تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


على الأقل

معاً على الطريق
الاثنين 4-2-2013
أنيسة عبود

اترك لي فسحة لتتدرج دموعي من بابك إلى باب المدينة

أو قل بأنك تحزن عندما تراني كشفق بعيد ..‏

على الأقل ..ارم لي غيمة قبل الرحيل ..أو اترك لي طريقا" تدلني على مكانك البعيد‏

على الأقل ..أغلق باب الهواء , كي لا تطير الأخيلة .‏

..................‏

هو الحزن الذي ينسج قمصاني كل ليل‏

كأني بنيلوب في صبرها‏

كأنني التي تبحث عن روحها ..‏

هباء هذا العالم ..كأنه قش في سلة العمر ..وكأن الوجوه التي خلفي غبار‏

..................................‏

دونك , هذا الفضاء جلادون ..‏

ودون يدك تفتح الباب , لا أبواب ..ولا مغاليق ..ولا مرايا نعلق في انعكاساتها البلاد‏

دونك .كأنني المرأة التي تنام بين قبري ولديها‏

تهزّ لهما الأغاني والدموع ..لا هما يصحوان ولا هي تنام‏

دونك هذه البلاد ليست لي‏

أعور دجّال ..ويأجوج وماجوج ..وزليخة تزغرد لعريها‏

كم بلقيس نحتاج لنبني سدا" لغربتنا‏

وكم هدهد نحتاج ليحمل نعوشنا‏

لا سليمان يتلفت ..ولا الهدهد ينتظر رجوعنا‏

ألن يبزغ المهدي من وراء الدم .‏

ألن يقرئنا الوقت السلام على رؤوس ذات وقت كانت لنا ؟‏

.............................‏

على الأقل ... أرسل لي مفاتيح الخزانة لأفتح درج التاريخ وأمزق كتبه البالية‏

أرسل الصور القديمة وثيابك القديمة‏

أرسل لي آخر آهة أطلقتها بين الرصاصة والرصاصة‏

أما قلت للذي كان يزرع صدرك بالحراب , بأنك روح وقلب يسير على التراب‏

لك أحباب ..وغرفة في منحنى الروح .وحذاء تيبس جلده من الغياب‏

أو قل ..لعل بشرا" يمرون برأسك ..فيشهق الرأس‏

ستنزل دموع الحسين على جبينك ..لكنك ستظل صابرا" كمريم أو يسوع‏

..................‏

على الأقل ..ليتني أعرف هل بكيت أم شهقت ..وهل تنزّلت السماء نجومها حولك‏

وحولك رجال من عصف مأكول ..وتاريخ تخجل منه الوحوش والقرى الضارية‏

حولك الحقول الباكية ونهر يلم دمك ونساء يحملن الجرار ليملأن صوتك ,‏

كان قلبي وراءك .‏

على الأقل ..خيالك الذي جاء وما جئت ..كأنك ضيعت الطريق .‏

على الأقل .أعد لي القمصان التي تلونت بالغياب وفي جيوبها كومة من العذاب‏

أعد لي رائحتك .على الأقل أعلقها في خزانة الثياب‏

ليس لي ..وليس لك ..ما بقي على الأقل سوى الخراب‏

قد ينضج حزني ويصير حقل قمح تنقره الأيام‏

لن ينبت الزرع في صحاري الزمن القادم .‏

.ولا شجر يظل واقفا" على باب الحريق‏

على الأقل .. ابتعد قليلا"أيها الحزن ...ابتعد إلى سنة غابرة .‏

....‏

هل كنا سفاحون حتى أنجبنا أرضا" دامية‏

هل الوطن لقيط حتى نتبرأ من دمه , ودمه على أكفنا‏

هل ..على الأقل ..؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية