تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مسمار جحا وسندات الخزينة الأوروبية !!

منطقة حرة
الاثنين 4-2-2013
د: حيان أحمد سلمان

كلما قرأت في الأدبيات الاقتصادية عن سندات الخزينة الأوروبية تذكرت حكاية (مسمار جحا ), وبغض النظر شخصية (جحا ) حقيقية أم وهمية , لكن مضمون الحكاية أن جحا عرض داره للبيع فاشتراه جاره

, ولكن اشترط جحا أن يحتفظ بملكية مسمار معلق في حائط الغرفة الأساسية , فوافق المشتري ببراءة وانطلت الحيلة عليه , ولكن في صبيحة اليوم الثاني ذهب جحا لزيارة مسماره فرحب به جاره واستضافه وقدم له الطعام , وتكررت الزيارات يوميا , ومرة أتى جحا لزيارة مسماره وجلس طويلا وتناول الغداء والعشاء وبعدها خلع عباءته وأراد النوم , فسأله جاره ماذا تريد أن تفعل ؟ ! فقال له جحا أريد أن أنام في ظلّ مسماري , فصرخ جاره وقال له أرجوك خذ البيت ولا أريد شيئا منك إلا أن تعتقني من زياراتك اليومية (انتهت الحكاية بتصرف) , وبالعودة إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من أزمة اقتصادية لم تشهدها أوروبا في تاريخها , ورغم اعتمادها على عدة إجراءات للخروج من الأزمة ومنها (سياسة التسيير والتدخل النقدي وضخ المزيد من السيولة والاقتراض من الخارج لمواجهة أزمة الديون ...الخ ) , إلا أنها لم تستطع التقليل من تداعيات الأزمة الاقتصادية ومع مطلع عام 2013 تمّ تفعيل طرح سندات الخزينة والتي هي (أوراق مالية حكومية تطرحها الدول لمدة تزيد على سنة ولا تتجاوز /30/ سنة وتلتزم بموجبها بسداد عائد سنوي عليها وتكون على المستويين المتوسط والطويل الأجل) , وهذا يميزها عن أذونات الخزينة والتي تخصص لفترة قصيرة عادة تتراوح بين /3/ أشهر وسنة , والهدف من سندات الخزينة هو زيادة الكتلة النقدية لتجاوز النقص في السيولة وإمكانية التمويل و مواجهة التضخم والكساد وزيادة معدل النمو الاقتصادي ..الخ , فدول الاتحاد الأوروبي /27/ دولة وخاصة دول منطقة اليورو /17/ دولة تداعت لطرح سندات خزينة لمواجهة مشاكلها الاقتصادية , والتي ابتدأت بشكل كبير مع اليونان واسبانيا والبرتغال وايطاليا , وهنا تدخل البنك المركزي الأوروبي للدعوة لطرح السندات للبيع ليتاح التدخل في موازنات هذه الدول وتطبيق السياسات التقشفية التي يدعو إليها , وأيدت هذا ألمانيا بتوجيه من مجلس الحكماء الاقتصاديين والذي يضم /5/ من الاقتصاديين الألمان المتميزين , وهذا صرحت به علنا المستشارة الألمانية ( إنجيلا ميركل ) بهدف تقليل العجز في الموازنات وتفعيل الطلب الكلي حيث تراجعت ثقة المستهلكين في الاقتصاد الألماني الذي يعتمد أساسا على التصدير, ولذلك تم التركيز على تطبيق سياسات تقشفية تتعلق بالإنفاق الاستهلاكي والتركيز على الإنفاق الاستثماري , كما حصل في اليونان بإلزامها بتخفيض الإعانات الاجتماعية لكي يتم تقديم المساعدات المخصصة لها والبالغة /31,5/ مليار يورو لإنقاذها من خطر الإفلاس المالي وتجنب الهاوية المالية , فهل سيأتي يوم تقول به الدول الأوروبية للدائنين هذه مؤسساتنا المفلسة لكم فصفوا حساباتكم وتوقفوا عن زياراتكم كما فعل جار جحا ؟!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية