|
شؤون سياسية وتصوير الواقع لديهم غير ما يتصورونه هم، ومن ثم جرّهم إلى القتال والعنف كيف يتحقق لهم ما خطط الآخرون، كان هذا هو عُنق الزجاجة الأول. أما العنق الثاني هوأن تفجير البلد وتحطيم الكيان الحضاري التاريخي وخسارة ماقد ميّز الهوية الثقافية والتاريخية لسورية يمكن أن يكون الطريق الأقصر نحو الحرية المأمولة، وبالنظر والتناظر بين مجمل القضايا التي حصلت على صعيد النظم العربية التي شهدت ما أسموه الربيع سنجد أن كل تركيب سياسي جديد في القطير المعني يهدف إلى عقد الصلة بأميركا وأوروبا وإسرائيل تفتح له مفاتيح القلوب والأبواب، والذي لايُضمّن التركيب السياسي الجديد عنده، أصبح هدف إزالته من الوجود الجيوتاريخي للمنطقة هو الأنسب ومن عجب التاريخ، والحدوثية المشكّلة له، أو المتشكلة فيه هو أن العقل العقلاني دوماً هو المستهدف والمطلوب إخراج الشعب خارج دائرة مصالحه العليا حتى يتسنى لأصحاب المشاريع المعادية تنفيذ مشاريعهم، وهنا صارت المسألة السورية تتضمن براهينها على كل ماطرح من أجلها ولازال يطرح، والدليل أن حرباً على غزة لايتجمهر العرب في جامعتهم من أجلها، وحلولاً تضع المقاومة تحت السيطرة مقبولة، وزعامات عربية تدّعي عدم التفريط بالحقوق التاريخية والسيادة تفرط ويُلتمس لها العذر، ومهمااستدارت طالما أن وجهتها باتجاه التمكين للمشروع الصهيوني فلا مساءلة لها، والملاحظ أن أميركا مع دول ثمان من العالم لم توافق على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل دولة فلسطين غير العضو ولم يزعج هذا القرار أحرار العرب الجدد، أوجبهة العمل المشترك من عرب أميركا ومسلميها في المنطقة، والإعلان الإسرائيلي عن أن هذا القرار بالاعتراف بفلسطين دولة لايغير شيئاً على الأرض كما قال نتنياهو، وصدّرت إسرائيل قرارها من أجل بناء أكثر من ثلاث آلاف وحدة سكنية في الضفة والقدس مباشرة، ولم يجعل هذا القرار أصدقاء فلسطين يجتمعون ويبحثون من أجلها، والغريب أن فلسطين متروكة من دون أصدقاء حتى يقوموا بالحفاظ على حريتها وتحريرها، وسورية هي الدولة العربية الوحيدة التي يساعد الأصدقاء في تدميرها!! وما يجعل الكثيرمن الأوراق العربية التي طنطنوا لها فارغة الشكل والمضمون ما يحدث بجمهورية مصر وكيف سيفرض دستور إخواني بطيفٍ واحد على شعب مصر،وكيف تُنتهك كل التقاليد الدستورية للنظام السياسي في مصر منذ زمن محمود علي والخديوية.. ويبقى محمد مرسي إصلاحياً، ويقود مصر إلى التوحيد الشعبي، والسياسي، ومصر اليوم- بما حدث من اعتصامات ورفض لدستور الفرعون الجديد- مهددة بالتقسيم وليس الحال في تونس وليبيا بأفضل. وفي تحليل الصورة العربية يتضح أن المطلوب من قبل الحلف الأمر وصهيوأوروبي هو ليس بناء مصر أو تونس أو ليبيا، بل المطلوب هو أن يحدث الخلاف على مايُبنى، وتنشب المنازعات حوله تحت مصطلحات الحرية، والديمقراطية، و حقوق الإنسان، ومن هذه المنازعات تتوافر ظروف الحرب الأهلية، والتقسيم وإدخال العرب في التركيب السياسي الجديد الذي تُشرف عليه أميركا وإسرائيل، وبذلك تكون قد قُتلت الإرادة الجامعة لكي يُعاد العقل العربي إلى اللاعقل ثم يتم إخراجه من التاريخ كما حدث بالهجمة العثمانية، حيث خرج العرب من التاريخ لمدة أربعة قرون. وبما حصل في دول الربيع العربي المزعوم، لم يعد مواطن في سورية مقتنعاً بأن القادم فيه نماذج المأمول، بل صارت مدارات الرؤى تشير إلى حاضر أسوأ، ومستقبل أكثر سوءاً، ويبرز هذا المعنى من أن البرامج الواحدة ليست موجودة عند المعارضات السورية، ولا الموحدون موجودون كذلك، نحن يجب أن نؤمن بالتعددية وخصوبتها في الفكر والممارسة، لكن التعددية في مفاهيم الوطن الواحد شيء، والتعددية المؤدية إلى نسف وحدة الوطن شيء آخر، إن كل سوري اليوم صارحريصاً على بقاء الوطن الواحد، وصار مستوعباً من تهجيره من منزله- كيف يدمر الوطن الصغير حتى يطال التدمير وطنه الكبير. ولذلك لم يعد لدى السوريين أي أملٍ بحلول من الخارج وحلول الخارج بالأمان والتأمين والأمن لإسرائيل فقط، وليس له، وهنا نجد أن تفاعل الأفكار بالإرادة الواحدة الجامعة هو الخط الواصل مابين مكونات الخروج من الأزمة في وطن واحد موحد بالجميع وللجميع، ولتعدد الضخ الإعلامي الذي يستهدف قيم العقل السوري التقليدي ثمة مايلفت النظر ويتمظهر بما يلي: لماذا يتم دخول البيوت عنوة عن أصحابها، كما نقتل باسم الآخر بعد أن نكون قد تزيينا بزيه؟ لماذا نقطع طرق إمداد حياةالناس، وعيشها، وكرامتها؟ لماذا نفجر في شوارع زحام المواطنين؟ لماذا لا نقنع المواطن أننا نجتهد ونبذل. ونضحي من أجله؟ ومن رسم خارطة الطريق لمثل ماورد لايمكن أن يكون قادماً بالحرية ولذلك ترتد المسألة للوطنيين السوريين بالإجماع على الإرادة الواحدة، وفرض الحل الوطني التوحيدي السوري بامتياز. |
|