|
رسم بالكلمات لاتطرح علي اسئلة حتى لاأكذب عليك! وكي يوفر المثقف العربي على نفسه تهمة الكذب، فإنه لايقترف فعل التساؤل-هذا عند الغالبية-وقد خلق لنا أقدمون مقولة إن الشيطان يكمن في التفاصيل, لكن المعرفة تكمن في التفاصيل القادرة على خلق دوائر الشك, ولعل هذا سبب توتر العلاقة بين السلطة -أي سلطة- والمثقف الحقيقي, فمن طبيعة السلطة التشبث بأسباب المحافظة على الوضع القائم، أما المثقف -أو الثقافة عامة -فمن طبيعتها اكتشاف دينامية التغيير. سؤال يلح: هل تريد (السلطة) ثقافة تنويرية حقيقية؟! على من يدير لعبة إنتاج الثقافة أن يمتلك ثالوث القوة والمعرفة والقانون، فهل يملكها المثقف؟! إن الأزمات الحقيقية التي تتعرض لها المجتمعات- وفق غرامشي- ليست اقتصادية في أساسها, بل هي محصلة هيمنة خطاب ثقافي معبر عن طبقة اجتماعية متسلطة داخل المجتمع! دار الصراع في الحقل الثقافي قديما وحديثا على شكل محاولة الاستحواذ على رأسمال رمزي, واحتكار تمثيله بالإقناع أو بالقسر- لتعميم تصورات محددة، أو النيل من تصورات أخرى مخالفة, إن أي تغير نوعي في كل المجالات لن يتحقق مالم ترافقه، أو تسبقه تغيرات في المجال الثقافي, وهذه مهمة النخب الفكرية والثقافية في المجتمع التي ينبغي لها أن تقود عملية التغيير لكن عن أي نخب نتحدث اليوم؟. نحتاج اليوم إلى ثقافة التساؤل والسؤال، وإلى قيم العمل والتعلم والكفاءة والتعاون والإخلاص والنجاح والطموح، وهذه لن تغدو جزءا من روح المجتمع دون برنامج ثقافي وحركة ثقافية وهكذا سنحتاج إلى صناعة ثقافية قادرة علىخلق أنماط سلوكية جديدة, هذا كله ربما يبدأ بالسؤال والخوض في التفاصيل كطريق إلى المعرفة! لماذا أقول ذلك؟ سؤال يبحث عن تفاصيل، فلا وجود لخطاب ثقافي بريء كليا! إنه محاولة لخلق دوائر شك! |
|