تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أكاذيب الأمم المتحدة حول المجاعات في العالم

بقلم: برونو غيغ
عن: لوغراندسوار
متابعات سياسية
الخميس 30-11-2017
ترجمة: سراب الاسمر

لم يعد هناك وجود للعالم الثالث, وعدا ذلك لم يعد يتكلم احد عن الدول «المتخلفة» لكن يقولون الدول «النامية». و «راوي القصة» يؤكد لنا أن هذه الدول ستصبح « دولاً ناشئة».

ايديولوجية ما بعد الشيوعية كانت تنبئ بـ «نهاية التاريخ». كانت تعد بمستقبل غني في مجال التجارة الحرة, كما أعلنت زمن « العولمة السعيدة» وان فتح الأسواق بعدم تنظيم تَعِدُ بمستقبل مشرق.‏

في تقرير الأمم المتحدة الأخير حول الأمن الغذائي والتغذية صرَّحت انه في عام 2016 بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية 815 مليون نسمة أي أكثر بـ 82 مليوناً عن عام 2015. من الواضح أن 11% من سكان العالم يتضورون جوعاً, فالوضع آخذ بالتدهور وتتوقع الجمعيات الأسوأ.‏

ووصل التفاوت الطبقي حدّاً خطيراً, واصبح تراكم تركيز رأس المال الكبير بأيدي الليبراليين مؤشراً إيجابياً لهم وفق جمعية أوكسفام يمتلك أثرى أثرياء العالم 48% من الثروات العالمية, اما باقي شعوب العالم الـ 80% فلا يملكون شيئاً على الإطلاق،هذا التناقض بوجود 815 مليون جائع أمام حفنة من المليارديرية يثير السخط العام, ولكن يتم احتواء الامر مع القتل كما لو كان كارثة طبيعية.‏

الآليات التي تثري البعض وتفقر البعض الآخر تظهر جلية, فمن خلال المطابقة الايديولوجية نلاحظ ان بيروقراطية الامم المتحدة تشوه تفسير الوقائع.‏

كما تخطئ الامم المتحدة حين تعزو تدهور حالة الأغذية إلى تراجع زراعة الفلاحين لمصلحة الاعمال الزراعية. إذ أنه تحت ضغط الشركات الزراعية الغذائية المتعددة الجنسيات تم تحويل مليارات الهكتارات من الاراضي الزراعية المختلطة إلى مناطق معفية من الضرائب حيث غرسوا مزارع أحادية للتصدير,وهذا الشكل من السياسة يضع المزارعين الصغار تحت رحمة تقلبات الأسواق الدولية, فبوقوع الزراعة في فخ العولمة اختزلت الزراعة الغذائية وانخفض الانتاج المحلي في الدول.‏

بالنسبة للأمم المتحدة, السبب الرئيسي لسوء التغذية هو الاحتباس الحراري والحروب بأشكالها المختلفة. ولبؤس الانسان اسباب عرضية تتسبب بضعف الهيكلية, اما آليات الاستغلال الرأسمالي فهي بعيدة عن الشبهات....‏

الاحتباس الحراري غير مسؤول عن ذهاب آلاف اطفال شاطئ العاج للعمل في مزارع الكاكاو, إنما السبب المباشر في ذلك هو استعباد شركات الشوكولا المتعددة الجنسيات لهذه الدولة, فقد تم إفقار هذه الدولة بسبب خضوعها لتقلبات السوق واعمال المنافسة, بالمقابل اغتنى المساهمون وهذا عدا احتساب الآثار المدمرة للتقشف الذي فرضته عليها المؤسسات الدولية.‏

كذلك بلد فقير جدا مثل مالي هي فريسة عدم الاستقرار السياسي حيث تواجه تمرداً يزيد من الارهاب. ونهب فرنسا للثروات المعدنية لتلك الدولة ليس غريباً عن فوضى الأمن الغذائي هذا. وكذلك عودة الطوارق إلى الظهور مجدداً عند توقيع اريغا على اتفاق مع النيجر لاستثمارحقول اليورانيوم التي شكلت سوقاً جيدة لشعوب الرحل. أما سكان الساحل فهم الأفقر في العالم كما اثبتت القوات الفرنسية حضورها هناك اكثر من أي وقت مضى.‏

مع نفاقها العرفي, نسيت الامم المتحدة القول ان المجاعة تسود في الدول التي زرع فيها الغرب الفوضى, ففي جنوب السودان سهل الانفصال الكارثي. في الصومال, نشر قواته وسهل تفتيت البلاد, في سورية اشعل حرباً لا تنتهي, في ليبيا دمر بلداً ذا سيادة وسلم البلد للمليشيات وفي اليمن سلم الاسلحة التي قتلت فيها الرياض المدنيين.‏

الامم المتحدة محقة بقولها ان الحروب ادّت إلى تفاقم الوضع الغذائي. من الضروري أن نؤكد ان الحروب هي حروب امبريالية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية