|
قاعدة الحدث
، وباتت تمارس العنف غير المحدود وغير المقيد بقانون أو بأخلاق، وما يفاقم الأمر مرحلة الاضطراب وعدم الاستقرار التي تعيشها البلاد التي تواجه تصاعدا لأفكار التكفيريين نظرا للفراغ الأمني والسياسي وتدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية وهذا ما تبلور مؤخرا في تصاعد النشاطات الإرهابية في ليبيا. تطور أساليب الجماعات الإرهابية ومدى استعادتها لقوتها، وتداعيات وجودها على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي، أدى إلى تفاقم مشكلة التيارات التكفيرية التي أصبحت غير محددة الملامح ومتداخلة مع بعض التيارات الأخرى، وهي في الوقت نفسه تحمل قدرا من الفكر التكفيري، وأن زيادة حجم التيارات التكفيرية ستجعلها قادرة على القيام بعمليات عنف كبيرة تظهر عدم مقدرة الدولة على مواجهة هذه الجماعات التي دأبت في فرض وجودها وبسط هيمنتها على الساحة الليبية بقوة بعد أن حظيت بالمباركة الأميركية الإسرائيلية التي تسعى لتحقيق مشروعها نحو احتواء ما يسمى “ثورات الربيع العربي” عبر هذه الجماعات التي قدمت لها كل الإمكانيات في سبيل تحقيق مساعيها، لأن فشلها سيكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر المشروع التوسعي الاستعماري. ورأت هذه الجماعات أن الفرصة متاحة أمامها لتحقيق مشروع إمبراطوريتها الموعودة في المنطقة، مستغلة الظروف المحيطة لتحقيق ذلك من خلال مشروع “الأسلمة الجديدة” الذي يتبناه الأخوان المسلمون ممن استغل تبعات الأحداث التي تمر بها ليبيا في فترة ما بعد إسقاط نظام القذافي، والأخطر في الواقع الليبي الكارثي أن ضعف الدولة وأجهزتها، بعد تدمير قوتها العسكرية والأمنية والاقتصادية أوصلتها إلى حالة لا تستطيع من خلالها أن تقف ضد الإرهاب التكفيري المكون من مجموعات وميليشيات وجماعات إخوانية وإسلامية مقاتلة مسلحة ومسيطرة اخترقت أجهزة الدولة، وهي تتلقى كل الدعم الخارجي الذي سهل لها السيطرة على البلاد التي يزداد الوضع فيها تأزما ما أدى لإضعافها وتمزيقها وزجها في الفوضى والاقتتال. وتتجه السلطات الليبية إزاء الفوضى الأمنية الحاصلة في البلاد، إلى بناء جيش وطني جديد، ويأتي هذا التوجه في ظل استفحال ظاهرة الميليشيات المسلحة أو ما يوصف بالكتائب الثورية، التي يبلغ عددها نحو 1700 كتيبة، منها ما هو رسمي فيخضع لوزارة الدفاع ومنها من لا يتبع لأي جهة، وتنتشر مجموعات مدججة بالسلاح في أنحاء مختلفة من العاصمة الليبية، وصولاً إلى مصراتة التي تعتبر منطقة مقفلة تعيش ما هو أقرب إلى الحكم الذاتي، وبعض أجنحتها العسكرية “متهمة” بتجنيد مقاتلين وإرسالهم إلى سورية. وفي بنغازي شرق ليبيا، يوجد تجمع سرايا ليبيا وهو يخضع لإمرة وزارة الدفاع، إضافة إلى كتائب أخرى ومنها حركة أنصار الشريعة المتهمة بالهجوم على القنصلية الأميركية في المدينة، وكذلك كتيبة شهداء 17 شباط ويتراوح عديدها بين 1500 إلى 3500 مسلح، تدعمها وزارة الدفاع وتقيم علاقات جيدة مع الدول الغربية وقطر، ويصل نفوذ هذه الجماعات إلى منطقة كفرة في الجنوب الليبي. أما كتيبة راف الله السحاتي فبدأت كجزء من كتيبة شهداء 17 شباط، وهي تعمل تحت إمرة وزارة الدفاع أيضاً ويتجاوز عدد عناصرها 1000 مسلح. ويعمل تحت إشراف الوزارة أيضاً قوات درع ليبيا، وتضم مجموعات في مصراتة والخمس والعديد من المدن الأخرى. وأثار صعود التيارات الإسلامية خلال الانتخابات قلقاً لدى أوساط بعض العلمانيين من احتمال فرض مزيد من القيود الدينية على المجتمع، وخاصة أن تلك الجماعات لم تربط أقوالها بالأفعال، وهي تريد من الإسلام أن يكون مطية لتنفيذ أهدافهم لقوى خارجية تنخر في المجتمع الليبي وقد نصبوا أنفسهم ولاة لأمور المسلمين يحملون السيف ويفتكون بالبلاد والعباد ، واتفقت جماعة الإخوان المسلمين التي يقول محللون سياسيون: إنها الأكثر تنظيماً وقوة حالياً في ليبيا، مع جماعات إسلامية أخرى على إنشاء أول حزب سياسي قد يصبح لاعباً رئيسياً في أول انتخابات ستشهدها البلاد منذ سقوط نظام القذافي. وقال بشير سالم الكبتي، المسؤول العام (المرشد) لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، إن حزب البناء والعدالة الذي يعتبر الذراع السياسي لـ«الإخوان» قد حصل على المرتبة الثانية في نتائج أول انتخابات متعددة تشهدها ليبيا منذ نحو ستة عقود، ويقر علانية للمرة الأولى بحصول تحالف القوى الوطنية الذي يترأسه محمود جبريل على النصيب الأكبر في نتائج الانتخابات التي أتت بمؤتمر وطني عام بديلا عن المجلس الانتقالي الذي كان يتولى السلطة في البلاد منذ شهر آذار الماضي، رافضا اعتبار هذه النتائج بمثابة خسارة سياسية لـ«الإخوان» ولحزبهم المنبثق عنهم، مشيرا إلى أن عدم تحقيق «الإخوان» في ليبيا لما حققه نظراؤهم في مصر وتونس بعد ما يسمى “ثورات الربيع العربي” يرجع إلى اختلاف الظروف في البلدين مقارنة بليبيا التي يمارس «الإخوان» السياسة فيها بشكل غير مباشر من خلال حزب سياسي مع غيرهم، في وقت أحاطت فيه المحاذير بهذه الانتخابات قبل إجرائها واتضح لاحقا أنه لم يكن لها أي أساس حسب مراقبون. يرجع تاريخ نشأة جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا إلى نهاية الأربعينيات، لكن أول أسرة قيادية للجماعة أُعلنت بشكل رسمي عام 1968 وبعد قيام الثورة عام 1969 شارك أعضاء من الإخوان المسلمين بشكل فردي في الوزارات المختلفة التي شكلت حتى العام 1973 ، لكن الطلاب الليبيين الذين كانوا يدرسون في الخارج عادوا ومعهم فكر الإخوان حيث أعادوا تشكيل وبناء التنظيم عام 1980 وظلوا يعملون سرا حتى اكُتشف أمرهم عام 1999 وتم اعتقال أكثر من مئة وخمسين من قياداتهم فيما تمكن عشرات آخرون من الفرار خارج البلاد وفي السادس عشر من شباط من العام 2002 أصدرت محكمة الشعب الخاصة التي شُكلت لمحاكمتهم حكمها بالإعدام على المراقب العام للاخوان المسلمين ونائبه في ليبيا فيما حُكم على ثلاثة وسبعين متهما آخرين بالسجن المؤبد. |
|