تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أول مدرسة زراعية في المشرق العربي .. الثانوية الزراعية في سلمية تطفئ شمعتها 102

تقارير
الخميس 19-4-2012
عامر ياغي

قبل أيام كان أبناء منطقة السلمية التابعة لمحافظة حماة على موعد مع إطفاء الشمعة 102 على وضع حجر الأساس للثانوية المهنية الزراعية، التي شرعت أبوابها في عام 1910 لاستقبال العشرات من أبناء المحافظات السورية والأقطار العربية المجاورة (فلسطين - العراق - الأردن - لبنان)

حيث تخرج منها كوكبة ممن ساهموا في تدعيم النهضة الزراعية والسياسية والثقافية العربية، أمثال أديب الشيشكلي رئيس الجمهورية العربية السورية (سابقاً)، الذي التحق بالمدرسة طالباً مستمعاً وتخرج منها وفي إضبارته تنبيه شفهي نتيجة عدم التزامه بالدروس العملية، والأديب والكاتب محمد الماغوط، والشاعر أحمد الجندي. والمؤرخ والكاتب اللبناني ومدير الثانوية (عام 1922) وصفي زكريا.‏

العثمانيون سرقوا أموالها.. والفرنسيون احتلوها وحولوها إلى مستودعات ...‏

قبل أكثر من مئة عام، قام ناظم بك متصرف مدينة حماة بقص الشريط الحريري إيذاناً بافتتاح أول مدرسة زراعية في المشرق العربي - الثانوية المهنية الزراعية في منطقة السلمية التي تم بناؤها (عام 1910) من أموال زكاة أبناء المنطقة على الأرض التي تم الاستيلاء عليها من قبل جيش الاحتلال العثماني.‏

وهكذا استمرت الثانوية المهنية الزراعية في السلمية ردحاً من الزمن منفردة في حمل راية التعليم الزراعي على مستوى بلاد الشام، إلى أن أحدثت مدرسة في منطقة بوقا في مدينة اللاذقية (عام 1925) التي كانت عبارة عن مدرسة زراعية وصناعية للأيتام، انتقلت بعدها إلى الحكومة السورية وألحقت بوزارة الزراعة بموجب المرسوم (403) تاريخ 2/4/1947 جنباً إلى جنب مع مدرسة السلمية الزراعية التي تم إنشاؤها في مدينة حلب كمزرعة نموذجية في عهد العثمانيين، والتي ما لبثت أن تحولت الى مدرسة زراعية تعنى بشؤون الأيتام وتمنح شهادات علمية خاصة قبل إتباعها إلى الحكومة وإلحاقها بوزارة الزراعة، ثم جاء إحداث المدرسة الزراعية في مدينة دير الزور بموجب المرسوم (2589) تاريخ 20/12/1948، كمدرسة زراعية عملية مدة الدراسة فيها سنتان.‏

البداية‏

بدايات إحداث ثانوية سلمية الزراعية كانت في عام (1907) حيث تم استئجار بناء مكون من طابقين في وسط المدينة، خصص الأول منه لإيواء الحيوانات المخصصة لتدريب الطلاب على الدروس العلمية، أما الثاني فقد تم تقسيمه بين الإدارة وقاعات التدريس التي استمرت على حالها حتى الانتهاء من تشييد البناء الرسمي للثانوية من أموال زكاة أبناء المنطقة (18) ألف ليرة ذهبية تم اختلاس القسم الأكبر منها، مقابل إنفاق عشرة آلاف ليرة سورية لشييد الثانوية إلى الغرب من منطقة السلمية وحتى نبع عين الزرقاء التي قام ناظم بك متصرف حماة بمصادرتها تمهيداً للقيام بعملية البناء التي تمت هي الأخرى في عام 1909 على أرض بلغت مساحتها (ألف دونم) قام جيش الاحتلال العثماني بالاستيلاء عليها أيضاً.‏

محمد جوهرة مدير الثانوية الزراعية سابقاً أكد لـ «الثورة» قيام السلطات العثمانية بمصادرة الأموال عام (1906) تحت ذريعة محاولة تهريب النقد الذهبي إلى خارج أراضي السلطنة، وعليه قام ناظم بك باحتجاز تلك الأموال وإيداعها في صندوق المتصرفية في مدينة حماة، والاتصال بوالي دمشق الذي سارع بدوره إلى إخبار حكومة الباب العالي عن قضية الأموال المصادرة، فما كان من الأخيرة إلا أن أصدرت فتوى عن الأستانة تقضي بعدم ادخال هذه الأموال في خزينة الدولة لكونها وحسب الشريعة الإسلامية أموال زكاة لا يجوز مصادرتها أو احتجازها، بل إعادتها إلى أصحابها، لكن والي دمشق وبعد عدة مراسلات بينه وبين الباب العالي التركي، تم الاتفاق على تخصيص هذه الأموال لإقامة مشاريع تعود بالنفع والخير على أصحابها، ومن هنا ظهرت فكرة بناء الثانوية الزراعية في السلمية كحل لمشكلة الأموال المصادرة، حيث تم الحاق أراضي مرج الكريم البالغة 2 ألف دونم بالثانوية الزراعية بناء على القرار (97) تاريخ 6/1/1923 الصادر عن صبحي بركات الخالدي رئيس اتحاد الدول السورية.‏

وعن المراحل التي مرت بها الثانوية منذ تأسيسها قال جوهرة: إن العملية التدريسية بدأت رسمياً في عام 1910 واستمرت لغاية انطلاق شرارة الحرب العالمية الأولى حيث أتى الحريق الذي شب في الثانوية على كل موجوداتها وتحديداً في الفترة الممتدة بين عامي 1910 و 1919.‏

الإغلاق‏

وفي عام 1930 أضاف جوهرة، صدر قرار بإغلاق الثانوية وتخريج آخر دفعة منها في عام 1933 حيث تم إحداث صف لدار المعلمين الريفيين يتبع لوزارة المعارف، ونقله في عام 1937 إلى مدينة حلب، بعد تحويل الثانوية إلى محطة تابعة لمصلحة سفاد الخيول العربية، ومركزاً لإعادة تأهيل الخيول بغية الحصول على السلالات الجيدة منها، بعدها قام جيش الاحتلال الفرنسي باحتلال أبنيتها وتحويلها إلى مستودعات لتخزين الحبوب التي يتم مصادرتها من الفلاحين.‏

إعادة الافتتاح‏

وفي عام 1943 أعيد افتتاح الثانوية الزراعية بموجب المرسوم (101) القاضي بإنشاء مدرسة زراعية ومركز زراعي في السلمية لإصلاح النباتات والبذور غايتها تثقيف أبناء الزراع وكل من يود تعلم الزراعة والعمل بها تثقيفاً عاماً، على أن تكون مدة الدراسة فيها سنتين، مشيراً الى أن مدة الدراسة في المدرسة كانت بعد عام 1943 سنتين، أما قبل ذلك فكانت أربع سنوات، وذلك إلى أن تحولت ثانوية السلمية في عام 1947 إلى مدرسة متوسطة زراعية بالمرسوم (403)، مضيفاً أنه وفي عام 1959 تم تحويل المدارس المتوسطة الزراعية ومنها المدرسة الزراعية في السلمية إلى مدارس ثانوية زراعية بموجب القرار (161) المتضمن إلغاء المدارس المتوسطة الزراعية وتحويلها إلى مدارس ثانوية زراعية.‏

نظام داخلي‏

وعن النظام المطبق داخل المدرسة أوضح المهندس هيثم حيدر مدير التعليم الزراعي في وزارة الزراعة أن المدرسة ومنذ افتتاحها وحتى عام 1970 اعتمدت نظام الحياة الداخلي، حيث كان الطالب يقيم في المدرسة (يأكل ويشرب فيها)، إلى أن تم إلغاء هذا النظام.‏

وأشار إلى تقاضي كل طالب شهرياً مبلغاً يعادل 400 ليرة بدل إطعام وتعويض باعتبار أن نظام الحياة خارجي، مبيناً أن للثانوية قسمين أو شقين الأول نباتي مساحته ألف دونم مزروع بالأشجار الحراجية كالسرو والصنوبر، إضافة إلى حقل مزروع بالفستق الحلبي، أما الثاني فحيواني وهو عبارة عن حظيرة للأبقار مكونة من طابقين مبنية من الحجز البازلتي الأسود، الأول منها مخصص لتخزين التبن والأراضي لإيواء الحيوانات التي يتم تربيتها في المدرسة، أما الحظيرة الثانية فهي للدواجن تربى فيها (الأبقار - الخيول - البغال - الحمير - البط- الوز- الطواويس - دجاج رومي - دجاج بلدي - إضافة إلى صناديق خشبية لتربية الأرانب).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية