|
متابعات سياسية نعم لا تزال التناقضات التي حكمت حراك (المعارضين) منذ بداية الأحداث عام 2011م هي العامل المعرقل لكل توجّه نحو اكتشاف المخارج، والوصول إلى الحل السياسي الوطني السيادي الذي ينبثق عن إرادة الداخل، وليس عن وكلاء الخارج والمتعاملين مع أعداء الوطن، ومشروعه التوحيدي، والتحريري، والعروبي. وكان من أهم نتائج السنوات السبع من الحرب الإرهابية على بلدنا هو أن الدولة, والشعب، والجيش ومن يتحالفون معهم ينجزون في الميدان يومياً ما يغيّر بقواعد المسألة، ويخلق ظروفاً جديدة تتغيّر معها خارطة الحل السياسي داخلياً، وإقليمياً، ودولياً، والمعارضات لا يزالون يقفون عند ما أُمروا في بداية الأحداث أن يفعلوه، وغير مسموح لهم بأي قراءة واقعية، رغم ضيق الخيارات، وهزيمة قواهم المسلحة على الأرض، ومن نتائج الرياض2 نتلمس أن صراع المرجعيات معادلة فاعلة في استبقاء عملية الإقصاء لمنصات وتكليف منصات، يضاف إليه أن الأجندة المفروضة من آل سعود غير ما هي عليه المفروضة من أردوغان، أو من منصات أخرى، وإلّا ما معنى التمسّك بما جاء في جنيف واحد عام 2012م، والحرب الإرهابية على سورية أشرفت على الاندحار الكامل أمام تحالف جبهة المقاومة، ولم يبق من الزمان لها ما يستوي معه أبسط درجات الأماني الواهمة. والأغرب أن العقول التي تفكر من الأجندة التي طرحت تدمير سورية، وتقسيم جغرافيتها، وتفتيت البناء الديمغرافي الوطني لشعبها ما زالت عند غرورها السطحي بأن مَنْ وقف وراءها، وهيأ ترسانة الحرب الإرهابية لها، وهُزم في الميدان، وتتم ملاحقة جيوبه الأخيرة ما فتئت لديه القدرة على الفرض بالسياسة ما لم يستطعه في الحرب وهذا الحال أغرب أحوال سقوط العقل، وافتقاد الحكمة، إن ما حدث في أستنة المتعددة، وفي جنيف المتعددة، وفي مؤتمر سوتشي بين قادة دول ثلاث، وما وقفت عنده أميركا في تصريح ترامب الأخير بأنه سيوقف عملية توريد السلاح للأكراد الإنفصاليين قد شكل مراحل مهمة لتحول كبير في التعاطي مع قضية الحرب على الإرهاب، وخاصة من الجانب الأوروبي، والأميركي، والسعودي، والتركي. وعندما يعقد محمد بن سلمان في الرياض مؤتمراً لمكافحة الإرهاب هو بذلك يعود إلى القرار الأول في مؤتمر جنيف واحد الذي نصّ على محاربة الإرهاب، واستئصال جذوره، ومحاسبة الدول الداعمة له. ولولا انتصار سورية الدولة الشرعية، وحلفائها (روسيا، وإيران، وحزب الله) في الميدان على الإرهاب، وكذلك انتصار العراق الشقيق، واندحار دولة الخرافة، والنصرة، وكافة المسمّيات الإرهابية لما سمعنا بالتحالف الأميركي الكاذب ضد الإرهاب ولما سمعنا بتجميع ابن سلمان لأربعين دولة في مملكة آل سعود والحديث عن محاربة الإرهاب. إذاً؛ القضية الأصل هي محاربة الإرهاب أيها الذين استخدمتموه للانقضاض على الدولة السورية وتسخيرها لخدمة إسرائيل وليست تسليمكم الدولة بعد هزيمتكم هذه!! والجماهير التي تمكنتم من تضليلها -إلى حين- لم تعد تصغي إليكم يوم صارت تعرفكم جيداً، وتعرف ماذا تريدون. أتيتم إلى الرياض لتشكّلوا وفداً موحداً لكنه بقي منقوصاً ولا يمثل المعارضات، ولا أطياف الشعب السوري... ووضعتم سقفاً للتفاوض مع الدولة لم يقرّكم عليه أحد بما فيه ديمستورا، وقد اعتبرته الجهات ذات الصلة بأنه سقف عرقلة وشروط مسبقة. والإعلان عن التمسك بجنيف واحد الذي مضى عليه سنوات خمس هو عودة إلى المربع الأول في التفاوض وتجاهل أستنة، وكل التوافقات التي أدخلت الحرب على الإرهاب في مراحلها الأخيرة. ولكم بُنيت معادلات جديدة بعد تصريحات حمد بن جاسم حيث كشفت عن تدخل السعودية، وقطر ليكون ما حصل في سورية هو من ترتيب خارجي، وليس حراكاً داخلياً شعبياً. إن جنيف الأخير لم يكن إلا التتابع الطبيعي لمجريات الأمور على الأرض، ولو أن السلال الأربع التي يريدها المبعوث الدولي قد تمَّ الحديث عنها لكن ديمستورا صرف النظر عن بيان الرياض2، ورغب بالحديث عن السلتين: الثانية والثالثة من القرار الأممي 2254 المتعلقتين بالدستور، والانتخابات. وينوي ديمستورا عقد جلسة ثانية في كانون الأول المقبل باعتباره مستعداً للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المنتظر انعقاده في سوتشي. ومن الواضح أن ديمستورا في كل تطور لانتصارات الميدان في سورية تضيق أمامه الخيارات التي كانت تفرضها عليه قوى العدوان على سورية، ولذلك قرأنا في البيان الذي صدّره مكتب ديمستورا إشارة إلى أن الوفد الذي يفاوض في جنيف لن يكون بوسعه تقديم أي شروط مسبقة، وأن عناية ديمستورا انصبّت على تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة فهي المرجع الوحيد للمفاوضات في محاولة لعدم ذكر بيان جنيف واحد طالما تم تجاوزه فيما حصل لاحقاً من اجتماعات. وفي نهاية كل لقاء في جنيف، أو أستنة، أو سوتشي تفرض نفسها اليوم حقيقة واحدة شديدة الحضور هي أن الشعب المنتصر بدولته، وجيشه، وحلفائه هو سيد الموقف، ولن يكون هناك دستور، أو قوانين انتخابات، أو انتخابات إلّا وفق إرادته الوطنية، وليست كما تدّعيه أبواق الخارج، وكل من يريد أن يلتحق بإرادة الشعب من المعارضات تُفتح له الأبواب، كما إنها تغلق بوجه الذين ما زالوا ينتظرون الورقة القادمة إليهم من المرجعيات المعادية، لكي يقرؤوها بدون كيانٍ ذاتي، ولا شخصيةٍ لها اعتبار. |
|