تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شهداؤنا ربيع أرضنا

مجتمع
الأثنين 7-5-2012
ناديا سعود

لم أكن أعلم مسبقا العلاقة الوطيدة بين الربيع الذي يبلغ اوجه في ايار وبين عيد الشهداء , عندما أرى تربة وطننا ترسم لوحتها الرائعة من أزهار الأقحوان الاصفر والخزامى وشقائق النعمان الحمراء ، ينتابني أحساس أن الوطن بأكمله تحول إلى سجادة صلاة سورية رائعة ، هذه الأرض التي نبت زهرها على رفاة الأولياء الصالحين ، أبت إلا أن ترصع ترابها برفاة شهدائنا الأبرار .

عيد الشهداء هذا العام لا يشبه ما سبقه من اعياد حيث أن هذا العيد بخصوصيته يأتي متزامنا« مع عدوان» على سورية لم يشهد التاريخ مثله مثيل ، فعام 1956 كان سابقة بأن تشن ثلاث دول استعمارية حربها الضروس على مصر ،ولكن اليوم تعدى العدوان على سورية أن يكون ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً بل تكاد الحرب العالمية أن تحاكيه بضخامة ووحشية هذا التحالف الاستعماري ، ولكن جيشنا وشعبنا كما هو معتاد وكما هو مأمول منه ، عاد وفتح صفحات التاريخ،سعيا» وراء نصر جديد على أضخم وأبشع عدوان تعرضت له سورية في العصر الحديث، ولعل أهم عنوان لهذه الصفحة الجديدة والمشرقة من تاريخنا على دمويتها وضراوتها هو الشهادة، فسورية شعباً وجيشاً وقائداًقررت ألا تنحني أمام هذا العدوان الذي امتطى مطالب الناس بالاصلاح، فراح يخرب سورية ويدمر مؤسساتها وبناها التحتية، فكان الذي يطالب بالاصلاح على هذه الطريقة يذكرنا بهولاكو، عندما غزا البلاد العربية ودمرها وأسرف في قتل أهلها.‏

أما هذه الشلالات من الدماء التي حولها الإعلام الرخيص العميل إلى أرقام، ليدرب المواطن العربي على سماعها، تأبى أن تمرر لهذا الاستعمار المتجدد أهدافه، وها هو عيد الشهداء يتقدم إلينا هذا العام، ومذيعون ومذيعات القنوات المتواطئة يرددون أرقام القتلى في مصر وفي ليبيا وفي العراق وفي سورية، بطرب معتقدين أن الدماء التي تسقط ربما تذهب أدراج النسيان، فقد فاتهم أن هذه الدماء إنما تعمق الذاكرة وترفع الهمم وتزيد قدسية الأوطان.‏

عيد الشهداء هذا العام وصل إلينا في السادس من أيار بلونه الأحمر، وقد غصت مساءات هذا الوطن وصباحاته بزغاريد النسوة المستقبلات لمواكب الشهداء، يأتي عيد الشهداء والوطن يلف أعلامه على جثامين الأبطال ليؤكد هويتهم الوطنية، عيد الشهداء هذا العام يذكرنا بالمشانق التي نصبها العثمانيون الأتراك في السادس من أيار، لقتل مثقفينا ومفكرينا وعلماءنا، تماما»كما يسعى المتآمرين لقتل علمائنا ومفكرينا هذه الأيام، والفارق الوحيد أن القاتل الذي شنق الشهداء في ساحة المرجة في السادس من أيار كان هو العثماني التركي بعينه، أما اليوم فإن الذي يقتل علمائنا وطاقاتنا الخلاقة، يدعي أنه عربي وسوري لكنه يرفع العلم التركي ذاته جهارا» نهارا» من دون خجل، وكأن المتآمرون مصرون على إعادة نصب مشانق السادس من أيار، لكن هذه المرة بالوكالة أو النيابة عن الأتراك، فتأتي الجريمة بحق الوطن محمولة على ذلك العلم الذي رفعه جمال باشا السفاح وهو علم تركي. كلما نبت زهرنا على أرضنا، كلما تذكرنا أن فاتحة ستقرأ، وأن قلبا» يحاصره الوجع يشتاق لمن تحول دمه إلى أزهار شقائق حمر ترسم الوطن وترسم المستقبل وتشير إلى الماضي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية