تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السودان يا عرب

الافتتاحية
الأربعاء 15-9-2010م
بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود

منذ اتجه العقل العربي المعاصر إلى فكرة الوحدة العربية، أو بالأحرى «الوحدات العربية..» لم يكن السودان بشماله وجنوبه بعيداً عن هذه الفكرة..

على العكس من ذلك.. أظهر السودانيون انتماء عروبياً لافتاً.. وللعلم كان لحزب البعث العربي الاشتراكي تنظيم مهم في هذا البلد، الذي قد ينظر إليه بتبسيط لشأنه.. علماً أنه بلد يضم شعباً مسيساً منذ يومه..‏

الحزب الشيوعي السوداني كان من أقوى الأحزاب الشيوعية في الوطن العربي قبل أن يتلقى ضربة قاصمة إثر محاولة انقلاب قادها الرائد المرحوم هاشم العطا في أواسط السبعينيات وانتهت إلى إعدام عدد كبير من الشيوعيين والقادة النقابيين.‏

وعبر التاريخ كان السودان توءم مصر «وادي النيل» وكررت كتب التاريخ القديم مراراً عبارة «مصر والسودان».. ويوم قامت محاولة تشكيل اتحاد عربي كمشروع وحدوي كان السودان رابع دوله مع سورية ومصر وليبيا.‏

من جهة أخرى لقب السودان ب «سلة الغذاء العربي».‏

لكن..‏

سياسياًَ وسياسياً أولاً وبالتدخل الخارجي الدائم بهذا البلد العربي الكبير كان السودان ينتقل من واقع إلى أسوأ منه.. حتى اكتشفوا النفط.. فبدأت ملامح الكارثة ترتسم.. «النفط مستعبد الشعوب».‏

وبدأ التخريب من كل اتجاه.. لا أبرئ أحداً.. ولا أستثني أحداً.‏

وزادت التدخلات وأصبحت علنية دون مواربة.‏

تدخلات عسكرية عبر إفريقيا.. وعبر السماء «قصفت الولايات المتحدة معملاً للأدوية بصواريخ مجهولة المصدر على أساس أنه موقع لأسلحة الدمار الشامل».. وتدخلات سياسية لا تقول ماذا تريد لكنها تعرف ما تريد وقد أمسكت بأطراف عدة لخيوط اللعبة.‏

هكذا وفي محصلة هذا التردي.. طرح استفتاء الجنوب «9 كانون الثاني 2011» على مسمع الجميع ومرآهم.. وقد استنجد السودان أكثر من مرة بمحيطه العربي.. لكن...؟!‏

استفتاء الجنوب يعني ببساطة تقسيم السودان..‏

يعني غياباً كبيراً لدولة عربية كبيرة.. كان يمكن أن تكون ذات فعل حقيقي في حياة وضمير الأمة العربية.. كما هي نظرياً..‏

أنا لا أستبق نتائج الاستفتاء.‏

وأتمنى دون أي احتمال آخر أن يختار الجنوبيون وحدة السودان وليس استقلال الجنوب.‏

لكن قناعتي أنه لو كان هناك أي احتمال لمثل هذه النتائج لما كان الاستفتاء..!!‏

الذين رسموا الطريق إلى هذا الاستفتاء يعرفون نتيجته..‏

حلم... ألا يكون الأمر كذلك.. وأن تثبت وحدة السودان.‏

لكن أسأل سؤالاً:‏

هل من الشرعي والقانوني أن يقسم بلد على أساس استفتاء في ظروف غير طبيعية كالتي يشهدها السودان اليوم..؟!‏

ولهذا السؤال ملحق يقول:‏

ما موقف العرب من ذلك.. أعني من تقسيم السودان؟.‏

لقد أكدت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية - ولا أعتقد أن أحدكم يشكك بمعلوماتها حول مايجري هناك- أن الجنوب سيختار الانفصال حتماً.‏

وبدت متهيبة لهذا الواقع الجديد في هذه المنطقة.‏

أميركا متهيبة.. رغم أصابع لا تخفي حركتها الخفية فيما يجري وسيجري..‏

نحن العرب غير متهيبين ! وكأن الأمر لا يعنينا.. وربما ترسل جامعة الدول العربية بعثة لمراقبة الاستفتاء ولتكون شاهدة على الجريمة.‏

السودان يا عرب..‏

السودان..‏

أن يقسّم السودان باستفتاء فكل دولكم مهددة بالمصير ذاته.‏

a-abboud@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية