|
إضاءات تأثيراًً كبيراً في السياسة الخارجية الأمريكية، ويعزى ذلك لأسباب كثيرة أهمها أن اللوبي الصهيوني هو أكثر اللوبيات العاملة في الساحة الأمريكية تنظيماً وقوة، اذا ما علمنا ان النظام السياسي الأمريكي يسمح بتشكيل جماعات مصالح (لوبي )ويعتبرها إحدى مظاهر ممارسة الديمقراطية. والى جانب قوة تنظيمه يتمتع اللوبي الصهيوني بقاعدة شعبية أمريكية متعاطفة معه الى حد بعيد بحكم البيئة الثقافية والدينية المتشكلة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتأثير الإعلامي الكبير لليهود فيها وتبرز هنا في مقدمة جماعات الضغط لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية –ايباك –التي تأسست عام 1954 على يد ما يسمى المجلس الصهيوني الأمريكي وهو لوبي محترف، ومسجل، وله تنظيم هرمي ومكاتب وموظفون، يزيد عددهم على المئات وتبلغ موازنته السنوية عشرات الملايين من الدولارات، ويمكن تشبيه الايباك بحكومة داخل حكومة، نظراً لنفوذها الكبير داخل المؤسسات الأمريكية وعلاقاتها الوثيقة مع مراكز القرار الأمريكي من البيت الأبيض الى الكونغرس الى وسائل الإعلام، للتموضع في اغلب مفاصل الجسم السياسي الأمريكي، ونظراً لأهمية دورها وتأثيرها في الساحة الأمريكية يقول جانس تيري وهو أستاذ جامعي أمريكي «لقد استعملت غالونات من الحبر للكتابة عن مدى تأثير جماعات الضغط في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط» وبعد هذا الاستعراض السريع لتأثير اللوبي الصهيوني في السياسة الأمريكية يمكننا ان نطرح السؤال التالي: ترى هل يمكن تشكيل لوبي عربي ضاغط ومؤثر على أصحاب القرار في واشنطن؟! الجواب عن ذلك باعتقادنا هو بالإيجاب وذلك لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها ان الساحة السياسية والإعلامية مفتوحة كما اشرنا إضافة إلى مجموعة من العناصر والمكونات الأخرى، فعدد الأمريكيين من أصل عربي يساوي تقريباً عدد اليهود الأمريكيين ،ناهيك عن الجاليات الإسلامية الموجودة. إذ تشير بعض الأرقام إلى أن عدد الأكاديميين العرب وحملة الشهادات العليا يبلغ عشرات الآلاف ويتبوأ الكثير منهم مراكز علمية وإعلامية مهمة، إضافة إلى الإمكانيات المادية والمساهمات المالية الكبرى للعرب في الجسم الاقتصادي والمالي الأمريكي. وتشير الإحصائيات إلى أن الدول العربية لها توظيفات مالية في البنوك الأمريكية تزيد على 1.5تريليون دولار وأن حجم الإيداعات الشخصية للأفراد تبلغ حوالي 800 مليار دولار، ولا شك أن هذا الرقم المالي الكبير إذا ما أُحسن استثماره سياسياً سيكون له دور وتأثير فاعلان، والى جانب ذلك هناك وجود كبير للسفارات والمؤسسات الثقافية والمنظمات الأهلية العربية في اغلب الولايات الأمريكية، وقد استطاعت عبر تنسيقها وتنظيمها إيصال بعض أعضائها إلى المؤسسات التشريعية كمجلسي النواب والشيوخ. اذاً ثمة طاقات عربية موجودة وذات وزن كبير في الولايات المتحدة الأمريكية وهي غير مفعلة بالشكل المطلوب ،فإذا ما أحسن تنظيمها وتأطيرها ودعمها مادياً وهذا من ضمن اختصاص العديد من المؤسسات المعنية بذلك إضافة إلى دور الجامعة العربية ومكاتبها المختلفة، شريطة ان يترافق ذلك كله مع استراتيجية إعلامية خارجية موجهة للداخل الأمريكي يمكن ان تكون ذات تأثير حقيقي في الساحتين السياسية والاجتماعية تجاه قضايانا أو على الأقل الحد من تأثير اللوبي الصهيوني الذي لا يجد منافساً أو مواجهاً له في الساحة الأمريكية المفتوحة ... فهل نبدأ؟ |
|