|
آدم نكون أولاد فجأة ... نصبح آباء , وتبقى أحلام الطفولة تأبى أن تكبر فينا , نشتاق لمرابع ترعرعنا فيها , حتى نصير أولادنا الذين كبرنا وماكبروا .
نرى آباءنا ونحن آباء فنصبح بلحظة أطفالاً عند آبائنا .. نحن الرجال .. صدقوا أولا تصدقوا ... نحنّ إلى حضن الأب أكثر من حضن الأم .. نحس منه القوة , ونستمد الجلد ... ونرتجف خوفاً لفراق لابد منه ... لكننا لانحصل على هذا الحضن لأننا رجال .. وآباء .. أي أننا ملزمون بقناع الجدية والحزم .. في سنوات الشباب , تمنيت أن أكون أباً , لآخذ عن كاهل أبي تعب العمر الذي أفناه في تربيتنا , لأحس بشعوره , وهموم الأرض التي بنت قصراً فوق منكبيه , ولأتعلم منه سر البسمة التي تعطي أملاً بالكاد يملكه .. عرفت يا أبي ما معنى ان تكون أباً , أن تكون أرض الحنان تروى من عرق وأعصاب ودم , عرفت كيف تكون أنت لي فسحتي وراحتي , وطمأنينة القلب الموجوع .. لأنك مثلي تعرف معنى انكسار الرجولة .. وقهر الحياة التي لاترحمنا... ما أعظمك يا أبي .. أن تكون لطفولتي أباً , ولأبوتي أباً ولأبنائي جداًوأباً... أحاول أن أحتوي عمرك ... وأعوض من عاطفة قلبي نبل قلبك .. أسابق الزمن فأجد نفسي على شطآن عطائك ومحبتك لا أتقن الابحار .. واعترف لك أنني أصبحت أباً .. لكنني أمامك أكون الابن الذي لم يكبر بعد . |
|