تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مرة أخرى..

رؤيـــــــة
الخميس 30-11-2017
لميس علي

«وهكذا تجد نفسك بمترو الأنفاق،

وعالمك إلى جانبك في حقيبتك،‏

وفي كل مرة تبدو طريقة جديدة...‏

هل أنت مستعدٌ للتصرف الأخير‏

لتتخذ الخطوة»..‏

كلمات أغنية في فيلم (البدء مرة أخرى، Begin again).. غناء وبطولة كيرا نايتلي.. خيط الأفكار الذي يحمله هذا النوع من الغناء، فنّاً صادقا وحقيقياً، يفجّره مزيداً من توهّج في دواخل كلٍّ منا.‏

لربما استسهلتَ تأثير مجرد أغنية.. تمرّ مروراً عابراً في فيلم..‏

لكن من قال إن مرورها سيكون عابراً..؟‏

من أذكى تلقينات الفن، ما يقدّمه لنا بطريقة سلسة.. غير مباشرة.. هكذا ستتموّج كثير من التداعيات التي تحيلنا إليها أغنية «خطوة لا يمكنك استرجاعها» السابقة.. لتحفر في صلب وعينا مستثيرةً مناطق مخبأة في عمق اللاوعي.‏

تلتصق معاني الأغنية بعموم فكرة الفيلم.. تختصر مضامينه.. ليبدو مقتصراً ومكثّفاً جوهر عنوانه «البدء مرة أخرى».. وربما كانت صيغة الأمر هي الأنسب «ابدأ مرة أخرى»..‏

ما المانع لو بدأتَ مرة أخرى.. ثانية.. ثالثة.. مئة.. وألف..؟؟‏

قناعة إتقان أسلوب «البدء مرة أخرى» تُكسبك التعوّد على رؤية بداية في صلب كل نهاية.. فالمحاولات تمنح شغف التجريب من جديد.‏

مما ذكره عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينغ قوله: «مهما كانت الحياة تبدو تعيسة، هناك دائماً شيء يُمكنك فعله والنجاح فيه»..‏

وهو ما فعله مكتشف النجوم (دان، مارك رافالو) حين صنع أجمل الألحان والأغاني مع (غريتا، نايتلي) دون أي ميزانية...‏

إحدى الرسائل التي يهمسها إلينا الفيلم.. التقاط القدرة على خلق الجمال والإبداع من اللاشيء.. أو الإتيان به من أبسط الأشياء التي نملكها..‏

بهذه الآلية ألا يكون الفن/الإبداع منقذاً أرواحنا ووجودنا..؟‏

ومن غيره المنقذ..!‏

في لحظات عيشنا المُحاكة بلهاث اليومي، ثمة قُطبٌ مخفية تشدّ الأجزاء إلى بعضها وتصنع كل الفرق بتطريز إبداع «الاستمرار» وسط واقع الإنهاك واللاجدوى.‏

إبداعنا مفصّلٌ على مقاسنا.. قد لا يلحظه أحد.. وربما لا يلقى اهتمام الغالبية.. لكنه الجمر الذي يشعل جذوة الرغبة بالعيش كلما خبا بريقها.‏

lamisali25@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية