تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليوم مراسم تنصيب بوتين رئيساً لروسيا.. العلاقات السورية الروسية.. إرث تعاون وتنسيق تاريخي غني يتجاوز حدود الصداقة التقليدية

سانا - الثورة
أخبار
الاثنين 7-5-2012
تجرى اليوم مراسم تنصيب فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا الاتحادية في وقت يمر فيه العالم بمخاض بدأت تظهر ملامحه بفقدان الولايات المتحدة لزعامة العالم وكان للعديد من التطورات والاحداث الدولية في الشرق الاوسط دور بارز

في بلورة نتائج هذا المخاض التي ظهرت طلائعه في المواقف الروسية مما يحصل في العالم والشرق الاوسط ومن المؤامرة الاميركية الغربية الاقليمية على سورية والمواقف الروسية ازاء الازمة في سورية النابعة من المبادئ العامة والاستراتيجية للسياسة الخارجية الروسية وتاريخ الصداقة السورية مع روسيا الاتحادية ومع الاتحاد السوفييتي السابق.‏

فقد اتسم خط سير العلاقات السورية - الروسية عبر تاريخها الطويل بالثبات والاستقرار والديمومة رغم كثرة الاحداث وسرعة التطورات المتلاحقة في العالم ما يجعلها تتجاوز حدود الصداقة التقليدية لتؤسس مستوى استراتيجيا من التعاون والتنسيق الشامل والجامع للملفات والقضايا السياسية والاقتصاد والاجتماع منطلقة في ذلك كله من قاعدة ثابتة هي الرؤية المشتركة لكل ما يتصل بقضايا العالم والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك.‏

فدمشق وموسكو تدعوان دائما الى بناء منظومة علاقات جديدة في السياسة الدولية تقوم على التوازن والتعددية وكسر احتكار القطب الاوحد لمشهد الحياة السياسية مع ضرورة فتح صفحة تتخلى عن ارث ومخلفات الحرب الباردة وترفض اللجوء الاحادي لاستخدام القوة كسبيل لحل الازمات الدولية وتتمسك بالحوار كمبدأ أساسي في العلاقات بين الدول بالتوازي مع منع استغلال المنظمات الدولية من قبل قوى كبرى بهدف النيل من دول لا تسير في فلكها أو تتمسك باستقلالها وسيادتها في مواجهة محاولات التدخل الخارجي.‏

وانطلاقا من ذلك أعلنت روسيا دعمها لسورية ووقوفها الى جانبها في مواجهة محاولات قوى غربية واقليمية تستخدم الارهاب وسيلة للتدخل في شؤونها الداخلية بهدف فرض أجندات سياسية تعارض مصالح الشعب السوري لتجسد ذلك في الفترة الماضية من خلال استخدام حق النقض الفيتو مرتين في مجلس الامن لمنع تلك القوى من تمرير مخططاتها التدخلية ضد سورية عبر المنظمات الدولية بما يخالف الاسس والمبادىء التي قامت عليها وهي حماية الامن والسلم العالمي مع احترام سيادة كل دولة على أراضيها واستقلالها الكامل وحق شعبها في رسم مستقبله بعيدا عن أي ضغوط وتدخلات خارجية.‏

وأكدت روسيا مرارا أن دعمها لسورية لا ينطلق من اعتبارات شخصية ومصلحية ضيقة بل يستند دوما الى مصلحة الشعب الروسي والشعب السوري ومبدأ احترام سيادة الدول الذي أقره القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة كما أن هذا الدعم هو موقف مبدئي وثابت وغير خاضع للمساومة والضغوط والاغراءات.‏

وشهدت مراحل العلاقات السورية - الروسية التي تعود الى بدايات استقلال سورية وقيام الاتحاد السوفييتي أوائل الاربعينيات من القرن الماضي تطورا دائما بمستويات مختلفة لتشهد بداية العام 2000 قفزة نوعية جديدة حققت دفعا مهما في المجالات كافة أضاف الى ارثها الغني أصلا تعاونا فعالا على المستويين الرسمي والشعبي بما يخدم مصالح البلدين الصديقين وقضايا المنطقة والعالم.‏

وتتجلى رغبة البلدين والشعبين في تمتين وتعزيز العلاقات التاريخية واستمرار التشاور والتعاون بينهما ازاء الاوضاع الاقليمية والدولية من خلال تواصل المشاورات واللقاءات والاجتماعات الثنائية وعلى المستويات كافة السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها بهدف مزيد من التقدم بما يحقق مصلحة شعبي البلدين اضافة الى التشاور والتنسيق المستمر ازاء قضايا المنطقة ومستجداتها وقضايا العالم مع تأكيد الجانبين وحرصهما في كل لقاء مشترك على المضي قدما في تعزيز علاقات التعاون هذه على جميع الصعد.‏

وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين موسكو ودمشق التي تعود لعام 1944 مميزة ووطيدة على مختلف الصعد حيث تمثلت على الصعيد الاقتصادي بالتعاون الوثيق بين سورية والاتحاد السوفييتي سابقا ما أثمر العديد من المشاريع الاستراتيجية المهمة منها سد الفرات ومحطتا البعث وتشرين لتوليد الطاقة الكهربائية ونحو الفي كيلومتر من خطوط السكك الحديدية وغيرها من المشاريع الحيوية الاخرى.‏

وشهدت العلاقات السورية - الروسية خلال السنوات الماضية مزيدا من التطور ترجمته الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين على أعلى المستويات للتشاور في المستجدات الاقليمية والدولية وتطوير التعاون الثنائي المشترك حيث فتحت الزيارات الثلاث للسيد الرئيس بشار الأسد الى روسيا وآخرها التي قام بها عام 2008 تلبية لدعوة من الرئيس ديمتري ميدفيديف آفاقا واسعة لتطوير العلاقات السورية - الروسية ودفعها الى الامام وعكست التفاهم والتنسيق حيال القضايا على المستويين الاقليمي والدولي اضافة لحرص الجانبين على تعميق وتمتين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.‏

وعكست زيارتا الرئيس الأسد الى موسكو في عامي 2005و2006ومحادثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين والمسؤولين الروس والاتفاقيات التي تم توقيعها في المجالات السياسية والاقتصادية العلاقة الجيدة والمتطورة بين سورية وروسيا وحرصهما على التنسيق المستمر تجاه مستجدات الاوضاع في المنطقة والعالم والاتفاق حول القضايا التي طرحت.‏

كما جاءت زيارة الرئيس ميدفيديف في أيار عام 2001 الى سورية تتويجا لرغبة البلدين القوية بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما والارتقاء بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات الى آفاق أوسع ولاسيما في المجالين الاقتصادي والتجاري اضافة الى تأكيد البلدين دائما تمسكهما بمبادئ وأحكام القانون الدولي والالتزامات المنبثقة عن ميثاق الامم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية النافذة التي تكون سورية وروسيا طرفا فيها.‏

وينظم العلاقات التجارية بين سورية وروسيا عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات التجارية ويأتي في مقدمتها الاتفاق الموقع بين الحكومتين السورية والروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والفني الموقع في دمشق عام 1993 والذي نص على اتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وتشجيع المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي والفني ودعم التعاون في مجالات الطاقة والري والزراعة والصناعة والنقل والنفط والتجارة ومنح معاملة الدولة الاكثر رعاية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب اضافة الى الاتفاق على تسديد المدفوعات بين البلدين بعملات قابلة للتحويل بصورة حرة وتسهيل وتنشيط اقامة المعارض الوطنية والدولية.‏

وأتاحت اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي التي وقعتها سورية وروسيا في دمشق في أيلول عام 2000 فرصا كبيرة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين على صعيد القطاعين العام والخاص وكذلك الامر بالنسبة لاتفاقية التعاون الموقعة بين اتحاد غرف التجارة السورية وغرفة التجارة والصناعة في روسيا الموقعة عام 2000 التي أسهمت في توطيد وتوسيع علاقات العمل التجارية والاقتصادية بين رجال الاعمال في البلدين.‏

ووقع مجلس رجال الاعمال الروسي - العربي واتحاد غرف التجارة السورية في عام 2004 اتفاقية اللجنة الثنائية الروسية السورية قبل أن يوقع البلدان بعد ذلك بأشهر قليلة وثيقة الاعلان المشترك حول مواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.‏

وعلى صعيد السياحة أسهمت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بتوسيع التعاون السياحي وتطوير الموارد السياحية والاقتصادية المشتركة ما أسهم باطلاق مشاريع سياحية لمستثمرين روس منها مشروع اقامة منتجعين سياحيين على الشاطئ السوري بقيمة 130 مليون دولار.‏

كما تقدم سورية تسهيلات للسياح الروس من حيث منح تأشيرات الدخول للمجموعات الروسية بصورة مجانية في المطارات وعلى الحدود مباشرة.‏

وتزود روسيا سورية بالمنتجات النفطية والمواد الكيميائية والعضوية والمعادن والخشب والتجهيزات والاسمدة والورق والانابيب والجرارات والذرة والاعلاف في الوقت الذي تستورد فيه روسيا من سورية المنتجات الغذائية ومنتجات الصناعات الخفيفة والخضار والفواكه والمنتجات النسيجية والخيوط والالياف والقطن والاحذية والادوات المنزلية ومصنوعات الاستعمال الشخصي والزينة والاثاث.‏

كما واصل اتحاد غرف التجارة السورية العمل مع مجلس رجال الاعمال الروسي - العربي على تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية السورية - الروسية من خلال السعي الى اقامة الاسواق والمعارض التجارية في كلا البلدين مع الحصول على الاعفاءات والرسوم الجمركية لادخال البضائع الى كل منهما والعمل على توقيع اتفاقية لتشجيع وحماية وضمان الاستثمارات المتبادلة على غرار الاتفاقيات التي سبق توقيعها مع العديد من دول العالم وتوقيع اتفاقية لتسهيل النقل البري والبحري بين البلدين والعمل على اقامة مصرف مشترك روسي -سوري لتسهيل عملية التبادل التجاري بين البلدين.‏

وتظهر قراءة بعض البيانات المتعلقة بالمبادلات التجارية بين البلدين تطورا واضحا في حجم المبادلات التجارية وتتم متابعة علاقات التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني بين البلدين عن طريق الاجتماعات الدورية للجنة المشتركة السورية - الروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والفني التي تعقد سنويا بالتناوب في كل من دمشق وموسكو.‏

ويعمل العديد من الخبراء الروس في سورية وتقدم الشركات الروسية مساعدات تقنية في ميدان الطاقة والنفط والري والثروة المائية اضافة الى استمرار تطور التعاون في مجال اعداد الكوادر السورية في الجامعات والمعاهد الروسية من خلال تقديم المنح الدراسية الحكومية للطلبة السوريين ويتم تبادل الوفود والخبراء بين الاكاديميات العلمية في البلدين.‏

وجمهورية روسيا الاتحادية تقع على مساحة تمتد على 17 مليون كيلومتر مربع وتقع في أجزاء من قارتي آسيا وأوروبا وعدد سكانها يتجاوز 150 مليون نسمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية