|
موقع DISSIDENT VOICES (إننا نطالب بشكل رسمي بأن تزودنا الإدارة الأميركية و الحكومة الإسرائيلية بخارطة تبين حدود إسرائيل التي يريدون منا الاعتراف بها). وهو طلب منطقي و معقول بكل معنى الكلمة. إذا كانت إسرائيل معنية بالسلام وفقاً للشروط التي يقبلها فعليا الفلسطينيون و معظم العرب و المسلمين في كل مكان ، عندها ستظهر الخارطة إسرائيل بحدود كما كانت عليه عشية حرب 1967. و ستقول مذكرة مرفقة إنه وفقاً للاتفاق في المباحثات الأخيرة ، فإن إسرائيل ستسعى لتعديلات حدودية صغيرة هنا و هناك. و ستفترض المذكرة أن تكون القدس مدينة مفتوحة غير مقسمة و عاصمة لدولتين.و إذا قدمت هكذا خارطة مع المذكرة ستفتح الأبواب للسلام. و لكن تنفيذ مقولة الأرض مقابل السلام ستتطلب من الجيش الإسرائيلي مواجهة و إبعاد المستوطنين اليهود الرافضين للمغادرة، و هذا سيشعل حرباً أهلية يهودية و هو ثمن يجب أن يدفعه يهود إسرائيل مقابل اثنين و ستين سنة من ازدراء و تحدي القانون الدولي. و بالتأكيد هذا لن يحدث. فكما قلت في كتابي (الصهيونية : العدو الحقيقي لليهود) ، لقد شرح لي شمعون بيريز السبب عام 1980.و عندها كان قائد حزب العمل، المعارض الرئيسي لائتلاف الليكود التابع لرئيس الوزراء ميناحيم بيغن . و كان بيريز يأمل بالفوز بالانتخابات الإسرائيلية التالية و منع بيغن من ولاية ثانية .و هدفي من الحديث مع بيريز بشكل سري معرفة فيما إذا كان معنياً أم لا بعملي كوسيط في حوار سري تمهيدي بينه و بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات . لقد كان بيريز مهتماً و لكن قبل انطلاقي لبيروت سعياً وراء موافقة عرفات للمشاركة في خطة صغيرة لأجل السلام ، قال لي: (أخشى أن الوقت تأخر كثيرا). سألت بيريز ماذا قصد بذلك و كان جوابه : ( كل يوم يمر يشهد وضع أحجار جديدة لمستوطنات جديدة . بيغن يعرف بالضبط ماذا يعمل. إنه يحشو الضفة الغربية بمستوطنين لخلق الظروف لأجل حرب أهلية يهودية . إنه يعلم بأن ما من رئيس وزراء إسرائيلي مستعد لأن يصمه التاريخ بأنه ذاك الذي أعطى الأوامر للجيش اليهودي لطرد اليهود من الضفة الغربية) و صمت قليلا ثم أردف: (أنا لست مستعداً). عندما قال لي بيريز هذه الكلمات كان يوجد سبعون ألف مستوطن يهودي غير شرعي في الضفة الغربية، فإذا كان (الوقت متأخرا جدا) عام 1980 فإلى أي مدى أضحى متأخرا اليوم مع تجاوز عدد المستوطنين اليهود خمسمئة ألف و هم في تزايد يومي؟ بعد أسابيع من هذه المحادثة مع بيريز ، تحدثت بشكل شخصي مع عايزر وايزمان، الذي كان يخدم كوزير دفاع في ولاية بيغن الأولى. و زودني برؤية رهيبة و مرعبة عن سبب عدم احتمال قيام أي رئيس وزراء إسرائيلي مستقبلي بأمر الجيش بإخراج المستوطنين من الضفة الغربية بأي قوة كانت .إذ قال ببطء شديد و تركيز:(عند الغداء دعا شارون إلى اجتماع سري بعضاً من كبار ضباطنا و رجال الأمن . لقد وقعوا بالدم عهدا بالالتزام بالمستوطنين و القتال حتى الموت لمنع أي حكومة إسرائيلية من الانسحاب من الضفة الغربية) إذاً لن تكون هناك حرب أهلية يهودية إذ لن يخاطر أي رئيس وزراء إسرائيلي بإثارتها. و إذن لن تكون هناك خارطة، و أقصد تلك التي يمكنها أن تقترب من إرضاء مطالب و احتياجات الفلسطينيين، و ياسر عبد ربه كان يعلم هذا ، فلماذا طالب بها، ما الهدف من التحدي؟ أعتقد أنه أمل بأن رفض إسرائيل تقديم خارطة مبنية بشكل أو بآخر على حدود ما قبل 1967سيساعد على إقناع المزيد و المزيد من البشر، و خاصة الأميركيين ، بأن إسرائيل ببساطة غير معنية بالسلام وفقاً للشروط التي يقبلها الفلسطينيون و معظم العرب و المسلمين في كل مكان، و التي تلقى تأييدا عالميا(باستثناء معارضة الصهيونيين و المجانين من المتزمتين المسيحيين الذين يؤيدونهم سواء أكانوا على خطأ أم على صواب، و هي معارضة نظراً لعدد الأشخاص لا تتعدى كونها جزءا صغيرا و تقريبا غير مرئي قياسا للعالم برمته) و إذا حدث هذا ، فالتحدي لم يكن عبثا. و يذكر أنه في اليوم التالي لتحدي عبد ربه،كان رئيس الخارجية الإسرائيلي ليبرمان يملك الوقاحة ليقول: (إن إسرائيل أعطت إشارات كثيرة للسلطة الفلسطينية لأجل تسهيل البدء ثانية بالمفاوضات المباشرة و الآن يجب أن يظهر الطرف الثاني النوايا الحسنة) و ليبرمان كان محقاً، فإسرائيل أعطت حقاً إشارات كثيرة للفلسطينيين و لكن كلها كانت تعني (اذهبوا للجحيم). كاتب المقال مؤلف وباحث كان يعمل مراسلاً لشؤون الشرق الأوسط في ال BBC بقلم آلان هارت |
|