذيه وتُنميه، ثم تُحدّث العالم عن أخطاره وسبل مواجهته وواجب مكافحته!. بصرف النظر عن كل ما نعرفه ويعرفه العالم عن دور الولايات المتحدة وعلاقتها بنشأة الإرهاب الدولي ونمو تنظيماته المتطرفة، وقيامها بالاستثمار فيه إلى أبعد مديات الاستثمار القذر. وبصرف النظر عن الوقائع التي كشفت وتكشف كل صباح ومساء عن مزيد من الوقاحة والرذالة والعدوانية الأميركية تجاه العالم بدوله وشعوبه، فإن مجرد أن تتعمد وزارة الخارجية ذكر تركيا والأردن والسعودية وقطر في إطار الإشادة بما تقوم به لمكافحة الإرهاب والتطرف، يُسقطها ويفضحها ويجعل مما تقوله كومة هراء مقززة عليها أن تلتهمها بمفردها وجبة واحدة أو على دفعات بمشاركة من أتت على ذكرهم!. الحكومة السعودية تواصل بذل الجهود لتحسين قدراتها على مكافحة الإرهاب والأيديولوجيات المتطرفة، والأنظمة السياسية في عمان والرياض والدوحة وأنقرة وأبو ظبي قامت بسن تشريعات ولوائح لمواجهة مشكلة المقاتلين الأجانب، يقول التقرير الأميركي بكل وقاحة، لكنه لا يتساءل بماذا عن المقاتلين غير الأجانب الذين يحملون جنسيات هذه الكيانات الإرهابية، ولا تثيره الفتاوى الوهابية بالغزو والقتل وقطع الرؤوس، ولا يطرح أي سؤال عن الحدود والموانئ والمطارات والبنوك المفتوحة للإرهابيين، كما لا يسأل عن المصادر التي توفر المال والسلاح والمخازن والمستودعات للإرهابيين، ويتجاهل المنابر والقنوات التلفزيونية والإذاعية والالكترونية التي تدعو للتطرف وتُجند للفتنة والذبح والإرهاب!. لا يسأل الأميركي في تقريره عن كل ما تقدم، ولا عن الكثير من مفردات الإرهاب الأخرى الوهابية الصهيونية التي كان يجب أن يتناولها، لا لأنها لم تكن لافتة، ولا لأنها غير ذات أهمية، ولا لأن تقييمه لها مختلف عن تقييمات العالم، ولا لقلة معلومات متوافرة بين يديه عنها، بل لأن كل ما تقدم هو في الواقع منصات للإرهاب الصهيوني الوهابي الأميركي الذي تقوده واشنطن، لتكون وتبقى بذلك أميركا منصة الإرهاب الأولى، وهو ما يجعل منها في الحقيقة والواقع المثال والأنموذج الذي يجسد مقولة برناردشو!. |
|