|
ثقافة فضمن الكم الكبير من الأفلام المشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة لمهرجان دمشق السينمائي يبدو أن المهمة كانت صعبة أمام أعضاء لجنة التحكيم خاصة في ظل وجود أفلام قوية أثبتت موقعها عالمياً وأخرى تعرض للمرة الأولى , وبالتالي كيف يمكن انتقاء الأفضل منها ? وما مدى الانسجام الحاصل بين أعضاء اللجنة ? .. كلها أسئلة نضعها بين يدي رئيس لجنة التحكيم السينمائي موريتس دي هادلن ليجيب عليها ويلقي بعضاً من ضوء على واقع السينما العالمية والأوروبية .. ولكن قبل الإجابة لا بد من التعريف بموريتس دي هادلن الذي يسميه البعض (إمبراطور المهرجانات) فقد ولد في إنكلترا ضمن عائلة وفرت له أرضية خصبة من الثقافة الفنية , بعد عمله كمصور ضوئي مستقل حصل على فرصة لإخراج أول أفلامه التسجيلية (Le Pele) (1963) ثم عمل كمونتير سينمائي وكمساعد مخرج وأسس مع زوجته إيريكا (مهرجان نايون الدولي للأفلام التسجيلية) في سويسرا واستمر في إدارته لغاية 1979, ثم ساعد إيريكا في إدارة المهرجان من 1980 إلى 1994, استلم دي هادلن عام 1979 إدارة مهرجان برلين السينمائي , وفي 2002 تلقى الدعوة لرئاسة مهرجان البندقية السينمائي الدولي وكان بذلك أول شخص من غير أصل إيطالي يتولى شؤون ذلك الحدث الفني الهام . سبق وأن كان عضواً في لجان تحكيم دولية مختلفة وهو حالياً عضو في الأكاديمية السينمائية الدولية ويحمل الجنسية السويسرية منذ عام 1986 . تحدث بداية عن الدور المأمول من مهرجان دمشق السينمائي فقال : ينبغي أن يأخذ صدى خارج الشرق الأوسط وهذا أمر هام لأنه يشكل رسالة من سورية للعالم لذلك يجب أن يكون هناك الكثير من الدعم الذي يلقاه هذا المهرجان . تضم المسابقة أفلاماً متنوعة المستوى بعضها أتى من دول العالم الثالث وبعضها الآخر يندرج ضمن إطار السينما العالمية (الهوليودية) .. فكيف تعاملتم مع هذا التفاوت ? مشكلة مهرجان دمشق السينمائي أنه يقام كل سنتين مرة وبالتالي يصبح أمامه كم كبير من الأفلام (على مدى سنتين) ليقدمه إلى جمهوره , وقد كنا كلجنة تحكيم نعي هذه المشكلة ومن الواضح جداً من خلال ما قدم في المسابقة أن هناك أفلاماً أنجزت ضمن ظروف صعبة لم يكن أمامها الفرصة للعرض ولم يسبق لها أن شاركت في أي مهرجان ولكن بالمقابل هناك أفلام سبق وشاركت في مهرجاني (كان) و(برلين) , والمهم برأيي من ذلك كله أنه قدمت للجمهور السوري أفلام جيدة . ولكن يجب أن ينتبهوا للجانب الدولي من المهرجان لأني أرى أن الحل في مهرجان دمشق يكمن في أن يقام بشكل سنوي ومنتظم وإن كان عدد الأفلام اقل ليوضع على الخارطة الدولية . > هناك مقولة أن المهرجانات في معظمها هي أقرب للجانب الاستعراضي منها للإبداعي .. فإلى أي الجانبين يمكن أن ينتمي مهرجان دمشق برأيك ? >> إنه لم يقع في مطب الجانب الاستعراضي لا بل شعرت بالدهشة من الاختيار عالي المستوى للأفلام فليس هناك مهرجان جيد من دون أفلام جيدة . ولدى الحديث عن مقاييس دقة الاختيار في مهرجانات دبي والقاهرة ودمشق (على سبيل المثال) نجد أن مهرجان دمشق هو الأفضل ففي مهرجان دبي قد يقعون في هذا المطب لأن هناك الكثير من المال وفي القاهرة قد يقعون فيه أحياناً فالوضع في المهرجان غير مستقر من هذه الناحية . > متى نقول عن فيلم أنه حقق السوية الجيدة ? وهل يمكن اعتبار الضخامة الإنتاجية والإبهار البصري مقياساً لذلك ? >>هناك أفلام تحتاج لإنتاج ضخم لكن المال لا ينجز نوعية دون دور هام للموهبة فهي الأهم لذلك تجد أفلاماً مهمة جداً لكنها غير جيدة , وهناك أفلام يكون فيها النص والإخراج والتمثيل جيداً ولا يكون إنتاجها مكلفاً . فعلى سبيل المثال لاحظنا في المهرجان أن هناك أفلاماً صغيرة إنتاجياً لكنها عميقة ومهمة . >كيف تتعامل مع مقولة أن السينما في أميركا تتقدم بينما في بلدان العالم تتراجع !! >> مر تطور السينما عبر سنوات طويلة من خلال موجات سينمائية فكان هناك اكتشاف للسينما الصينية والألمانية , الإيطالية .. وأظن أن هناك ظروفاً محيطة تؤثر على السينما . ولكن المشكلة في بعض الدول هي إعلانية فيجب أن يكون هناك استمرارية كي لا يخمد الاهتمام فما يحدث أنه يتم إنجاز فيلم أو فيلمين ولكن ينبغي أن يكون هناك استمرارية . > هل لا تزال هذه المعاناة مستمرة الأوربيون يعانون من سيطرة النمط الأميركي على إنتاج أفلامهم .. ? >> إننا نحارب هذا الأمر حتى تبقى السينما لدينا متطورة لأنها جزء من الثقافة, إنهم يتحكمون بالسينما والإعلام لذلك نجد صعوبة لكننا نحاول . هناك من يتساءل عن سبب نجاح السينما في كوريا, أقول لأن عندهم قانونا يحمي السينما الوطنية والصالات السينمائية هناك ينبغي أن تعرض الفيلم ذا الإنتاج الوطني, والأميركيون لا يفضلون هذا الأمر ولكن في النتيجة نحن كلنا جزء من المستعمرة الأمريكية . والسينما الأميركية تأثيرها عميق جداً رغم أنها سطحية وتتجه نحو مجتمع استهلاكي .. إن تجربة الوجود الأميركي في العراق هي كفيلم وكأن هناك رامبو أو لعبة ألكترونية والكثير من الأفكار والسياسات الأميركية أصبحت أفلاماً أمريكية . >هل استطاعت السينمات المحلية المحافظة على خصوصيتها في أوروبا ? >>أنجزوا أفلاماً فيها ممثلون من عدة دول أوروبية لكني أرى أن الأفلام الأوروبية الناجحة هي تلك التي تنغمس في محليتها وهذه الفكرة تتأكد مرة بعد مرة . وعبر نظرة سريعة نجد أن هناك سينما ألمانية جديدة على يد الجيل الجديد أما السينما الفرنسية فقد تعبت والكثير من أفلامها أشعر أنها مترهلة وإيطاليا تعاني من مصاعب مالية .. وبرأي أنه قد يأتي نتاج مهم من أوروبا الشرقية . > إلى أي مدى تعاني الأفلام الوثائقية والتسجيلية من الظلم على المستوى العالمي ? >> عندما بدأت بإنجاز الأفلام الوثائقية وأقمت مع زوجتي مهرجان نايون الدولي للأفلام التسجيلية كان إنجاز الأفلام الوثائقية بالنسبة لي أمراً مهماً ولم يكن هناك فيديو وكنا نصور أفلام 16 مم وكان هناك صانعو أفلام جيدين , ولكن فيما بعد انقلبت الأمور وأصبح هناك دور للتلفزيون وللصحفيين وبات اليوم صانع الفيلم هو يشرح الصور , كلامي هذا لا يعني أنه ليس هناك أفلام وثائقية مهمة , فعلى سبيل المثال رغم أنني غير معجب بمايكل مور لكن لا يمكنني إنكار فيلمه الجيد . عموماً مما لا شك فيه أن التوثيق والأفلام الوثائقية مهمة جداً ولكن التلفزيون يجعلها أمراً سطحياً وهناك إنتاجات ضخمة توجيهية للرأي الشعبي . |
|