|
شؤون سياسية فدول الخليج تطالب سورية بالديمقراطية والتي هي بالأساس مهد الديمقراطية ويرفضونها لشعوبهم, فهل يفكر حكام السعودية وقطر وهم يعملون على تمويل وتسليح العصابات المسلحة في سورية بالتنحي وهم يتركون للغرب مهمة تحديد مصيرهم، وفي هذا السياق نشير إلى تصريح بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الذي أكد على أن الأنظمة القديمة تتهاوى وإن حكم الشخص الواحد واحتكار السلطة ضمن سلالة العائلة الواحدة وانعدام قواعد الحريات قد انتهى وأن لكل إنسان على سطح هذا الكوكب حق يجب أن يمارسه وإن منظمة الأمم المتحدة ممثلة برئيسها مصممة على حماية مصالح وأمن جميع الأمم والقوميات في العالم وإن قرارت أصحاب السلطة لا تعتبر منزّلة ولا يجب علينا تنفيذها كما يريدون وفق وجهة نظرهم الشخصية . ومن هنا نجد أن على المجتمع الدولي أن يأخذ على محمل الجد مايجري على الساحة العربية وأن يتخذ الخطوات الملموسة باتجاه تحويل الأنظمة الملكية في دول الخليج العربي إلى أنظمة ديمقراطية كاملة، ويكون الانطلاق في هذا الاتجاه من خلال الرفض الكامل وغير المشروط لدول غير ديمقراطية تنصّب نفسها لحماية الديمقراطية في العالم مثل المملكة العربية السعودية وقطر والدول الأخرى والتي تتركز ثروتها في أيدي عائلة واحدة يشغلون مناصبهم مدى الحياة ومن دون أخذ أي اعتبار لآراء ومصالح مواطنيها. وفي هذا السياق نشير إلى أن مايسمى الربيع العربي بقيادته الفكرية الأميركية أفصحت عن تمنياتها بتوحيد أحرار الفيسبوك والتويتر وخاصة قيادات الحركات الشبابية في حزب سياسي واحد لكن القيادة المالية اللوجستية الخليجية لما يسمى بالربيع العربي كانت سباقة في تحويل الإسلام السياسي لحزب الأمر الواقع لهذا الربيع العربي كما حصل في الانتخابات التونسية والمصرية والمغربية والليبية, حيث عملت أميركا والدول الغربية ومعها الخليجية على ممارسة الضغوط والابتزاز والتهديد وضخ الأموال وتسليح المعارضة بما يفيد المصالح الأميركية في المنطقة . فالقراءة الأولية للأوضاع السياسية في المنطقة تشير إلى أن الإدارة الأميركية وبالتضامن والمشاركة مع اسرائيل تعمل على العبث بمعادلة الصراع بما يؤمن فرض شروطها وهيمنتها على الأمة العربية وقد باشرت بتنفيذ استراتيجيتها منذ احتلالها للعراق وتفتيت الصومال والسودان وتدمير ليبيا وخلق الفتنة في عدد من الدول العربية بهدف مصادرة استقلالية دول المنطقة وتجزئتها إلى كيانات ضعيفة ترسّخ الهيمنة للكيان الاسرائيلي وحماية المصالح الأميركية في المنطقة وقد أكد الجنرال ويسلي كلارك أثناء عمله في وزارة الدفاع الأميركية أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق وزع مخططاً أميركياً لتغيير عدد من الأنظمة العربية وقد وجدت اسرائيل نفسها في موقف متناسق مع الأنظمة الخليجية والغربية والأميركية وإلى حد كبير مع تنظيم القاعدة بهدف تقسيم الوطن العربي عبر صراعات طائفية وإثنية وقبلية وإقليمية بحيث تصبح القضية الفلسطينية قضية ثانوية، فالسعودية مثلاً أرسلت جنوداً لها للمشاركة في استخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات في البحرين وأبادت اسرائيل شعباً كاملاً في غزة ولم يظهر دفاع السعودية ومجلس التعاون الخليجي وأميركا والغرب عن حقوق الإنسان في غزة، إلا أن السعودية وقطر ودول مجلس التعاون الخليجي وأميركا والغرب يتدخلون للدفاع عن المجموعات المسلحة في سورية حيث تعمل كل من قطر والسعودية وتركيا على تمويل المجموعات المسلحة ومدّها بالمال والسلاح فقد أشارت صحيفة الغارديان البريطانية أن السعودية قامت بإرسال الأسلحة إلى المجموعات المسلحة في سورية وهذا ما يتوافق مع ما نشرته صحيفة التايمز البريطانية والتي تؤكد جميعها تقديم السعودية وقطر الدعم المالي للمجموعات الارهابية المسلحة في سورية لشراء أسلحة فائقة التطور من أوروبا واسرائيل . بالإضافة إلى أن سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة بشكل عام وتجاه دمشق بشكل خاص تثير جدلاً وتناقضاً وازدواجية في المعايير فهي تعمل على زيادة الضغط على سورية تجاه الأحداث القائمة فيها وفي نفس الوقت توفر الدعم الكامل لدول مجلس التعاون الخليجي الموالين لها خاصة وأن واشنطن تتخذ خطوات عملية لمنع تكرار حدوث اضطرابات في دول مجلس التعاون الخليجي كما حصل في تونس ومصر وليبيا، ومع الإشارة أيضاً إلى إن الحصار الاقتصادي المفروض على إيران وسورية هدفه تقديم تنازلات بشأن البرنامج النووي الإيراني وبالتالي من شأنه إنقاذ الولايات المتحدة من ضرورة القيام بعمل عسكري لحماية اسرائيل من خطر طهران وفق وجهة نظر أميركا ومن هذا المنطلق تعمل واشنطن على دعم « الثورات» في العالم العربي, بهدف الحصول على أرباح مضمونة للديمقراطية الأميركية وخاصة لباراك اوباما عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية . ويؤكد الخبراء أن مايسمى الربيع العربي سيكون طويل الأمد وسيترافق مع موجة ثانية من الاحتجاجات العربية التي ستشمل السودان والعراق والبحرين والسعودية وربما الأردن والتي ستؤدي إلى تصعيد العنف في تلك الدول وإلى إطاحة أو تغيير الأنظمة فيها فالغرض من هذه الموجة بالإضافة إلى التحريض الطائفي والعرقي والديني وتشجيعه, غايته إضعاف الشرق الاوسط لحماية الولايات المتحدة من ظهور أنظمة تتحدى المصالح الأميركية في المنطقة . وستنتهي موجة الثورات في قطر التي نصبت نفسها لقيادة الثورات العربية بإيعاز من أميركا مقابل أن تضمن أميركا المحافظة على النظام القطري إلا ان هذه الثورات ونتيجة لعدم الاستقرار في المنطقة ستشمل السعودية التي تعتبر المرشح الرئيسي للثورات المقبلة وستحرق قطر بنيرانها وستبقى سورية وحدها بشعبها وبقيادة رئيسها القائد بشار الأسد في طليعة قوى المقاومة والممانعة القادرة على إفشال المخططات الأميركية والفرنسية والخليجية الهادفة لتقسيم المنطقة وإلحاق الهزيمة بها من خلال سلاحنا الأمضى وهو التلاحم بين الشعب والجيش والقائد . |
|