تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مــــن أفقـــها

مجـتمع
الخميس 30-11-2017
أيدا المولي

هل من المعقول ان نفني حياتنا بمهنة واحدة ؟ هي ذاتها المهنة التي حاربت من أجلها وحاربت كي تدرسها ,جل امنيتك في الحياة؟ هي ذاتها المهنة التي رهنت فيها حياتك لسنوات في غرفة صغيرة تسكن فيها مع سته على الاقل وهي في نفس الوقت غرفة بثلاثة ,غرفة نوم ,غرفة دراسة ,غرفة استقبال ,ومطبخ ,

المغسلة فيه هي المجلى وأحيانا اشياء أخرى هي ذاتها التي كنت تنوي ان تجوب من خلالها الكون بأسره تتعرف فيها على شعوب الارض وتتعرف على ثقافاتها وتعمل مراسلا في هذه البقعة او تلك ,وتتعلم لغات غريبة ,وترى أطفالا ,ونساء ومجتمعا بسيطا تارة وأخرى معقدا ,لم يكن هناك هم ان تصلح البقعة التي تعمل بها اينما كان ,كان الحلم مختلفا عندما اخترتها كنت شيئا آخر , حب وحماس بل شغف ,فقط شغف بها ,حب لأجلها فقط ,ضحكة كانت تخرج من القلب لتحقيق الامنيات ,وضحكات من اجل النجاح , هل هي مثل الطعام او الشراب؟ام مثل لباس جديد بعد شهور نمله لكن لابد ان نلبسه فما عاد بالإمكان شراء غيره.‏

هل هي هواء نتفسه ?ام هاجس لا يحل المساء إلا وقد ارهقت ذاكرتنا بما يشوب هذا المجتمع ,انها الطفلة الضائعة التي شردها الدمار ,وأب يبحث ,وأم ثكلى ,بينما ثعبان يدخل في جحر ويبقى هناك يكبر ويتضخم فيصبح من الافات.‏

مهنة لو اردت ان تقول فيها كلمة الحق تدان ,ويمكن ان تخرج بعيدا حيث لايعرفك الا الغرباء.‏

انا هي تلك التي لاتكل ولا تمل من السهر ومن البحث حتى والعيون نائمة ,انا هي تلك التي تسجلني لحظات الارق حيث تكاد تصاب بالجنون ,لماذا ,يسحق البشر بعضهم بهذه الوحشية ؟لماذا يرميهم بريق المال فيهبطون اليه مسعورين ,أن لا أحد غيرهم رآهم ,في لحظات الارق :انهم لا ينامون مثلي تماما ,لكن ارقهم مختلف عن ارقي ,انا اسعى ليكون اسمهم على لائحة الفساد لأنهم كذلك وهم مؤرقون لأنهم يسعون لكسب المزيد.‏

هم يسهرون طويلا ,واستغرب كيف ينامون !الايصيبهم السهد من أي فعل قاموا به ام أنهم استذأبوا وحل الصباح فاختفوا ليعودوا ليلا.‏

انا في سهد وقلق ,وكما يقول المتنبي :على قلق كأن الريح تحتي ,,أوجهها جنوبا شمالا وهم في هذا لوقت يسعون سعي الثعالب والذئاب والأفاعي.‏

فكيف أستطيع ان اجد الطريق دون قنديل، كيف أستطيع أن اقتفي اثرهم في صحراء ,ولست بدوية كي اقتفي بالنجم طريق تلك لم تكن رغباتي ان اسعى لأشهد ثراء على حساب دم الفقراء ,لم يكن في حسابي ان اصم اذني عما يفعله بعض الكبار بحق امهم الارض والوطن.‏

لم ارغب ان اشهد في دار المسنين اباء قذفوا من بيوتهم الى المأوى خوفا على طلاء أظافر الست ,ونذالة رجل نسي ذلك الكتف الذي حمله مشيا لإنقاذه في ساعة مرض.‏

خسارة الحب والضحكات ,خسارة الاماني والأمنيات الحلوة ,خسارتي انني كنت آمل ان اكون ولم أكن ، انا تلك مهنة المتاعب وليكن كل ذلك صعب ,وبلظاها نكاد نحترق لكنني صاحبة الجلالة مهما تغير الملك والكرسي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية