|
معاً على الطريق بأيديهم نعم, ولكن بفحيح وخناجر الآخرين, فقد أُتخم السوريون تحليلاً وتقريراً وتصويراً, ولم تخل ساحاتهم وأربع اتجاهات الأرض إليهم يوما, أو حتى ساعة, من المحللين والاستراتيجيين والمنظرين "الفهمانين", يشرحون لهم مأساتهم عظماً ولحماً وأعمدة فقرية وأضلاعاً ونخاعات شوكية , فهذا يقول لهم خلصت, وذاك يردد: ستمتد سنين, وثالث يرى في مأساتهم سلطة نفط وغاز وأنابيب وقوى وإرادات وعملاء وتجار ووسطاء, ورابع يراها خطوطاً ومستويات وأبراجاً وأكواخاً وأعمدة ومشاريعاً, بعضها فشل وبعضها الآخر قيد التشطيب!! ولطالما الأمر على هذا النحو من التأليف والتوضيب, ومن الرسم والتلوين والتشطيب, ولطالما اختلط حابل التخطيط والتصميم بنابل التحريض والتأليب في ذهني وفي أذهان كل السوريين, فلتكن لنا فسحة أو استراحة محارب بين معركتين, نرى مأساتنا خلالها من باب التكهن والتنجيم وعلوم الغيب, فنقرأ فنجاناً سياسياً أو كفاً استراتيجياً, وحسبنا أن نتلمس فقط حسن الطالع وسوء الحظ لدى كل من المعارضة والموالاة ممن هم في المحصلة النهائية من السوريين ولا أحد سوى السوريين ؟ فمن حسن طالع بعض المعارضين أن الأقدار, التي تخبط في الأرض العربية خبط عشواء.. وفي لحظة زمنية لا يعلم سرها وتفسيرها إلا الله تعالى, رزقتهم من وقع في عشق السوريين فجأة, وانفطر قلبه على أحزانهم على مدار اللحظة ولو كانت بحجم رأس الإبرة, ومستعد لأن يدفع كل ما ورثه عن أبيه أو سرقه منه, وكل ما يملك من مال ونفط وغاز حتى سرواله للتخفيف عنهم ومسح الدموع عن وجناتهم, كما رزقتهم الأقدار تلك من هو مستعد لهدم العالم كي لا "ينطعج" مزاج سوري واحد... مع أنه هو نفسه يقتل المئات يوميا من المدنيين في باكستان وأفغانستان والعراق وغيرها بطائراته من دون طيار ومع طيار! لكن من سوء طالع ذلك البعض من المعارضين أن الأقدار رزقتهم أيضا رموزاً وشخوصاً وممثلين وناطقين باسمهم.. هم الأغبى والأجهل والأضيق نظرا والأرخص نفسا.. ليس من بينهم فحسب, بل ومن بين العالمين جميعا, يورطونهم حيث ينبغي أن يكونوا أحرارا, ويهزمونهم حيث ينبغي أن ينتصروا لهم, يتحدثون باسمهم ويقطعون لهم ألسنتهم, ولا يحاربون إلا حين يستريحون! أما الموالون, فحسن حظهم حسنان, الأول أن الأقدار طابقت بين بعض المعارضين وبين من وقع في عشق سورية والسوريين فجأة, إذ يكاد المرء لا يميز بين هذا وذاك إلا بالـ "الدشداشة" وربطة العنق, وبين الـ هذا ذاته وتلك إلا بالأشقر والأسمر, والحسن الثاني: أن شدة غباء رموز المعارضين وجهلهم أظهر ذكاءهم هم! ومثل حسنهم تماما, فإن سوء حظ الموالين سوءان, الأول: أنهم يقاتلون في معركة تخلو من المقاتلين سواهم... وتعج بالعملاء والسماسرة والوسطاء, والثاني: أنهم باتوا مضطرين لتخريب بعض من هندام بيتهم.. أثناء بحثهم عن الفئران ! |
|