|
عن مجلة Politis وحركات الروابط والنقابات والأحزاب السياسية في فرنسا، بسبب دعوتهم إلى مقاطعة البضائع التي مصدرها إسرائيل. وتبع هذه الدعاوي تعميم صادر عن الوزيرة ميشيل اليوت ماري، حرصت فيه على الخلط بين (البضائع المستترة) و (البضائع الإسرائيلية)، داعية المحاكم إلى توخي الحذر ضد (أعمال التمييز العنصري). ولم تشكل عندنا الحملة الداعية إلى تجريم حملة مقاطعة – حجب استثمارات وعقوبات ضد إسرائيل أي دهشة. بل كشفت لنا فقط أن عالم اليوم يسير في الاتجاه المعاكس. - جريمة هي الدعوى إلى مقاطعة البضائع التي مصدرها المستوطنات الإسرائيلية. - أمر طبيعي هي الدعوة للترويج السلبي للبضائع التي تصدرها شركة Agrexco وتُفرغ في ميناء مرسيليا وغداً في مدينة سيت، حيث تأتي خضراواتها وفواكهها مباشرة من المستوطنات الإسرائيلية، في انتهاك صارخ للقرارات الأممية، التي تدين احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967. ليس هناك ثمة قاعدة تتبع حالياً يمكن من خلالها التمييز بين البضائع التي تأتي مباشرة من إسرائيل أو تلك التي تأتي من المستوطنات. فهل شراء بضائع تأتي من أراضي محتلة فيها خرق للقانون الدولي؟ وهل ينبغي علينا، كما يطالبنا المكتب الوطني لليقظة من معاداة السامية BNVCA ورئيسه سامي غزلان – والذي هو مصدر معظم تلك الشكاوى والدعاوى ضد حركة المقاطعة أن نكون مستهلكين عمياً وصماً وبكماً أمام القانون...وسعداء. أما فيما يتعلق بتشبيه حملة المقاطعة بعمل معادٍ للسامية، ومحاولات التلاعب بذاكرة الجرائم النازية ضد يهود أوروبا، فهذا لا يعتبر أمراً مشيناً فحسب، بل غير معقول أيضاً لأنه يذهب إلى حد تقديم دعوى ضد ستيفان هسل، الدبلوماسي الفرنسي، المقاوم واليهودي الناجي من معسكرات الاعتقال في بوخنفالد، بسبب تأييده العلني لحملة المقاطعة الاقتصادية، الثقافية والأكاديمية للبضائع القادمة من إسرائيل. ويتعين على أولئك الذين يدعمون في فرنسا دون قيد أو شرط السياسة الإسرائيلية النظر من الزاوية الإسرائيلية، من زاوية عمر شوشان، الجندي الإسرائيلي ذي التسعة عشر ربيعاً، الموجود الآن في السجون الإسرائيلية بسبب رفضه الخدمة في الجيش الإسرائيلي، أو المفكرين والفنانين والمسرحيين الإسرائيليين البالغ عددهم 150 الذين دعوا في نهاية شهر آب المنصرم إلى عدم التقديم والعرض في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. المقاطعة تاريخ طويلة من النضال المشروع، مقاطعة المنتجات والبضائع ليست حديثة العهد ولا استثناء ولا تشكل صدمة، وإنما لها تاريخ طويل في الثورات المشروعة. - تمرد ضد نظام الأبارتيد في جنوب إفريقيا، كان المقاطعون عبر العالم أجمع خلال أعوام الثمانينات. - التمرد ضد نظام الفصل العنصري للسود في الولايات المتحدة، المقاطعون لحافلات مونتغمري في عام 1955. - التمرد ضد الاحتلال البريطاني، المقاطعون الهنود للبضائع البريطانية لأعوام الثلاثينات. - التمرد السابق لحروب الانفصال الأميركية الداعي إلى مقاطعة منتجات الشركات الأميركية التي تمارس أعمال الرق. وإزاء الهجوم الإسرائيلي في شهر أيار المنصرم الذي جرى في المياه الإقليمية على أسطول الحرية الذي كان يحمل المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، ومقتل تسعة ناشطين أتراك خلاله، وإزاء استخدام السلاح غير التقليدي، مثل القنابل الفوسفورية، التي دكت بغزارة قطاع غزة قبل عام ونصف العام من الآن، وإزاء الجرافات الإسرائيلية التي تواصل حالياً تهويد الجزء الشرقي من مدينة القدس من أجل بناء 1500 وحدة سكنية استيطانية، وإزاء انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي بجميع الأشكال... فإن الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل والمناهضة لإفلات إسرائيل من العقاب التي ندعو إليها تندرج أيضاً ضمن هذا التاريخ الطويل من هذا النضال المشروع. لقد أضحت حملة مقاطعة السياسة الإسرائيلية التي تم إطلاقها في تموز من عام 2005 بدعوة من المجتمع الأهلي الفلسطيني حملة ذات بعد عالمي، وقد انضمت إليها النقابات البريطانية والأيرلندية، وكذلك المناهضون الإسرائيليون للاستيطان وضمن هذا السياق سحبت جامعة هافارد الأميركية جميع توظيفاتها من إسرائيل البالغة 40 مليون دولار، وكذلك هددت جامعة جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا بقطع كافة علاقاتها الاقتصادية والأكاديمية مع جامعة بن غوريون. كما وألغت للتو الحكومة الهولندية جولة كان مقرراً أن يقوم بها رؤساء البلديات الإسرائيلية بسبب وجود ممثلين عن المستوطنات الإسرائيلية إفرات وكريات أربعة ضمن الوفد، وكان كبير الأساقفة في جنوب إفريقيا ديزموند توتو، الحاصل على جائزة نوبل للسلام في الكفاح ضد نظام الفصل العنصري قد صرح مؤخراً قائلاً: « انتصرنا على نظام الأبارتيد دون استخدام العنف لأن المجتمع الدولي وافق على مساندة حملتنا في قطع الاستثمارات عن جنوب إفريقيا. ويمكن لإطلاق حملة مماثلة في الشرق الأوسط أن تحقق السلام.» فهل سيهاجمه سامي غزلان والمحاكم الفرنسية بسبب تحريضه على (الحقد العنصري) ؟ التهمة الإجرامية الغريبة ضد حملة المقاطعة في فرنسا. حيث تعتبر دعاوي تجريم الناشطين الداعين في فرنسا إلى المقاطعة حالة فريدة من نوعها، كون البعض يعتقد أن قوة وسلطة المحاكم وحدها تستطيع كسر شوكة حركة اجتماعية، أهلية ومناهضة للاستعمار. سيأتي يوم، لا ريب فيه، نضحك فيه من هذه القيم المقلوبة، التي تعمل من المواطنين العاديين الذين يدافعون عن حقوق الشعب الفلسطيني بسلاح المقاطعة وسلاح اللاعنف مجرمين، بينما تعمل من إسرائيل ضحية تدافع عن نفسها. وفي غضون ذلك، ابقوا جادين ومثابرين، لأنه لدينا كل الحق في مقاطعة إسرائيل طالما لا تحترم القانون الدولي وترفض الانصياع إلى القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة. نعتبر حملة المقاطعة هذه مشروعة، وسوف نواصل العمل بها على غرار حملة المقاطعة الدولية التي بدأت تؤتي أوكلها. لأن هذه السياسة الاستعمارية لدولة مدججة بالسلاح التي تعمل على الاختفاء خلف المحاكم الفرنسية يعني أن سياستها تلك علاها الضعف أخلاقياً، وعليها الخضوع في الحال للقانون الدولي. بقلم: مجموعة أساتذة جامعات فرنسية |
|