|
متابعات سياسية انتمى للفعل الوطني والقومي وقضية العرب المركزية «القضية الفلسطينية» منذ نعومة أظفاره..وقع في الاسر الصهيوني وهو لم يتجاوز العشرين من عمره..كبر ونضج في اتون تجربة الاسر القاسية والصعبة وهو في بطن الوحش الصهيوني..تعرفت على سمير القنطار في سجن عسقلان عام 1978 كان السجن حينها خارجا من اطول اضراب في التاريخ..سرعان ما كسب سمير ثقة واعجاب من سبقه في الاسر..اندمج في واقع السجن واصبح احد نشطائه ورموزه..كنا نتلمس نظرة ادارة السجن لسمير في اعين كل سجان بكثير من نظرات الحقد والكراهية.. كان سمير يقرا نظرات السجان له ولغيره من الاسرى المناضلين..كان يرد عليها بمزيد من الصمود والوعي والمعرفه بطبيعة هذا العدو..اتقن العبرية وبعدها الانجليزية..انكب مع غيره من الاسرى على المطالعة والقراءة والكتابة ورفد التجربة الاعتقالية بكل ما يعزز صموده ومعرفته بهذا العدو النازي الجديد.. اندفاعه الوطني والقومي شكل احدى ملامح شخصيته..وحبه وغيرته على غيره من الاسرى جعل منه احدى قامات الاسر العظيمة..انتقلت انا وسمير القنطار من سجن عسقلان الى سجن بئر السبع في منتصف عام 1980... كم كان سمير متحمساً إلى درجة الاندفاع ونحن في السجن نحضر ونضع اللمسات الاخيرة للاضراب التضامني مع سجن النفحة الذي تم افتتاحه حينها لمن بعتبرهم قادة ومحرضين في بقية السجون..كان في مقدمة المضربين وآخر من فك اضرابه...شاءت الظروف ان نعيش في غرفة واحدة في قسم «أربعة» في «بئر السبع» ساهم الاقتراب بيننا للنفاذ الى اعماق بعضنا البعض..اكتشفنا اننا نتشارك في كثيرمن الطباع والافكار وحتى السجايا..اصبحنا لانحب ان نفترق عن بعضنا البعض..اصبح سمير ودودا جدا..غيورا جدا..مثقفا جدا..«يحب كثيرا الحديث باللهجة الفلسطينية المحببة جدا على قلبه»..امتلك قدرة عجيبة على الدخول في قلوب الاسرى ما مكنه حل كثير من الاشكالات الداخلية بينهم.. نقل سمير قنطار الى سجن نفحة في منتصف عام 1982 على خلفية سياسة ادارة السجون العامة حينها «سياسة الباب الدوار» سياسة التنقل المستمر بين مختلف السجون والمعتقلات..فيما نقلت حينها الى اكثر من سجن...نقلت الى سجن نفحة في شهرتشرين أول من عام 1982 حيث كان العدوان على لبنان في اوجه..كان اللقاء مع سميرعاطفيا جدا...رتبنا امورنا ان نتجمع في غرفة واحدة..اجتمعنا في غرفة «6» في سجن النفحة... كانت الاخبار تنقل الينا حينها نية جيش الاحتلال الدخول الى قرية «عبية» في جبال الشوف وهي قرية سمير القنطار..صرنا نتتبع الاخبار ساعة بساعة دقيقة بدقيقة..قام سمير ذات مرة واتي بخريطة للبنان وفلسطين وفردها امامنا نحن الاثنين وصاريخمن ويضع الاحتمالات التي من خلالها سوف يقتحم جيش الاحتلال قرية عبية..فجاة تناول سمير مسطرة ومدها بين قرية عبية وقريتنا «عقربة» قضاء نابلس في فلسطين..قلت له ماذا تفعل..اقيس المسافة بين قريتنا في جبل الشوف وقريتكم في جبال نابلس..رمى المسطرة جانباً وقال:«اتعرف يا صديقي ان المسافة بين القريتين كما هي المسافة بين طلقة الجندي الصهيوني وراس أي عربي شريف في هذه الامة» وكأنه يعرف في ذلك الحين انه لن يكون بمنأى عن الحقد الصهيوني ولو بعد حين.. حررنا عام 1985 في صفة التبادل بين القيادة العامة والكيان الصهيوني..وبقي سمير في الاسر وكان من ضمن قائمة من الاشخاص الذين رفض زعماء الكيان تحريرهم ولو ادى ذلك الى فشل صفة التبادل.. كان وجود سمير خلفنا في السجن قاسيا جدا علينا نحن الذين تحررنا.. زرنا نحن مجموعة من الاسرى المحررين منزل سمير في عبية والتقينا بوالدته وافراد عائلته..كتبنا له رسائل عبر الصليب الاحمر..تواصلنا معه عبر أي وسيلة او واسطه متاحة..استطاع ان يهرب هاتفا نقالا الى سجنه..وكان يحرص ان يتواصل معنا يضعنا في صورة الاوضاع في سجنه وبقية السجون.. فكلما طالت فترة الاسر كلما تعززت القناعة الاكيدة لدى سمير بخيار المقاومة باعتباره الخيار الوحيد والاوحد القادر على حسم الصراع مع هذا العدو الصهيوني النازي الجديد... طوى الايام والشهور والسنين في الاسر..وقد اصبح اكثر قناعة واعمق انحيازا لخيار المقاومة «وحزب الله»عنوان المقاومة واصدقها في الزمن العربي الرديء.. تحرر سمير بعد ثمان وعشرين عاماً من الاسر والعذاب رغم انف العدو ..لم تلن له قناة.. لم تهتز قناعته بالنصر الاكيد على المشروع الصهيوني..كان ذلك واضح خلال لقاء تكريمي له مع رفاقه واخوته الاسرى المحريين في دمشق..كان لقاء حميميا جدا اختطلت فيه الذكريات بالامال العريضة..سمير الان رمز لكل ماهو مناضل ومجاهد ووطني وقومي وانساني.. سمير جسد في شخصيته كل معاني الصمود والتضحية والافكار السامية..اخر لقاء لي مع سمير في بيروت في مطلع«2013»..كانت الاحداث في سورية قد بلغت منحى خطيراً..جلسنا تناقشنا..كان سمير يدرك ان سورية الان صارت في مركز الاستهداف الغربي والامريكي الصهيوني بالتحديد..سورية بكل ما تمثل من موقف وتاريخ وحضارة..يجتمع عليها الغرب الاستعماري والاعراب من بني سعود وغيرهم ممن باعوا بلادهم وضمائرهم للغرب الاستعماري وحتى بلغ بهم الامر ان تحالفوا مع الكيان الصهيوني..لم يكن سمير خائفاً على سورية أو المقاومة .. كان واثقا تمام الثقة بانتصار سورية وكذلك بانتصار خط المقاومة...يكفي سمير فخراً انه استشهد وهو يتقدم الصفوف الاولى للمقاومة وبعد ان اعلن قادة الكيان الصهيوني انه المطلوب الاول على قائمة الاستهداف..ويكفي عليا بن سمير فخراً بأنه سيحمل الراية من بعده..سلاماً سمير..سلاماً أيها الاخ والرفيق والصديق لقد نلت ما كنت تتمناه منذ زمن..المجد لك والسلام عليك.. Email:hadba47@hotmail.com"> Email:hadba47@hotmail.com |
|