|
شؤون سياسية وأول ما فعله الإنكليز قبل صدور وعد بلفور كان تحريك جواسيسهم في المنطقة ليشوا بالوطنيين في سورية الطبيعية من الأحرار الذين شعروا بالمؤامرة الصهيونية التي لم تتحرك ضدها السلطنة العثمانية « الرجل المريض» منذ ظهور مؤتمر بال، والتي دارت مآلتها على يد تيودور هرتزل منذ نهايات القرن التاسع عشر. وكانت أولى قوافل شهداء العروبة والقومية العربية التي ظهرت ملامحها منذ عام 1909 مع تعيين جمال باشا قائداً على المشرق العربي، والذي عرف بنزعته نحو طمس الثقافة العربية وأعمل سياسة التتريك وشكل محاكم تعسفية أحال عليها الوطنيين والمفكرين وأعضاء الأحزاب الوطنية بتهم الخيانة للقضاء على فكرة الاستقلال. وبدأت الإعدامات على يد جمال باشا السفاح في 21 آب 1915 في دمشق ثم في بيروت حيث أعدم 11 زعيماً وطنياً ثم إعدام الدفعة الثانية في 6 آيار 1916 في بيروت، وكان عددهم 14 شهيداً وإعدام 21 آخرين في ساحة المرجة التي لا تزال تروي قصص الأبطال الذين سجلوا صفحات ناصعة في تاريخ بلاد الشام وسورية. واليوم كما في الأمس يسعى الاستعمار والامبريالية إلى إخضاع بلادنا بافتعال الأحداث الارهابية وتسليح المتشددين العابرين للدول وتدسهم في ربوع بلادنا ليعملوا مع عصابات أشرار من أرباب السوابق إضافة إلى تضليل البعض لضرب سورية من داخلها وتفتيتها وتخريب مؤسسات البلد والتحضير لواقع عربي أكثر من رديء ولتستمر باستهداف كل ما هو سوري، إذ لم يكفنا يوماً الانتداب الأوروبي ولا تفتيت سايكس بيكو لبلادنا ولاالاحتلال الصهيوني لفلسطين منذ عام 1948. ومكتوب علينا أن تتواصل قوافل الشهداء لأن قضايانا المصيرية لم تواجه يوما بروح الاستسلام والمساومة والانقياد والتبعية للاستعمار. وسورية التي تقدم الشهداء في تاريخها الحديث والمعاصر قافلة تلو أخرى من أجل الاستقلال والسيادة منذ عام 1916 مروراً باستقلالها عن المستعمر عام 1946 وشهداء 1967 و1973 و1982 وكل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن، ستظل منتصرة بتضحيات أبنائها في كل الميادين وستنتصر على مؤامرة المثلث المتصهين المتأمرك تركيا وقطر والسعودية وتقدم الشهداء الأبرار الذين يدافعون عن استقلال الوطن. عيد الشهداء أكرم من في الدنيا يحتفى به كل عام إجلالاً لأرواح كل الشهداء الذين سقطوا عبر تاريخ الأمة العربية ولاسيما منذ عام 1916 الذين مثلوا باستشهادهم لحظة مفصلية أظهرت التفاف السوريين حول أهداف الاستقلال والسيادة التي لا تؤخذ بالتمني والاستجداء بل هي حق يكتسب بالتضحية ويحافظ عليها بالدماء. فلولا الشهادة لماتت الأوطان وسادت الفوضى وعاث الأشرار فساداً في الأرض ولكانت الفتن التي لا يستفيد منها سوى من سعى إلى إيقاظها. |
|