تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية تخوض المعركة ضـد التطرف والإرهاب

الخميس 6-12-2012
د.أمين شرابه

منذ البداية بكل وضوح واختصار، المشكلة في سورية ليست بين معارضة ونظام .على كل معارضة تحمل مشروعاً سياسياً اقتصادياً اجتماعياً أن تنشط للتخلص من الإرهاب أولاً ومن ثم الفساد ثانياً والإنتقال إلى مرحلة البناء ثالثاً.

فيا أحرار العالم اسمعوا وافعلوا ما يمليه عليكم الضمير وما يتطلبه منكم واجب الأحرار وقيم الإنسان. إن ما تتعرض له سورية اليوم يعنيكم، ويعني كل الشرفاء في أي مكان،لأن ما يحصل هو حرب تتمثل بالجهل والشر،بالحقد الأسود والفكر المتطرف والإرهاب الذي يحاول تدمير أقدم حضارات الإنسان. هؤلاء المجرمون الإرهابيون الذين يدعون الإسلام، الإسلام بريء منهم وكذلك المسيحية واليهودية وجميع الأديان،حتى التي سبقت الآديان التوحيدية من أفكار ومبادئ كانت تسعى لتجسيد قيم الإنسان.‏

إن البلاد تتعرض لأخطر هجمة في هذا الزمان، تتصف بالوحشية والإجرام،بالجهل والحقد وتأثير المخدرات والدولار يقتل الإنسان. هؤلاء الإرهابيون ذبحوا إنسانيتهم وتخلوا عن كل ضمير ووجدان، وخرجوا يقتلون الناس كأنهم في رحلة صيد لقتل الطير أو الحيوان، يدمرون الحضارات وكل ما بناه الأباء والأجداد، يقتلون من أجل القتل، يفجرون حتى أنفسهم، ويختارون أماكن الإزدحام،من أجل قتل أكبر عدد من الناس،فيا أيها المدعون الفكر والثقافة والسياسة والديموقراطية والإنسانية، كيف تفسرون وتبررون هذه الأعمال؟! وإلى من يسمون أنفسهم معارضين مثقفين أحراراً، يطلون علينا منفترة إلى أخرى عبر التلفاز،ويحاولون الدفاع عن الإجرام، بالقول:أنه فقط يستهدف عناصر الأمن والجيش والنظام، فكيف تفسرون تدمير الكنائس وبعض الجوامع وممتلكات الناس؟! وذبح البشر على الهوية الطائفية والمذهبية وكل من يعترض على هذا الفكر المتطرف الذي يمارس الدمار والخراب؟!. أنتم أنفسكم سوف تكونون من ضحايا هذا الإجرام الذي تحاولون تبريره بدافع حقد أو مال.‏

تمعنوا في مواقفكم وعودوا إلى ضمائركم، وتخلوا عن أحقادكم،ربما تستيقظ الإنسانية في نفوسكم، وتستطيعون أن تفهموا ما يحصل في وطنكم،وتتخذون المواقف التي تتناسب مع ادعاءاكم، فالفكر المتنور المتفتح لايمكن أن يكون مع الجهل والظلام،هناك معارضون شرفاء أحرار، لم يتخلوا عن وطنيتهم ومصالح شعبهم، رفضوا إغراءات المناصب والأموال ،وظلوا منسجمين مع المبادئ والأخلاق، ويعملون لما فيه خير ومصلحة البلاد،قد تقولون أن هناك فساداًفي الأشخاص والنظام،فأقول لكم لا خلاف على مكافحة الفساد، لكن الفساد لا يكافح بالإجرام والاعتماد على الخارج بالتمويل والسلاح، فذلك هو من أكبر أنواع الفساد، ويصنف في مستوى الخيانة والإجرام.فهل سيطر الحقد والكراهية على قلوبكم وعقولكم ،حتى أصبحتم لا تميزون بين ما هو مفيد أو مؤذى وحتى مدمر للبلاد والعباد. فالمعركة ليست بين الفاسدين ومن يعملون من أجل الإصلاح،بل أصبحت بين من يريد لسورية البقاء ومن يريدون لها الدمار والخراب،بين من يمتهنون القتل ومن يحاولون الحفاظ على قيم الإنسان، تتهمون النظام بالعنف والقتل، فهل لديكم طريقة للتعامل مع هؤلاء المجرمين الأشرار؟! الذين جاؤوا إلى بلادنا من كل الأصقاع تحت اسم الجهاد، معتبرين ذلك هو الطريق الذي يوصلهم إلى جنان الخلدينعمون بالحوريات الحسان،إن التفجيرات التي يقومون بها في الأحياء الشعبية لا تستهدف النظام ،وإنما تهدف إلى قتل وترحيل أناس أبرياء جل اهتماهم العيش بأمان،هذه الأعمال غريبة على طباع السوريين،ولم يكن يصدق أن تصل سورية إلى هذا الحال في يوم من الأيام. فهل لهذه التفجيرات تبرير أو تفسير سوى أن منفذيها مرتبطون مع أعداء سورية في الخارج أو مغرر بهم من أصحاب الفتن الذين يستخدمون الدين والأموال لتبرير حمل السلاح وتنفيذ القتل والتخريب والدمار.‏

في كل يوم نشهد التناقض تلو التناقض في تصريحات بعض السياسيين وفتاوى ما يسمون أنفسهم رجال دين، لما يحصل في سورية وغيرها من البلدان، يشجعون على العنف والقتل في سورية، ويحرمون التظاهر لجماهير أخرى ثطالب بالمساواة، تطالب بإغلاق سفارات اسرائيل ومناصرة شعب فلسطين الذي عانى ويعاني الظلم والقتل والتشريد.ألا يعني ذلك أن هؤلاء مرتبطون بمشروع أمريكي- صهيوني يهدف إلى تقسيم المنطقة كما يريد بما يخدم مصلحة اسرائيل! ويحقق لها الأمن والاستقرار، والسيطرة على المنطقة بما فيها من ناس وثروات! وإلا لماذا هذا الحماس الصهيوني لإرسال السلاح ودعم المسلحين في سورية بالسلاح وأدوات الإرهاب؟! والمثل الشعبي يقول:(( مجنون يحكي وعاقل يفهم.)) فهل يعقل أو يصدق أن يكون لوران فابيس وصديقه الصهيون الكبير برنار هنري ليفي حريصان على سورية أو الشعب السوري؟! أم أنهما يعملان من أجل مصلحة اسرائيل؟! كفاكم غياً وتزويراً وتضليلا ،سورية تنزف ،تحترق،وأنتم تصبون الزيت على النار.‏

الأعداء المتآمرون ، قريبون كنتم أم بعيدون، إن الشعب السوري لن ينسى ظلمكم وظلامكم وإن أمهلكم إلى حين، إن أشلاء السوريين التي تتناثر بفعل المتفجرات التي ترسلون، والدماء التي تسيل بفعل السلاح الذي تزودون، لايمكن أن تمر دون حساب،وإذا كان النظام عاجزاً عن محاسبتكم الآن، فإن أعمالكم لن تمحى بمرور الأيام، وستبقى في الذاكرة إلى يوم سيحاسبكم أبناء الشعب السوري على ما اقترفت أيديكم ضد الوطن والإنسان.وأنتم أيها المتطرفون الإرهابيون لستم إلا أدوات،ستفعل بكم أمريكا وحلفاؤها كما فعلت بكم في افغانستان والعراق، فهل لكم أن تستفيقوا أيها السوريون الذين تحملون السلاح،ومن بلادكم تطردون الغربان، وتعودون للمشاركة في بناء الوطن والعيش مع أبنائه بود ووئام؟! أما أولئك الذين سمعناهم من موسكو يقولون: إنهم ذهبوا إلى هناك من أجل التفاوض لتغيير النظام، وليس من أجل الحوار مع النظام، لهؤلاء أقول: إن شر البلية ما يضحك، فهل نسي هؤلاء أنه لايوجد لديهم أي رصيد بين الناس، بل أنهم منبوذون حتى من الأهل والجيران. والمثل الشعبي يقول«رحم اللـه امرأ عرف حده فوقف عند».‏

وأخيراً أقول: إن سورية ليست المكان المناسب كي ينمو على أرضها فكر التطرف والتكفير،لأن شعبها تربى على المحبة والتسامح والتعايش مع الآخرين، حتى الوافدين إليه من الخارج بسبب المحن التي كانت تقع في بلادهم وذلك منذ بداية التكوين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية