تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بطالة ... و البحث عن كفاءات وتأهيل

فرصة عمل
الخميس 11/9/2008
مرشد النايف

العولمة والنمو الاقتصادي المتسارع قلبا معايير ثروة الأمم إذ لم تعد ثروة الدول تقاس بمواردها وثرواتها الطبيعية, فهذه ناضبة وآيلة إلى زوال, المعايير الحالية للثروة تعتمد على انتاجية الموارد البشرية وقدرتها على التنافسية, وكفاءة الموارد البشرية هي من يحدد نسب النمو وإنجازات الاقتصاد.

انعدام التدريب يقلص فرص العمل‏

التقارير الأممية تصف العمالة العربية على الدوام بأنها قليلة التدريب, غير كفوءة, لأنها جاءت من مخرجات تعليمية لا تحرض على الابتكار وإن حال هذه العمالة لا يتناسب بحال من الأحوال مع متطلبات أسواق العمل المحلية ولذلك تسجل الدول العربية نسب بطالة مرتفعة تعود أسبابها إلى عدم قدرة بعض الاقتصادات على استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.‏

والسبب الثاني يكمن في عدم امتلاك تلك الكوادر لمؤهلات أساسية تخولها دخول الحيازة على فرص العمل المطروحة.‏

والعمالة السورية ينطبق عليها التوصيف إياه فهي في معظمها (وهنا نتحدث عن عمالة القطاع الخاص) لا تمتلك المهارات المطلوبة لسد احتياجات سوق العمل, كما أنها تستطيع موازاة الإفرازات الجديدة للانفتاح الاقتصادي وما أدخله من (اختصاصات) لا عهد للعمالة السورية بها كقطاع الخدمات مثلا,ً فقد بقيت عربة العمالة متأخرة كثيراً عن اللحاق بتلك الاختصاصات.‏

بعضهم يرى في الأمر بطالة وآخرون يرون فيه أزمة تأهيل تدريب ونشير هنا إلى أن منظمة العمل الدولية تعرف العاطل عن العمل بأنه الشخص القادر على أداء عمل معين وبحث عن فرص عمل لكنه لم يجدها.‏

الشاعر : المصارف وشركات التأمين استأثرت بالعمالة المميزة‏

الصناعي محمد الشاعر يقر بوجود شرخ كبير في سوق العمل من حيث العرض والطلب, ففي رأيه أننا لا نمتلك عمالة مؤهلة ومدربة لسد احتياجات السوق ويضيف أنه يجب علينا إعادة النظر في موضوع التدريب والتأهيل بدءاً من المدارس مروراً بالمعاهد التدريبية وانتهاء بالتعليم العالي.‏

وفرّق الشاعر بين المهارات الأساسية المطلوب توافرها في المتقدم للعمل وبين التدريب, فالمنشآت الصناعية,مثلاً تحتاج عاملاً يمتلك مهارات أساسية بالحد الأدنى وبعدها يأتي دور المنشأة في التدريب البعيد المدى, مدللاً أن الصحف والجرائد الإعلانية تنشر يومياً فرص عمل كثيرة جداً, لكن المتقدمين المؤهلين يكون عددهم قليلاً مقارنة بما يعرض من فرص عمل, مع أن طلبات التوظيف لا تشترط مثلاً إلا إجادة لغة أجنبية أو العمل على الكمبيوتر أو الإلمام ببعض المهارات الإدارية ولذلك تتجه هذه العمالة في معظمها إلى العمل في القطاع العام, ويرى الشاعر أن حائزي المهارات من قبيل إدارة الأعمال وعلم التسويق هي قليلة جداً في بلدنا لأن مناهجنا التعليمية في المراحل المختلفة لا تؤهل كوادراً في هذا المجال وإن كان ثمة من يحملون شهادات في هذه الاختصاصات نجد أن تلك المناهج التي درسوها قديمة لا تتناسب مع المستجدات الحديثة التي طرأت على الاختصاص ويضيف أن ثمة (مشكلة) ظهرت على السطح خلال العامين الماضيين مفادها أن المصارف الخاصة وشركات التأمين استقطبت العمال المميزين وهذا الأمر انعكس سلباً على القطاع الصناعي والسبب أن تلك المؤسسات تدفع رواتب أعلى مما كانوا يتقاضونه في أعمالهم السابقة, وخلص الشاعر في حديثه أن عمالنا تنقصهم المهارات الأساسية وإن العامل صاحب المهارات العادية لا يصلح للعمل في سوق يتطلب مهارات تنافسية وإن على وزارة الشؤون الاجتماعية تنظيم سوق (العمل) وتحديده وخاصة أننا مقبلون على سوق منفتح يتطلب رفع مهارات كوادره.‏

400 مدرسة ومعهد‏

وثانوية للتدريب المهني‏

وانعكاس ما تقدم عن واقع العمالة في سورية وخاصة في القطاع الصناعي نجد له ترجمة رقمية عند منظمة العمل العربية, إن متوسط نصيب انتاجية العامل السوري في السنة من الناتج الصناعي,ارتفع 3,6 دولارات في عام 2002 إلى 3,8 دولارات في عام 2004 مقارنة ب 187 دولارات للعامل السعودي و 512 دولاراً للعامل في قطر.‏

كما أن ثمة دراسة أعدها المهندس عبد اللطيف زرنجي تقول: إن متوسط انتاجية العامل سنوياً في لبنان بلغت عام 2000 نحو 13000 دولار في حين بلغت في سورية 3634 دولاراً.‏

ويشير زرنجي إلى أن انتاجية العامل العربي لا تتجاوز 15 بالمئة من إنتاجية مثيله في الدول المتقدمة أما مقارنة بالدول المتطورة جدا كالمانيا واليابان فتبلغ 6% فقط.‏

وسورية منذ زمن تحاول ربط مخرجاتها التعليمية بحاجات تلك السوق, فقد بلغ عدد المدارس في التعليم المهني والفني نحو 65 مدرسة وأضيفت إليها 201 ثانوية مهنية و 15 ثانوية تجارية و 75 ورشة في الثانويات المهنية الصناعية القائمة ومعاهد فنية متوسطة ومعاهد تتبع لوزارة الصناعة ومعاهد لوزارة الري ولوزارات أخرى عديدة, بالإضافة إلى معاهد ومدارس التدريب المهني التي لا تشترط الحصول على شهادات ويسجل العامل فيها ويتخرج بعد أشهر وهو يحمل مهنة رغم ذلك تصف النقابات العمالية تلك المعاهد بأنها لا تلبي سوى 10% من المهن الموجودة في سورية, أهل العلم والاختصاص يقولون: إن سورية تحتاج إلى التعليم الفعال و هو تخريج الطالب حسب المستوى العلمي مزوداً بالمعلومات النظرية والمهارات العملية والخبرات وسلوكيات العمل والتمتع بالقدرة على التنبؤ باتجاهات اختصاصه في المستقبل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية