|
دراسات سياسية وفي رحلة الاصرار على الموقف المتمسك بالثوابت, وهذه على الأقل ما يمكن استنتاجها من أصداء على خطاب سيبقى لحظة فاصلة في تاريخ المنطقة, حيث المكان والزمان والتاريخ والحدث, وهو ما تشاركت فيه الكثير من الآراء والمواقف... ( لو سألنا أي مواطن كيف ترى الموقف الآن?.. سيقول : المرحلة تحتاج إلى حكمة وعقل ومرونة!! لكن السؤال الأهم : متى تتحول الحكمة والعقل إلى تراجع وانهيار!.. ومتى تتحول المرونة إلى انكسار!! وعندما نكون أمام خيارين لا ثالث لهما : إما المقاومة والصمود أو الفوضى.. ولا خيار آخر .. الفوضى لها ثمن.. والمقاومة لها ثمن .. لكن فاتورة المقاومة خسائرها أقل ونتائجها أفضل فإذا كان هدفهم أن نركع ونخفض رؤوسنا فإنني أقولها بكل وضوح: العنوان خطأ.. ولن أفعلها.. ولن يقبلها شعبي.. ولا أمتي )!! اخترت أن أبدأ بتلك الأسطر من الخطاب المطول الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد في مدرج جامعة دمشق.. بكل ما يعنيه المكان ومكانته وليس في مقر حزب البعث .. أو قصر الرئاسة.. وقف الناس خارج الجامعة يتابعون الخطاب والتلفزيون ينقل لحظات التفاعل بعيداً عن الانفعال والافتعال .. بين الرئيس الشاب .. وشعبه الذي شيب رأس بوش.. ووضعه على أجندته..بعد فشله المدوي في العراق وأفغانستان. تكلم الرئيس الأسد بلغة سياسية جديدة.. فيها كبرياء وفيها هدوء واتزان .. على الرغم من حالة الغليان التي تعيشها سورية.. ونشعر جداً .. بدرجة حرارتها ووهجها هنا في مصر . ألم يقل التاريخ لهم ولنا.. إن دمشق إذا توجعت .. صرخت القاهرة من الألم. نعم تغيرت لغة الرئيس الأسد ورأيته أمامي أشبه بعازف ماهر على آلة انسانية موسيقية جديدة اسمها ( الاصرار) بدلاً من الغيتار. إنه يعترف بأن حركة الإصلاح في سورية تمشي بطيئة.. ويعترف بأن هتافات بالروح بالدم لم تعد صالحة للاستخدام السياسي والبشري والعربي .. ولهذا راح يسأل بكل براءة يا من تتلهفون على التحقيق في اغتيال الحريري ونحن معكم ?! أين أنتم من التحقيق في اغتيال ياسر عرفات والله معنا!! ثم يقدم فاصلاً من العزف المباشر المنفرد بعيداً عن النص المكتوب حول الإعلام الذي هو عربي .. والإعلام الذي ينطق العربية ولكنه يتكلمها لحساب صاحب المحل.. ولمن يدفع له.. ويؤكد أن المواجهة قائمة.. والمخطط شغال لاصطياد دول المنطقة واحدة بعد الأخرى .. لحساب الفخ الصهيوني.. والذي يخوض المواجهة متنازلاً سيخسر حتى .. لا محالة.. أما من يخوضها.. واقفاً على قدميه ثابتاً.. فإنه سوف يصمد ويساوم ويناور ويستمر .. وهم في كل يوم يلقون إلينا بثعبان جديد من جراب الحاوي. في ختام الخطاب قال مبتسماً وهو يشرب كوباً من الماء: أيها الإخوة.. لا داعي للخوف.. لأن نهايته الهزيمة.. لكن عيشوا في قلق.. تفرضه علينا الظروف .. فإن القلق يدفع إلى الأمام. يا شباب .. إنهم يتوجهون إليكم في المقام الأول بهدف فصلكم عن تاريخكم وهويتكم .. حتى تفقدوا الثقة في أوطانكم وفي أنفسكم. يا ناس : إنهم يحملون نيابة عنكم لافتات تنادي بالإصلاح الاقتصادي.. وأنا أقول لهم : أهلاً وسهلاً هاتوا اصلاحكم إن كنتم صادقين. يا أمتنا العربية: العراق يتحول إلى أشلاء وفتافيت ولا أحد يعرف متى يحدث الانفجار الكبير الذي من شأنه أن يلقي بالمنطقة كلها في دوامة المجهول لقد حولوا دماء الحريري إلى بورصة للتجارة ويا أحبابنا في لبنان.. هل يرضيكم ويسعدكم أن يحولوا لبنان الشقيق.. إلى جسر للتآمر على سورية. الأصل والفصل وتعلو نبرة الرئيس الأسد قليلاً وهو يخاطب القوى الوطنية المخلصة في لبنان التي وقفت ضد كل المشاريع المشبوهة.. سايكس بيكو إلى حلف بغداد ودعمت القضية الفلسطينية ودحرت الإسرائيليين عام ..2000 إن هذه القوى هي ورقة الرهان الرابحة .. في وسط شادر المتاجرة .. وهي الأكثرية مهما كانت الأصوات الأخرى أعلى. وكانت نبرة الكوميديا واضحة في خطاب الرئيس الأسد .. وهو يعتبر قرارات الأمم المتحدة 338 و242 بشأن انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة مجرد ( كهنة) في دنيا النسيان بينما أمريكا وقفت على قدميها ويديها.. وعلى شواربها مع القرار .. واعتبرته حياة أو موتا.. ورغم أن سورية نفذته.. لكنها لم تكن راضية عن الانسحاب السوري من لبنان ويبدو أنها لن ترضى .. حتى تنسحب العروبة من جلبابها.. وحيث لا صوت يعلو على صوت (الست ) كونداليزا!! * كاتب وسناريست مصري |
|