تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بقليل من الانضباط

الأحد 26-8-2012
شهناز صبحي فاكوش

الشعوب الكبيرة تولد من رحم الأزمات الكبيرة مقولة يرددها العقلاء في كل زمان.

ولأن الشعب العربي السوري عريق في أصالته كبير في تاريخه عظيم في بنيته تخترقه الأزمات الكبيرة وتجتاحه العواصف الصاخبة وهو بكبره وعظمته وعراقته وأصالته قادر على هضم الأزمات بصموده في وجه العواصف.. ولأن الأزمات تفرز الفوضى التي تأخذ الكثير من الأحداث إلى مساحات الخطأ فإننا نحتاج إلى الكثير من التعقل والانضباط والحرص الشديد لأن عدم الانضباط والتعامل بردود الأفعال العشوائية يورث أخطاء تترك في نفوس الناس شرخاً يحتاج إلى الكثير من الوقت ليستطيع المرء تجاوزه ويبقى الزمن كفيلاً إما برتقه، وإما من ثقله على قلب الإنسان ومشاعره يظل ينز طوال العمر.‏

إننا في لحظات الألم تستعر المشاعر وتتقد الجوارح حتى ليظن المرء أنه لم يتجاوز محنته أبداً فكيف بقلب أم ثكلى وأب مكلوم وأخوة أو أبناء يفقدون جزءاً منهم عزيزاً وخاصة إن كان الفعل بسبب خطأ أو عدم انضباط أو دراية أو برد فعل غير مدروس ما يحرج كثيراً ممن يدركون أن الوطن يستحق الشهادة والتضحية لكن أن يستشهد المرء بلا ثمن؟!.. بلا.. إن الثمن هو حرية الوطن وأمانه وتماسك شعبه وكل شهيد في ساحة الوطن نبراس نور تفضي روحه إلى الجنة درب النصر والانتصار وتعبده بزكي دمه الطاهر.‏

فعل اللحظة يولد رد فعل لا يقدره إلا من يعيشها ولكن ببعض الحكمة والانضباط في التصرف وضبط النفس في عدم تجاوز لحظة الإدراك يمكن أن يتلافى المرء الكثير من الصدمات التي قد تولد حنقاً لا يستفيد منه إلا المغرضون الذين يلتقطون نقطة الضعف هذه فيؤججون ناراً لا يطفئها خفاف السماء مهما طال زمنها..‏

إنهم يستهدفون مساحات الوطن المختلفة بمن عليها فيأتي رد الفعل من ذات الفعل ولكن مع الأسف لا يصيبنّ الذين ظلموا خاصة فتتوسع المساحات لتنال ممن هم براء من كل ذنب يكون قد اقترفه الآخرون..‏

أيها الأحبة كلكم فلذات قلوب أمهات جاورتم قلوبهن أشهراً حتى تنشقتم هواء الوطن وكبرتم كسنابل القمح التي يشقى الزارع لتؤتي أُكلها.. فارموا السلاح كي تحافظوا على زرع آبائكم وأمهاتكم ولتحفظوا مع أرواحكم أرواحاً نذرت نفسها لحمايتكم والوطن وتسهر زمناً لحفظ أمانكم.‏

وكي لا يضيع في لحظة غفلة يغمض فيها الدهر جفنه والفطنة تهاجر من مكانها والحكمة تغفو بلا حساب العواقب شباب في عمر الورد أو أطفال أو نساء هم ليسوا في حسابات أحد وإن كانت الآجال مكتوبة والأسباب والموجبات محسوبة ولا راد لقضاء الله لكننا بالانضباط ومحاسبة غير المنضبطين والتشدد في تطبيق التوجيهات والتوصيات وامتلاك الحكمة لحظة نحتاجها فلا يظلم بريء ولا يتجاوز الفعل الزمان والمكان المحسوبين لها يمكننا اعمار النفوس هدوءاً وسلاماً ويمكننا تفادي الكثير من الأخطاء والضحايا ما يجعل كل فاقد لغال (وخاصة إن كان قطعة من كبده) محتسباً عند الله فقيده شهيداً في الجنة وعندما يحاسب المخطئون وتنصب موازين العدالة في القصاص ويعلن استشهاد الأبرياء بوصف الحقوق يتولد عامل جديد في بلسمة الجراح بيد أصحاب الحكمة واللوذ في حياضهم وفي النهاية لا يملك المرء إلا أن يقول ما يرضي الله (إنا لله وإنا إليه راجعون) والمؤمن يعرف أن لكل أجل كتاباً ولا يمكن القول إلا ما يرضي الله إنا لله وإنا إليه راجعون.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية