|
اضاءات ولاشك في أنه من حق أي معارضة سياسية أن تصل في السلطة عبر الآليات الديمقراطية المعروفة من خلال البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تطرحها على الرأي العام وتحصد نتائجها عبر صناديق الاقتراع والانتخاب حيث تمتلك حيزاً وقاعدة اجتماعية وازنة تعكس نفسها في الخريطة الحزبية المتشكلة جراء العملية الديمقراطية المشار إليها آنفاً. فالقاعدة اذاً أنه لا وجود لمعارضة بالمعنى السياسي دون وجود سلطة شرعية قائمة، وهنا ندخل في إطار إشكالية المعارضة السورية التي يبدو - من وجهة نظرنا- أنها تقع في مأزق حقيقي وإشكالية موضوعية، فهي أولاً ترفض العمل بقواعد العمل السياسي والديمقراطي المعروفة كي تصل إلى أهدافها، وإذا كانت ذريعتها أن النظام السياسي كان لا يسمح بالنشاط الحزبي خارج إطار مؤسسة الجبهة الوطنية التقدمية وهو كلام صحيح، فإن هذا السبب قد انتفى بصدور قانون الأحزاب الجديد وهو ما رسخه الدستور النافذ، أما التناقض الآخر الذي تقع فيه فهو أنها في حقيقة الأمر لا تطرح شعار (إسقاط النظام) عبر آلية ديمقراطية وإنما إلغاء النظام بل تجريمه، دون أن تعلم أن إلغاء النظام يعني انتفاء أسباب وجودها أصلاً، إذا افترضنا حسن النية في مضمون الطرح دونما إشارة إلى أبعاده ومؤثراته ودوافعه الخارجية إضافة إلى المعارضة الفاعلة هي التي تستطيع إسقاط النظام عبر صناديق الاقتراع لا عبر الشاشات والمؤتمرات والدعوات؟ وبعيداً عما تمت الإشارة إليه فقد ناقضت المعارضة السورية الرافضة لمبدأ الحوار مع السلطة الوطنية السورية كل أدبيات وقواعد العمل السياسي والوطني ومبدأ تداول السلطة بلجوء عدة أطراف منها لمعطى القوة والاستثمار بفائض القوة الخارجي لتحقيق هدفها الواضح وهو الاستحواذ على السلطة، إضافة لاتباعها ثقافة الرفض لكل ما تطرحه السلطة السورية من حلول ومبادرات للخروج من الأزمة، وهنا يمكننا تصنيفها بأنها معارضة من أجل المعارضة فقط على قاعدة الفن للفن. إن ذهاب بعض أطراف المعارضة بعيداً في رهانها على العامل الخارجي أو معطى القوة العسكرية وجرعات المهل الزمنية لتحقيق أهدافها كان ثمنه المزيد من النزيف السوري اقتصادياً وعسكرياً ومجتمعياً ودما، الخاسر الوحيد فيه هو الشعب السوري بكل فئاته وتلويناته سواء كان معارضة أو موالاة والمستفيد منه هم فقط أعداء الشعب السوري وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني وتجار الحروب والأزمات وعاقدو الصفقات في صراع الكبار على السيادة الاقتصادية لعالم اليوم وعصر العولمة المتوحشة. |
|