|
شؤون سياسية بتحقيق مهمة عنان، وعلى التوازي يجتمع المجتمعون في باريس، ويدرسون بمفردهم تشديد الضغوط ووسائل التدخل في الشأن الداخلي لسورية ؟! ربما يكون في الأمر منطق يقول: إن هذه القوى المعنية بباريس ومما هو من نوعية هذا المسعى لا تريد أن تعترف بالتحول العالمي الجديد لجهة القرار العالمي اليوم. فَهُمُ كانوا أسياد القرار الدولي وأصحاب التدخل من خارج الأمم المتحدة, ومجلس الأمن في الشؤون الداخلية للأمم الأخرى, ولا حساب لديهم للقانون الدولي ( الذي صاغوه هُمُ في العام 1945 بُعَيدَ انتهاء الحرب العالمية الثانية ) وبهذا المنهج احتلّوا, وتدخّلوا, وهدموا دولاً عربية, وغير عربية، وأقاموا – تحت مسمى الربيع العربي – خارطة جديدة في هذه البلدان التي تغوّلوا عليها، وها هي الآن تنقسم داخلياً, وتصطرع, وتتناذر فيها نذر الحروب الداخلية, والسودان، وليبيا، وتونس, ومصر, واليمن, والبحرين نماذج عربية تستدعي من كل عربي السؤال: إلى أين, وماذا بعدُ, ومن المستفيد؟ ومن الطبيعي أن نتأمل كيف تقرأ الدول التي حسمت أمرها – في اللحظة العالمية الحاضرة – لكي تستعيد الأمم المتحدة ومجلس الأمن حقّهما المغتصب في إدارة العالم وفق القانون الدولي ومواثيقهما التي كان معمولاً بها قبل حقبة ما سُمّيَ بالمتغيرات الدولية من عام ( 1985-1991) حيث استكبرت أميركا على نظام العالم, وأعطت لنفسها الحق المطلق في الإدارة العالمية منفردة, في حالة كانت بلدان ما يُعرف الآن ( بالبريكس ) تعيد إنتاج نظامها الاقتصادي والسياسي حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم الكتلة العالمية الأهم, والراغبة في استدراك ما ضاع منها من دور دولي, وشراكة ندّية بالقرار, واستعادة العمل بالقانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة. حتى يعود التوازن الدولي المفقود, وتُسترد حقوق الأمم التي اغتُصبت. ومن الطبيعي كذلك أن تبدأ نقطة التحول العالمي المنشودة من المسألة السورية ذلك لأن ما تمّ في بلدان المغرب العربي ولاسيّما ليبيا قدّم الدليل القاطع على التذرع بالقرار الأممي وتمكين الأطلسي من هدم ليبيا الدولة, وقتل مئات الآلاف من شعبها, على خلاف ما نصّ عليه القرار الأممي المعني بليبيا. وهذا الدليل – إضافة إلى ما آلت إليه الطبيعة المتجددة للاستعمار الأمرو أورو صهيوني باتضاح الرغبة في السيطرة على الجغرافيا العربية تحت ذرائع الربيع, وهدم الكيان الدولتي القائم – ولو كان لسايكس - بيكو بالأصل – لكي تتمزق المجموعة العربية أكثر ويتحقق المشروع الشرق أوسطي الصغير والكبير, وتصبح إسرائيل سيدة الجغرافيا, والعصر, وبأيديها مفاتيح حياة العرب الذين باعوها حاضرهم, ومستقبلهم. حين سكتوا عن الدولة الدينية كي يشرِّعوا لإسرائيل اليهودية. ويمكن أن نقرأ – تحليلياً- بالحدث الأخير في مجلس الأمن وصدور القرار (2043) الذي تبنى ارسال ثلاثمائة مراقب دولي غير مسلح إلى سورية حتى تنجح خطة عنان الموفد الأممي بخصوص المسألة السورية, وما إن أُعلن عن موعد اجتماع مجلس الأمن حتى انعقد في باريس اجتماع الأصدقاء, وكأنَّ القرار الأممي لا يعنيهم سبيل نجاحه فهم الأمم التي تصنع القرار, ومجلس الأمن حين كان الفيتو لصالح إسرائيل دوماً كان مجلسهم,أما حين صار الفيتو مع الحق الكائن لأي بلد فلم يعد مجلسهم, ولذا فهم يجتمعون خارج قبته ويقررون ولا يريدون أن يعترفوا بتراجعهم عن اغتصاب القرار الدولي, وعن هزيمتهم المركّبة في الحالات العالمية القائمة البادئة من أزماتهم الاقتصادية والمالية, والاجتماعية, والمنتهية بخروجهم من حلبة التفرّد الدولي في مسرح القرار. وحين ينوّه المندوب الروسي فيتالي تشوركين بأن مجلس الأمن هو صاحب القرار في تسويات الأزمات الإقليمية, مثل الأزمة السورية, وأن مجموعة أصدقاء, أو دول ذات مصالح, أو أي طرف آخر يجب أن يلتزموا بشكل واضح بقرارات مجلس الأمن, وألا يقوّضوا إمكانية تطبيق هذا القرار. إن مَنْ يحلل هذا القول الذي هو قول مجموعة البريكس بالكامل سيصل إلى حقيقة أن الذين في باريس وكانوا في اسطنبول, وتونس, والدوحة كل هؤلاء لم يعد يمكنهم التصرف على هواهم السياسي والعسكري بل ينتقل نظام العالم إلى القانونية العادلة في مجلس الأمن وانتهى زمنُ المُتَفلِّتين من كل قانون. ثم على الطرف الآخر يرسل المندوب الدولي عنان رسالة ضمانات تلقّاها من الجهات التي تدعم المعارضة المسلحة وتتبلّغ سورية الرسالة التي فتحت الباب للتوقيع على بروتوكول المراقبين الأولي مع الجنرال ( غوها أبهيجيت ) من إدارة حفظ السلام في الأمم المتحدة. ويبدأ العمل على أرض سورية بمحض السيادة السورية, والالتزام بتسهيل عمل المراقبين, وإنجاح خطة عنان, لكن على الطرف الآخر تتواصل عمليات التشكيك بنجاح مهمة عنان, وتتواصل عمليات الدعم والمساندة للمسلحين حتى لا يبدأ عنان العملية السياسية المقررة, وتنفيذ البنود الستة ومنها (وقف العنف, وإيصال المساعدات الإنسانية, وبدء الحوار الوطني, والإفراج عن المعتقلين, والسماح للإعلاميين بالاطلاع ) والسؤال الأخير إذا كانوا هم مَنْ قرّر تكليف عنان ببعثته, وبنوده الستة, فلماذا بدؤوا العرقلة, وهم المكَلِّفون ؟!!. |
|