تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أثر الانسجام والتواصل في الأسرة

مجـتمع
الاثنين 25-12-2017
أيمن الحرفي

يؤكد خبراء علم النفس ضرورة تحقيق الانسجام والتفاهم والتواصل بين الزوجين وهذا بدوره ينعكس على الأسرة بشكل عام ويكون أثره إيجابياً على العلاقة المقدسة. والتي هي أساس المجتمع.

ولتحقيق الانسجام والتواصل في الأسرة على الزوج والزوجة امتلاك قدر كبير من ضبط النفس واللجوء إلى الحوار والإقناع وتغليب الصواب بالتفاهم ضمن دائرة النقاش عندها تتقارب الأفكار ويسود جو الهدوء والحب.‏

والدعوة للانسجام لا تعني خلو حياة الأسرة من أي مشكلة أو خلاف في وجهات النظر والاتفاق التام والمطلق... ولا يعني ذلك ذوبان أحدهما في الآخر.. ولا ننفي التعارض في بعض الأمور الذي تحل بالنقاش والاتفاق.‏

ومن الضروري التذكير بأن الروابط الإنسانية تتمتع بحساسية ودقة، فأي غفلة بسيطة يمكن أن تترك آثاراً مخربة جداً عليها ومثل هذه العلاقة ليست بالأمر الهين حيث تتطلب شروطاً ومواقف وقناعات خاصة فلا بد من حفظها ورعايتها تعتبر أكثر صعوبة وتحتاج لدقة ومراقبة بشكل دائم ونرى كثيراً من الأسر كانت تعيش بروابط وثيقة فترة زمنية طويلة ومنها من عاشت قصة حب توج بالزواج لكنها انهارت أمام حادثة أو مشكلة أو أمر بسيط.‏

فالحياة الزوجية قد تبدأ بالمحبة والتفاهم لكن مع مرور الزمن ورتابة الحياة وروتينية العلاقة الأسرية تفتر هذه الروابط ويتحول هذا التماسك لنزاع وخلاف إن لم نتخذ إجراءات وقائية... ولا بد هنا من معرفة رموز ومفاتيح الروابط العاطفية التي ترضي الطرف الآخر وتقرب ما بينهما وهذا مطلوب من الطرفين بشكل متساو حتى لا نصل بالأسرة إلى حياة ملؤها التعنت والجفاء والتغير والتبدل والتوتر.‏

ويقول الباحث التربوي والاجتماعي عبد العزيز الخضراء:(يستحيل تشابه شخصين وانسجامهما في كل مناحي الحياة فهناك اختلاف في المفاهيم الاجتماعية واختلاف في الأذواق واختلاف في نظرة كل من الزوجين للمياه لذلك لا بد من التسامح والتقارب في محاولة لإيجاد سبل للتوافق إلى أن تصبح الروابط أكثر تقبلاً وأكثر حميمية بحيث تكون بعيدة جداً عن التصعيد في المشكلات وتتمتع بالجدية والحرص والمسؤولية بعيدة عن البرودة واللامبالاة التي تؤجج روح المنازعات.‏

إن أجواء الأسرة غنية بالمشاعر ومن المفروض أن تخيم عليها روح القداسة التي تضع الزوجين في محراب الزوجية يؤدون أقدس واجب وهو إسعاد الأسرة وتربية ناشئتها وتقديمهم للمجتمع طاقات فاعلة وقادرة على العطاء والبناء). يقول أحدهم: تلطف مع زوجتك واقصد أن تجعلها أسعد امرأة وبشرها ولا تنفرها وتحبب إليها بموافاتها بما تطلب واطلب المستطاع كي تطاع.‏

وفي الحياة نجد أسراً تعيش حالات زواج مثالية وحالات زواج فاشلة وحالات عدة ليست ناجحة ولا فاشلة تعيش بين هذا وذاك فحالة الانسجام والاتفاق يرتفع ميزان حرارتها وينخفض من يوم لآخر ومن فترة لأخرى. ومعياره متوقف لأسباب كثيرة في أعماق الزوجين وفي المجتمع الذي تعيش فيه الأسرة فبعضهم نشأ في أسر لا تنتهي فيها الخلافات ويتبعها الحب والمسامحة إلا أن هذا لا يدوم طويلاً إذ ينقلب إلى مشكلات أكبر ومعارك صغيرة أو كبيرة فهذه الأسر غير مستقرة تعيش بين الحب والتفاهم قليلاً وبين الخلاف كثيراً هؤلاء يبحثون عن القلق دون أن يعرفوا ويستنكرون هذا الأمر في غيرهم والأبناء الذين يعيشون هذه الأجواء سينقلونها إلى حياتهم وأسرهم مستقبلاً.‏

لقد تطورت العلوم والأبحاث والدراسات في هذا الشأن من العلاقات الأسرية وإشكالياتها ولا بد في البداية من الإقرار بها وتجنب الغرق فيها بعدم التعنت والكبرياء من أحد الأطراف أو كلاهما والمرونة مطلوبة في الحياة الأسرية وستبدو الأيام والحياة أجمل وأحلى وأكثر إشراقاً.‏

ومن يطلب الحلول للخلافات الأسرية وبأسلوب علمي واجتماعي متوفر وموجود فالعلم والتجارب والأبحاث والدراسات قادرة على تنقية جو الأسرة إن استفدنا منها مع الاستجابة لنداء العقل والعلم ومتطلبات ومسؤوليات الأسرة والتربية والحياة حتى ينشأ جيل متحرر من شوائب الماضي ومن آفات الحاضر ومن تجاربنا القاسية عندها نستطيع أن نفخر بجيل مستقل في شخصيته واعٍ لمستقبله متفهم لمسؤولياته يتمتع بروح الواثق من نفسه والمعتد بإمكانياته قادر على مواجهة الحياة وتحدياتها..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية