تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قنديل البحر.. هل يغزو المحيطات؟

علوم وبيئة
الثلاثاء 18-9-2012
اكتشف العلماء قنديل بحر من فصيلة توريتوبسيس يتمتع بقدرات عجيبة تجعله لا يموت فهو قادر على تجديد خلاياه بحيث يعود إلى مرحلة الشباب على الدوام فلا تكون لديه مرحلة شيخوخة تنتهي بالموت.

ومن المعروف ان قناديل البحر تمر بمرحلتين من النمو، فترة ما قبل النضوج ثم النضوج حيث تستطيع عندها التكاثر وإنتاج قناديل بحر أخرى ثم الموت.‏

إلا أن الأمر الاستثنائي لهذه الفصيلة المكتشفة حديثا أنها تستطيع أن تمر بهذه المرحلة بالعكس بمعنى أنها مجرد أن تصل لمرحلة البلوغ تستطيع العودة لمرحلة عدم النضوج مرة أخرى ثم النضوج ثم عدم النضوج وهكذا لذا لا تصل لمرحلة الشيخوخة أبدا وبالتالي لا تموت بصورة طبيعية.‏

وهذا المخلوق العجيب الذي لا يتجاوز قطره 4 إلى 5 مليميترات تصنيفه العلمي هدرواني ويتكاثر بشكل لاجنسي أي دون الحاجة إلى وجود ذكر وأنثى وهو المخلوق الوحيد المعروف حتى الآن بخاصية الرجوع إلى مرحلة ما قبل البلوغ من خلال تطور معين في الخلايا وهي عملية تحدث بشكل طبيعي عند هذا النوع من قناديل البحر.‏

ويعيش هذا النوع من قناديل البحر في المياه الاستوائية الدافئة وهو سريع التكاثر والانتشار بشكل استحوذ على اهتمام علماء الحياة المائية الذين أصبحوا يخشون هجوما صامتا لهذا النوع من القناديل لمحيطات العالم لأنه لا يموت أو يفنى من تلقاء نفسه إلا عن طريق مؤثر خارجي.‏

ويعكف العلماء بشكل كبير حاليا على دراسة هذا النوع من المخلوقات المائية وسر عملية استرجاع الشيخوخة التي تميزه عن باقي المخلوقات.‏

وقناديل البحر بشكل عام هي عبارة عن مخلوقات رخوية ضعيفة متفاوتة الأحجام ذات ألوان جذابة حمراءوخضراء وبيضاء وصفراء. تعيش القناديل في المياه المالحة غالباً، وليس لها عقل ولا قلب ولا عظام ولا دماء ولا خياشيم أو عيون. مع ذلك فهي تحس بالخطر وتتذوق الطعام وتتفاعل وتدرك الضوء وتتوازن وتسبح في الماء، وعندما يهاجم القنديل فإن سمه يمكن أن يقتل الإنسان في أقل من خمس دقائق!!‏

وهناك أكثر من مئتي نوع مختلف من قناديل البحر تم العثور عليها في محيطات وبحار العالم. ويشكل الماء نحو 95 % من جسم قنديل البحر. وأحياناً يكون للقنديل أكثر من فم، وهو يتغذى بواسطة مجساته الطويلة وأهدابه التي تحيط بالفم وتلتقط الأسماك الصغيرة ويرقات القشريات.‏

المثير للدهشة أن هذه القناديل الضعيفة أكبر مفترس بحري على الإطلاق وعمرها يزيد على 650 مليون سنة أي أقدم من الديناصورات. وهي تتسبب بقتل 10 آلاف شخص سنوياً.‏

وقناديل البحريمكنها أن تصنع الشكل الذي تريد، وتعد من أجمل الكائنات البحرية.. وتتشابه مع المرجان وشقائق النعمان.. أما سمها فتصل درجته إلى 75٪ من سم الكوبرا الملك.‏

اكتشف الإنسان من قناديل البحر ما يزيد على 250 نوعاً، 75٪ من هذه الأنواع تعد خطرة على حياة الإنسان، فقد تسبب له تشنجاً عضلياً أو بعض الأمراض المستعصية أو ربما القتل في أغلب الأحيان.. ومصدر سمها يأتي من الحبال المتفرعة من بطنها التي تنتهي بخلايا الوخز التي تحتوي على إبر حادة وسامة تنطلق كالمدفع عندما يتم استثارتها.‏

ولم يعرف العلماء حتى الآن أحداً يتغذى على قناديل البحر سوى أنواع معينة ونادرة من السلاحف، وقليل من الأسماك، كذلك نوع من السمك يسمى (نوميوس قرونوفي) ذي اللون المخطط بالأزرق والفضي يقضي معظم وقته وهو يتغذى على حبال القناديل الحية مكوناً لنفسه حصانة ضد سمها القاتل وبعض الأحيان تلصق على جسمها هذه الحبال لتدافع عن نفسها.‏

وقناديل البحر تستخدم حاسة الشم للتعرف على الفريسة وتحديد مكانها قبل الانقضاض عليها.‏

يتجنب الناس القناديل خوفاً من لسعاتها السامة. وتملك القناديل كبسولات بها شعر يحس بالخطر. ولكل كبسولة سدادة وكيس سلكي داخلي يقوم بعملية اللسع ومهاجمة الفريسة إذا اقتربت عن الحد غير المسموح. ويتولى الشعر الموجود فوق الكبسولة رصد أي جسم خارجي وعندما يقترب يندفع كيس السلك ويطلق الكبسولة مثل رمح الصيد.‏

مخلوق ينبثق من المحيط، مخلوق موجود منذ ما قبل التاريخ، لا عظام له ولا دماء ولا عقل، لقد عاش ونجا لمدة نصف مليار سنة، إنه قنديل البحر، عجيب، أنيق لكنه مسلح بأسلحة خطيرة ومميتة، بشكل غير موجود عند أي مخلوق آخر على الكوكب، وقريبا قد يسيطر هذا المخلوق الذي لا عقل له على المحيطات، حشود قناديل البحر المندفعة بالملايين، والعلم لا يعرف تقريبا أي شيء عنها، لمدة طويلة تجاهلنا هذه المخلوقات المذهلة، والآن العلماء في أنحاء الكوكب يتسابقون لكشف أسرارها، إنها قادمة بملايين الأعداد، إنه غزو قناديل البحر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية