|
شؤون سياسية وبحسب بعض المصادر فإن مسلحي التنظيم الذي ضعفت قيادته بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن باتوا يتحكمون أو يتحركون بسهولة في «هلال» يمتد من الحدود مع سلطنة عمان مرورا بمحافظة شبوة الصحراوية نزولا إلى محافظة أبين والبيضاء المتاخمة لها وصولا إلى محافظة لحج ومن لحج إلى مدينة عدن كبرى مدن الجنوب. فبعد أن غيرت القاعدة تكتيكاتها السابقة التي ترتكز على مبدأ «اضرب واهرب» باتت تسيطر على الأرض وتسعى من أجل أن تبرهن للعالم بأنها صاحبة دولة وليست مجرد مجموعة من العناصر الإرهابية التي تهاجم هدفا هنا وهدفا هناك، ما يعزز الاعتقاد بأن التنظيم يسعى لجعل جنوب اليمن مركزا عالميا جديدا لنشاطه بعد أن فقد هذه الخاصية في أفغانستان وباكستان والعراق، وتقلص وجوده ونشاطه في المملكة العربية السعودية. فالتنظيم يحاول إقامة ملاذ آمن جديد له في هذه المنطقة لمتابعة « نشاطه الجهادي» للسيطرة على السعودية وباقي الدول الخليجية مستفيدا من الصراعات القبلية والانفصالية القائمة في اليمن ومن تضعضع أركان الدولة اليمنية خلال أكثر من عام على الحراك الشعبي الذي شهدته البلاد ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح. ففي الأشهر الماضية بدا التنظيم المتطرف قادرا على شن هجمات جريئة ضد الجيش اليمني، مستخدما أسلحة شبه ثقيلة مستفيدا من دعم مئات المقاتلين الأجانب القادمين من الصومال والسعودية، وبحسب بعض المصادر المحلية في جنوب البلاد، فإن التنظيم بات يهيمن على ما يشبه دولة أمر واقع في محافظتي أبين وشبوة حيث يطبق عناصره شريعتهم القائمة على عقوبات منها الجلد وقطع الأيدي والرؤوس وما إلى ذلك. ومنذ بضعة أيام يخوض عناصر التنظيم معارك طاحنة للسيطرة على مدينة لودر الاستراتيجية الرابطة بين عدة محافظات جنوبية، وهو ما أسفر عن نحو مئتي قتيل غالبيتهم من التنظيم وبينهم أجانب صوماليون وسعوديون. ويرجع بعض المحللين نجاح القاعدة في جنوب اليمن إلى عدة أسباب من أهمها: توتر الوضع الأمني في جنوب اليمن وغياب نفوذ الدولة بشكل كبير عن هذه المنطقة ووجود حركة انفصالية مناهضة للسلطة في صنعاء، الأمر الذي مكن القاعدة من استمالة بعض القيادات المناهضة وجذب عناصرها إلى صفوف التنظيم والقرب الجغرافي من الصومال حيث يوجد نشاط كثيف للقاعدة هناك وغياب شبه كامل لمؤسسات الدولة. ويرى هؤلاء المحللون أن القاعدة تسعى للسيطرة على جنوب اليمن من أجل إنشاء كيان يسمح بقيام معسكرات تدريب وتجنيد واستقطاب «مجاهدين» من مختلف البلدان، لإعادة إحياء دور التنظيم الذي تلاشى في أفغانستان وباكستان إلى حد كبير، وكذلك إعادة فرز قيادة عالمية جديدة للتنظيم بعد مقتل بن لادن واضمحلال دور نائبه أيمن الظواهري. فمنذ تحول دور القاعدة من «الجهاد» ضد الشيوعية في أفغانستان، إلى الحرب أو الجهاد ضد الولايات المتحدة ورفعت شعارات من قبيل «إخراج المشركين من جزيرة العرب» في إشارة للوجود العسكري الأميركي في شبه الجزيرة العربية، أصبح اليمن هدفا للتنظيم نظرا لموقعه الاستراتيجي الذي يعد مفتاحا للجزيرة العربية التي تعتبر خزان الطاقة في العالم وبوابة السيطرة على الاقتصاد العالمي. وقد نقلت صحيفة واشنطن بوست عن وثائق قيل: إنه عثر عليها في منزل بن لادن الذي قتل في أبوت آباد بباكستان مطلع أيار عام 2011، إن بن لادن كان يؤمن بأن اليمن هو الموقع الأمثل لبناء الدولة الإسلامية التي تناسب تنظيمه المتطرف، وبحسب الصحيفة، فقد أكد بن لادن في رسالة لأحد مساعديه بأن أفضل موقع لإنشاء دولة إسلامية هو اليمن، ووصف هذا البلد الذي تتحدر عائلة بن لادن منه «بأنه نقطة الانطلاق لدول الخليج»، والسيطرة على تلك الدول تعني السيطرة على العالم. ومما لاشك فيه أن القاعدة تستفيد في نشاطها اليوم من إرباكات المرحلة الانتقالية في اليمن ومن طبيعة المجتمع اليمني، ومن الخلافات بين القبائل وكذلك عداوة هذه القبائل لحكومة صنعاء الضعيفة وللأميركيين المتهمين بتنفيذ العديد من الغارات الجوية التي أزهقت أرواح العديد من الأبرياء اليمنيين في السنوات الماضية، وبالطبع تستفيد القاعدة من وجود حركة مناوئة لصنعاء في الجنوب ترغب في الانفصال. ولكن أغلب التحليلات ترى أن اليمن يبقى مجرد هدف تكتيكي لتنظيم القاعدة وليس هدفا استراتيجيا، لأن خطة القاعدة تقتضي السيطرة على دول الجزيرة العربية وفي المقدمة السعودية خزان النفط والطاقة، ولهذا بدأت الولايات المتحدة باستشعار خطر الأحداث الجارية في اليمن، ومن غير المستبعد أن تلجأ إلى تدخل عسكري مباشر هناك في مرحلة لاحقة تحت عنوان ملاحقة تنظيم القاعدة لتفادي النتائج الكارثية لمثل هذا السيناريو على المصالح الأميركية. |
|