|
آراء في زمن الامتحانات يشعر الطالب كما لو أنه يقف على مفترق طرق لايدري أين هي نهايته. وفي هذا السياق يتساوى , في اعتقادي, المجتهد وغير المجتهد وذلك لاعتبارات موضوعية بينها عدم معرفة نتيجة الامتحان من ناحية ومن ناحية أخرى عدم وضوح ماذا سيكون عليه الحال بعد ظهور النتيجة. وحين يعلم أحدنا أن فريقا من العاملين في وزارة التربية , كان من بين أعضائه وزير التربية ومساعدوه, جالوا بين مراكز الامتحانات مع بدئها في الأسبوع الماضي, يزداد قناعة بضرورة الإشارة إلى هذه الظاهرة. خلال تلك الجولات حفز زوار المراكز الطلبة عموماً, وخصوصاً الذين يواجهون مثل هذا الاختبار للمرة الأولى وهم في نهاية المرحلة الإعدادية, حفزوهم على خوض الامتحان, من منطلق الثقة بالنفس أو لا وثانياً من منطلق الثقة بأن المراقب ما هو إلا أخ وصديق للطالب وأن نجاح ومستقبل هذا الطالب بعينه, بالفعل لا بالقول. إن مثل هذا التصرف يستدعي التوقف عنده , وهذا ما ذكره أكثر من طالب تقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية تحديداً قبل أسبوع من اليوم.
هذه الظاهرة, بحد ذاتها, هي بحق ظاهرة تربوية تستحق التنويه , كونها تشكل عاملاً أساسياً من عوامل مساعدة الطالب على تخطي الحاجز النفسي الذي كثيراً ما قد يعاني منه الطلبة عندنا كما عند آخرين , ليس لاعتبارات الاستعداد لخوض الامتحانات فقط, بل لكونها تتصل بمواقف بعض أفراد الأسرة المحيطين بالطالب وغالباً ما تتجلى بالخوف من مواجهة المجهول في يوم الامتحان, وذلك لسبب غير مبرر سوى أنه ذكّر بمرحلة مشابهة خاضها الأب أو الأم أو أحد أفراد الأسرة قبل سنوات بعيدة, وقد شابها في حينه الخوف لا القلق فحسب. إن الظاهرة التي تستوقفني هذا الصباح بينما يتابع طلبتنا خوض امتحاناتهم في ختام المرحلتين الإعدادية والثانوية, مبنية على مشاهد مرئية على أرض الواقع, ما يجعل من عملية التربية سابقة لعملية التعليم. إن مثل هذه العملية, توضح للطالب أنه ما يزال متصلاً بشريحة المربين الذين أوصلوه إلى نقطة الاختيار, وذلك بحسب نهاية المرحلة الدراسية التي توصل إليها وبات في نهايتها على عتبة الدخول إلى عالم عليه أن يختار موقعه في أرجائه بنفسه. ولا أدري إذا كانت ظاهرة زيارة مراكز الامتحانات مسبوقة من قبل أم لا, بيد أنها تبدّت على أرض الواقع هذا العام واستوقفتني, أقول استوقفتني شخصياً ربما لاعتبارات بينها أن عدداً من أبناء معارفي الذين أكدوا لي حقيقتها, وإن كنت على ثقة بأنها ليست ظاهرة طارئة. هذا فضلاً عن تصرف المراقبين أنفسهم داخل قاعات الامتحان, الذين أدخلوا الطمأنينة إلى نفوس الطلبة ساعة الامتحان, ما يشير إلى أن هذا النشىء من أبناء الوطن, سوف يعوّل على قناعاتهم بأنهم كانوا في دائرة الاهتمام الجاد بمستقبلهم من قبل المؤسسات التربوية التي ترعاهم, وفي مقدمتها وزارة التربية ذات الصلة المباشرة بالطلبة. ومن هنا تكتسب التربية, كمفهوم من جانب وكوظيفة من جانب آخر, تكتسب قيمة اجتماعية لايجوز لأحدنا أن يقلل من شأنها, لأنها لاتخص الحاضر فقط بل تتعداه إلى المستقبل, وحتى زمن غير محدود. وفي بلد كسورية, غالبية سكانها هم في عمر الشباب, من الأهمية بمكان توعية أفراد هذه الشريحة بأن الأيدي الممتدة إليهم في أوقات بدت لهم عصيبة في وقت من الأوقات, تستحق رد الجميل بوعيهم الواجبات الملقاة على عاتقهم يوم سيخرجون إلى الحياة العملية, بأي من الاختصاصات التي يمتلكونها. DR-louka@maktoob0com |
|