تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غزة... على حافة الكارثة دائماً!!

كريستيان ساينس مونيتور
ترجمة
الأربعاء 15-9-2010م
ترجمة: حكمت فاكه

في أعقاب الهجوم الشرس والوحشي الذي شنته إسرائيل في الحادي والثلاثين من شهر أيار الماضي على سفن أسطول الحرية، تم توجيه انتقادات غير مسبوقه إلى الحصار الذي ظلت تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات،

فبالإضافة إلى الحصار البحري على القطاع، تفرض كل من مصر وإسرائيل قيوداً مشددة على حركة البضائع والأفراد عبر حدودهما ويتأثر بهذه القيود حتى المرضى الفلسطينيين الذين تضطرهم ظروفهم وحالاتهم المرضية إلى السفر للعلاج خارج القطاع.‏

ومن جانبها تدافع إسرائيل عن سياساتها المطبقة وتصفها بالضرورية لمنع وصول الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى مقاتلي حركة حماس، ولاسيما الحركة التي تسيطر على القطاع وتواصل تمسكها بعدم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ويصف المسؤولون الإسرائيليون التقارير الواردة عن تردي الأوضاع الإنسانية في القطاع بأنها مبالغ فيها بل نفى رئيس الوزراء نتنياهو وجود أزمة إنسانية أصلاً في القطاع جاء ذلك خلال لقاء تلفزيوني له أجري مؤخراً لكن وفقاً لرأي الخبراء، فإن توصيف الوضع الحالي في القطاع ليس بالقضية السهلة فعلى حد قول- كريس غانيس- الناطق الرسمي باسم وكالة الغوث والأشغال التابعة للأمم المتحدة، وهي الوكالة التي تقدم المعونات للاجئين الفلسطينيين: «نحن لانتحدث هنا عن كارثة طبيعية ناشئة عن فشل موسم الأمطار، فالذي نقصده هو أن غزة ترمز إلى كارثة سياسية ذات أبعاد وعواقب إنسانية مثيرة للقلق» وعليه فهناك من يحاجج بالتحسن المطرد لمستويات الإعمار في القطاع.‏

لكن يلاحظ آخرون أن عدد القتلى من المدنيين في القطاع أثناء الحملة العسكرية التي نفذتها إسرائيل قبل تسعة عشر شهراً، يزيد عن مجموع عدد القتلى المدنيين في إقليم دارفور السوداني طوال العام الماضي 2009 وصحيح أيضاً أن أمراض سوء التغذية لاتزال أبعد من أن توصف بأنها حالة طارئة مثيرة للقلق، لكن في الوقت نفسه يتزايد اعتماد أعداد أكبر من الغزيين على المساعدات الغذائية الدولية، أكثر مما يفعل الصوماليون.‏

ومن جانبهم، لايبلغ المسؤولون الصحيون عن انتشار أوبئة الكوليرا والحصبة والإسهالات ومع ذلك فإن نسبة تلوث المياه في القطاع تصل 90 بالمئة، وهي نسبة تجعلها غير قابلة للشرب، وفي المتوسط يلقى اثنان من مواطني القطاع يومياً حتفهم تحت تأثير الأمراض التي تستدعي الحصول على أذن السفر نحو الخارج بسبب البيروقراطية والقيود المشددة المفروضة على هذه الاجراءات، وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية.‏

وعلى حد وصف رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة- محمود ظاهر فإن هذه ليست من نوع الكوارث التي يشاهدها الناس في المناطق الأخرى من العالم فالقطاع يظل على حافة الكارثة دائماً، وبدون تقديم المساعدات اللازمة من المجتمع الدولي، فإنه من السهل أن يتحول الوضع الحالي إلى كارثة حقيقية وبين العبور على امتداد نصف ميل إلى محطة تفتيش-إيريز- والوصول إلى غزة ليس هناك سوى التضاد الصارخ ففي الجانب الإسرائيلي هناك مراكز التسوق والإشارات المرورية أما في قطاع غزة، فهناك العربات التي تجرها الحمير وقطعان الأغنام التي تعبر الشوارع وباستطاعة المرء أن يرى الشباب والأطفال الصغار وهم ينبشون ركام وحطام المباني التي هدمتها القنابل الإسرائيلية بحثاً عما تبقى من مواد المباني وفي ممرات الشوارع الجانبية، عادة ماترى العاطلين وأصحاب المحال التجارية وهم يدخنون ويشربون الشاي بحثاً عن زبائن نادراً مايأتون.‏

وإذا ما انتقلنا إلى مشفى الشفاء حيث يحدثنا مديرها العام الدكتور حسين عاشور عن أن الوضع في مؤسسته الصحية المكتظة بالمرضى أبعد من أن يكون طبيعياً، ذلك أن المشفى تصارع من أجل الإبقاء على أبوابها مفتوحة أمام المرضى في ظل القيود التي تفرضها كل من مصر وإسرائيل على عبور المواد والمعدات الطبية اللازمة، فقد ظل قسم الرنين المغناطيسي مغلقاً منذ عام كامل بسبب عدم تمكنه من الحصول على قطع الغيار لإصلاحه، وهناك نقص حاد في الأصباغ الطبية التي تستخدم في تشخيص أمراض السرطان وكذلك نقص مماثل في البطاريات المستخدمة في أجهزة غسيل الكلى، ولاتقل مدة انتظار المرضى للعمليات غير الطارئة مثل إزالة اللوزات والفتاق عن ثمانية عشر شهراً.‏

ومنذ بدء الحصارتقلص اقتصاد غزة المحلي الضعيف أصلاً وبالنتيجة أصبح يعيش نحو ثلثي سكان القطاع تحت خط الفقر بينما تتجاوز معدلات البطالة بين الشباب 40 بالمئة إضافة إلى ذلك تم إغلاق مايزيد على 95 بالمئة من مصانع القطاع أبوابها.‏

وليس ذلك فحسب، بل تدهورت صناعة صيد الأسماك التي بقيت مزدهرة باستمرار إلى حد أرغم المواطنين على الاعتماد على المعونات الغذائية الخارجية.‏

وعلى حد قول -ساري باشي- رئيس منظمة- جيشا- الإسرائيلية المدافعة عن مواطني قطاع غزة، فإن الهدف هوممارسة ضغط مستمر على حماس عن طريق تخريب الاقتصاد المحلي، وهذا مايجب وصفه بأنه عقوبة جماعية لسكان القطاع.‏

 بقلم ادموند ساندرز‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية