تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


آل سعود وإسرائيل .. أكثر من اقتران المصالح

بقلم: فيليب بيرنو
عن موقع : Arret sur info
متابعات سياسية
الخميس 30-11-2017
ترجمة دلال ابراهيم

يعكس التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الخامس من الشهر الجاري بمناسبة الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم : عندما يتفق العرب والإسرائيليون على أمر ما , على العالم أن يتنبه ( تحولاً جيوسياسياً كبيراً).

وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يشيد فيها زعيم إسرائيلي «بتحالف » مع دول الخليج , مثل المملكة السعودية . وسبب هذا التقارب ليس جديداً , فالهدف هو إيران , العدو المشترك لإسرائيل والسعودية .‏

وكان إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية من الرياض بمثابة صاعق آخر في هذا الصراع , أدى إلى تصعيد لفظي خطير بين الدولتين الإيرانية والسعودية . ولا يمكن لنتنياهو الحليف الطارىء والمحتمل لوريث العرش محمد بن سلمان في هذه المواجهة سوى أن يستفيد من الصراع بين إيران والسعودية .‏

وذوبان الجليد الرسمي بين تل أبيب والرياض ليس بالحديث العهد . لأن الدولتين وإن لم تتبادلا السفارات وترتبطان بعلاقات دبلوماسية , فإنه بينهما تاريخ من التعاون السري في بعض القضايا المحددة . فقد اتخذت السعودية مواقف متناقضة بشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني , فهي لم تشارك في الحروب العربية ضد إسرائيل , إلى جانب دعمها القضية الفلسطينية . في وقت كانت الرياض من الداعمين الرئيسيين لمنظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم للسلطة الفلسطينية , كما وانتقدت الحرب الإسرائيلية ضد غزة . وعلى الرغم من ذلك , شهدت الأعوام 1990-2000 تبدلاً نوعياً , ولاسيما مع وصول الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى السلطة , حيث قاد سياسة إصلاحات وأقام علاقات غير رسمية مع إسرائيل . واقترح عبد الله في عام 2002 , وكان حينها ولياً للعهد والرجل القوي في المملكة « مبادرة عربية للسلام » جرى تبنيها خلال القمة العربية في بيروت , ولازالت سارية لغاية الآن . وتنص المبادرة على اعتراف العرب بإسرائيل مقابل انسحاب الأخيرة إلى حدود عام 1967 . ولو أن إسرائيل وافقت على تلك المبادرة كان من المفروض تطبيع العلاقات معها .‏

وعقب عقد من الزمان , أعطت الرياض الضوء الأخضر لعملية الجرف الحامي الإسرائيلية في صيف عام 2014 ضد غزة . بل اتهموهم بتمويل جزء من الأسلحة الإسرائيلية . ووفقاً للصحفي في صحيفة الغارديان ديفيد هيرست , كان كل من الموساد والمخابرات السعودية يجتمعون في كثير من الأحيان للتعاون على القضاء على الإخوان المسلمين في مصر قبل ذلك بقليل .‏

وعلى هذا النحو , تضاعفت مؤشرات التعاون بين البلدين منذ أصبح محمد بن سلمان الرجل النافذ في السعودية . وقد زار الجنرال السعودي السابق أنور عشقي السفير الإسرائيلي السابق دوري غولد المقرب من نتنياهو مرات عديدة بين عامي 2015 و 2016 في القدس . وكذلك كان يجتمع أحياناً مع الجنرال الإسرائيلي يواف موردخاي , مشدداً على التقارب في المصالح الاستراتيجية بين إسرائيل والمملكة الوهابية . وفي ايار الماضي اقترحت السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل إحراز تقدم في الملف الفلسطيني .‏

وقد أدى تصاعد الخلافات بين إيران والمملكة الوهابية إلى الدفع قدماً في الكواليس باتجاه هذا التقارب , وكلما ازداد التوتر بين الدولتين تعزز التحالف بين الإسرائيليين والسعوديين .‏

وفي هذا الصدد يقول اوليفييه دالاج الصحفي والاستاذ في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس : «تنسق إسرائيل والسعودية استراتيجيتهما من أجل إغراق إيران وحلفائها في فخ التصعيد . واستقالة الحريري مصحوب بخطاب عنيف ضد إيران هي جزء من هذه الاستراتيجية. والسعودية تسعى لدفع إيران للوقوع في الخطأ . ومن خلال إثارة طهران يأمل السعوديون أن يجعلوها مسؤولة عن رد فعل غير متناسبة يبرر التدخل العسكري أو العزلة الدبلوماسية .»‏

وتبرز البرقية التي نشرتها القناة العاشرة الإسرائيلية منذ بضعة أيام هذا التنسيق . فقد طلبت وزارة الخارجية الإسرائيلية من سفرائها « التوجه إلى البلد المضيف لتسليط الضوء على الخطر الذي تشكله إيران وحزب الله على لبنان , واستخدام الضغط لصالح السعودية .»‏

ولا تزال طبيعة هذا التعاون غير واضحة المعالم , ولكن كتب السفير الأميركي السابق لدى تل أبيب دانييل ب.شابيرو مقالاً في صحيفة هآرتز الإسرائيلية سعياً لإثارة الحرب في لبنان يقول فيه :«يعد القادة الإسرائيليون العدة لشن حرب على لبنان منذ عام 2006, من أجل الحد من الخطر الإيراني على الحدود . وإسرائيل والمملكة السعودية متفقتان تماماً على هذه المسألة , ويتطلع السعوديون إلى الاستفادة من الرغبة الإسرائيلية باستهداف القوات الموالية لإيران. ولما كان من المستحيل على السعودية ضرب حزب الله مباشرة في لبنان , فبوسع إسرائيل القيام بذلك ».‏

ولكن بدقة أكثر , يعتقد علي نجاد المشارك في مدرسة كينيدي في جامعة هارفارد أن نشوب الحرب غير محتمل والسبب برأيه :« لقد قام كل من حزب الله وإسرائيل , منذ الحرب الأخيرة في عام 2006 بالاستعداد تسليحا لتلك الحرب, ما يجعل المواجهة العسكرية أكثر تكلفة بكثير . علاوة على أن إسرائيل وقد اتعظت من دروس هزيمتها في حرب عام 2006 فإنها لن تتصرف قبل الآوان , حتى ولو طلبت منها المملكة السعودية شن الحرب ».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية