|
مسرح أما تفاصيل العرض لم تخرج عن الإطار نفسه ،أو تكسر المألوف، فكان الأبطال محكومين في كل حركة وفي كل توجه،رغم الذات التواقة للانطلاق في الفضاءات الرحبة ،إنهم في رقعة الشطرنج تلك التي تضع شروطها و تحدد كل شيء ، كما ترسم التحركات على هواها ، فتتمثل شروط الحياة ،التي تتلون و تتعدد مع كل بيدق، يريد أن ينطلق ،هذه هي مسارات أحداث العرض (تشيس) إشراف وتدريب الفنان (مؤيد الخراط) مع آخرين و برعاية منظمة شبيبة الثورة ، فالعرض كان تتويجا لورشة عمل مسرحية، امتلكت شروط فنية خاصة لموهوبين ،قدموا تجاربهم الحياتية الطازجة ،فأرخت الحيوية والبهاء على أجواء العرض ،وقد أتحفتـه الورشة بواقعية مشكلاتها من جهة ،و تفاصيلها الشفافة المقنعة ،و القريبة من الحياة بكل معطياتها من جهة أخرى، حيث الغوص في تفاصيل حياة كل بطل من أبطال العرض ،والذي قدم كل منهم مونولوجاً جريئاً و صريحاً و واضحاً ، نضب جوانية الدواخل بكل شجاعة ،وطرح ما عنده، مر على كل المساحات، ووقف عند ذاته ،فلم يبح إلا لنفسه ،و اعترف بكل مشكلاته ،والصعوبات التي أرخت بظلالها على كل حياته ، فكل منهم تحدث عن شخصه، و كل عمل على مشكلته، و مشاعره متعمقا في كل الخفايا ، ثم يعترف ببوح جميل قربنا من عوالمه ،أداء خاص صور انعكاسات المشكلة تلك بروح التجربة المعاشة ، فتعددت أمامنا الحالات الأعمق و المشكلات ،عبر النماذج الكثيرة، كأن يطرح أحدهم مسيرة حياته، و عقدته من خلال اتهام أهله لخطيبته، بأنها وجه نحس ،بعد أن توفي الأب بعد يوم من مجيئها لزيارتهم بهدف التعارف ، و هنا بدأ الصراع مع الأسرة، و التي تؤمن بتلك المقولات،حيث شكلت عثرة حقيقية في وجه خياره، فتشكلت عقدة في حياته ،بقيت تطارده لمدة طويلة، و من خلال هذه الحادثة، صور معضلة عامة ، تصنعها بعض العادات و التقاليد، تلك التي تعتمد على مقولات مألوفة، يعتمدها البعض دون أدنى مراجعة أو تفكير، معترفون يعملون بها كشرعة دائمة تحكم حياتهم ويفرضونها على الآخرين ، و هذه كانت محور الاهتمام لأحد شخصيات الشطرنج شخصية تالية تروي مشكلتها التي تأتت بتأثير الأسلوب التربوي ،الذي يترك بظلاله على الفرد مدى الحياة ،إن لم يكن سليما ، و قد قيدت شخصية البيدق التالي مشكلة محاولة الأهل الدائمة ، بفرض نموذج الأخ المحامي الناجح عليه، متناسين ومهملين لشخصيته الخاصة و ميوله و خياراته في الحياة ،يمحونها كأنها ليست حاضرة، اهتم العرض بقصص حقيقية من الحياة، حتى لو كانت فردية ،إلا أنها تقترب من مشكلات عدة تهم الآخرين عبر تفاصيلها الإنسانية ،و جمالية الطرح المختلف في هذا العرض ،تبلورت في بساطته ،فاستطاع ببنيته الدرامية الخاصة والمتشابكة ، وعبر شفافية تجارب شخصياته ،ثم دقته في إظهار آليات التفاعل بين الشخصية و مشكلتها ثم أثارها و التعمق في مختلف أبعادها الحياتية ،ثم النفسية والاجتماعية ،أن يحقق الخصوصية في الطرح المسرحي ، ويعطي للعرض أبعاد عميقة نقلها بأسلوب فني ممتع ، كما أن الحلول الإخراجية، ساهمت في الفرز لكل مشكلة على حدة ،في نفس الوقت الذي جمعها رابط واحد،وقد تمكن (تشيس ) تجسيدها بإضفائه جماليات فنية ،استطاعت أن تقدم طرحا جديدا من خلال تفاصيل خلاقة. حول الأسلوب الإخراجي و توافقه مع الفكرة و الحلول الفنية تحدث الفنان (مؤيد الخراط ) قائلا: استخدمنا رقعة الشطرنج التي تتحرك الأحجار عليها،و تنتقل بكل هدوء من مربع إلى آخر ، ليبدو شيئا فشيئا أن حركتهم تلك ،و مساحاتهم التي يتجولون بها ليست بأيديهم، فهناك من يتحكم بكل ذلك، و هو الرابط بينهم، وقد ركزنا على آلية تفاعل كل شخصية مع عالمها و انعكاس ظروفها ،فهي تحكي مشكلاتها الخاصة ،عندما تصل إلى مكان ما ،حيث يبعدها عن الموت و الخروج من الرقعة فاصل قصير، فتبدأ في الكلام كمن يعلن و يقدم تجربته قبل اللحظات الأخيرة، فيقول وصيته ،ويوصل ما يريد ثم يموت، لكن بعد أن يبوح بما عنده في لحظة هي فاصلة، يمكنها أن تقدم الكثير، و قد عمل العرض وفقها مع كل النماذج ، فمنحته هذه الفكرة فرادتها ، خصوصا أنها تمتلك مكانتها عند المتلقي في الحياة ،كما وتابعت الفكرة التزامها بأصول اللعبة المسرحية عبر رقعة الشطرنج،التي منحت البيادق قليلا من الوقت للبوح. أما بالنسبة للحلول الإخراجية ،لا بد لفنان من أن يبحث عن حلول فنية و أسلوب، يترجم النص المسرحي و الأفكار و شكل العلاقات فيه، وخصوصاً أن عرض (تشيس) اعتمد على خلاصة ورشة عمل و أفكار و مقترحات كثيرة، و لا بد من مزاوجتها من جهة أخرى مع المؤثرات،و الضوء و الأداء و الفكرة ،و قد اعتمد العرض على شاشة سينما خلفية ،حيث امتلكت وجودها المبرر الدرامي الدقيق، و استطاعت أن تلعب دوراً مهماً في الربط بين مجريات العرض ،بما قدمته متداخلاً معه، فشكلت أرضية مقنعة و رابطا، تداخلت مع مونولوج كل شخصية على حدا ،والذي تقتحم الشاشة عالمها،ثم تظهر الأيادي تشير عليها و توجهها و تملي عليها مسيرتها ، قد تكون تلك الأيادي مهمة ،و قد تحمل الكثير من التوقعات ،لكن لسنا معنين بالتدقيق بها ،في نفس الوقت المطلوب به حضورها، لكن يهمنا تأثيراتها على الشخصيات ،صاحبة المشكلات الواقعية بامتياز. الممثلون :(ليلاس ماردني) ( نور ديراني) ( حيدر بريج) ( جواد البعيني) ( ريم مقدسي) ( غالية سردار) ( قمر السيدة) ( نوار لكود) ( محمد الفرخ ) (شربل كريم) أما الأشراف على الورشة (مؤيد الخراط ) (احمد مرتضى (حمدي هنداوي) |
|