|
ثمَّ إنَّ لكن نظرية التعسف باستعمال الحق, لاتقبل العمل بالشبهات أو الاحتمالات أو الامكانيات غير المتوافرة مبدئياً. يعني: لا يمكن التوسع في هذه النظرة لأن فيها انتهاكاً للحقوق حتى ولو تجاوزت العدالة.. فكيف إذا كان التصرف بالحق يستهدف أصلاً العدالة.?! قرأت التحقيق المنشور في (الثورة) حول استخدام وزارة الزراعة لحقها في حماية الثروة النباتية, والذي منعت بموجبه إدخال الأخشاب المغطاة ب(القلف). طبعاً أنا لست عالم نبات ولا عالم حيوان.. أنا إعلامي وموقفي هو موقف إعلامي. والذي رأيته فيما نشر يتناول المسألة من جانب التعسف باستعمال الحق.. جوهر الفكرة أن وزارة الزراعة قامت بمنع تفريغ ونقل الأخشاب المحتمل اصابتها بالآفات التي ذكرتها, طلباً لحماية الثروة النباتية السورية.. وهذا حقها.. والذين تعرضوا للتعسف في استخدام هذا الحق.. هم المستوردون والوكلاء والوسطاء والتجار وخزينة الدولة التي ستفتقد ملايين الدولارات من رسوم عبور هذه الأخشاب للأراضي السورية ..وبالتالي استنجد الذين كان ثمة تعسف تجاههم فكان التحقيق الصحفي الذي أراه موضوعياً وإن اختلفت معه في الاستنتاج. أنا بصراحة أرى أن لوزارة الزراعة الحق في قرارها بمنع مرور هذه الأخشاب بما يبعد احتمالات إصابة الثروة النباتية في سورية.. وإذا كانت الوزارة قد تعسفت بعض الحقوق بقرارها, فهي استهدفت العدالة لكل مواطن في هذا البلد يهمه الثروة النباتية ويتأثر كثيراً بوجودها وحيويتها.. وأكثر من ذلك له حقوق فيها.. وبالتالي فالوزارة تعسفت حقوقاً تجارية لتنفيذ حقوق أخرى حياتية بالمعنى العام للكلمة. هذا من ناحية المبدأ الحقوقي.. أما من ناحية الانطباع الاعلامي.. وخلال عملي في الاعلام لسنين طويلة, أو متابعتي دائماً للشأن الزراعي, فإن المخزون الانطباعي عندي يقول: لقد تشددت الوزارة كثيراً في مرات كثر وكنت على مقربة من حكايات كثيرة لكنها.. في تشددها أنقذت البلد من احتمالات خطرة جداً.. ألا يسأل أحدكم نفسه: لماذا انتشرت أمراض كثيرة في الدول المجاورة ولم تنتشر في سورية وكان آخرها انفلونزا الدجاج..?! هل من دور لتشدد الوزارة في منع انتشار هذا المرض.. وغيره..?! أقول ذلك لأنني دخلت يوماً كإعلامي بين طرفي صراع.. وزارة الزراعة من جهة.. ورجل الأعمال( جهاد خدام) من جهة أخرى حول إدخال شحنات من اللحوم المثلجة لتصنيع المرتديلا وإيقاف وزارة الزراعة لها لأنها واردة من بلد غير مسموح الاستيراد منه لانتشار مرض معين في مواشيه .كان وزير الزراعة يومها الصديق أسعد مصطفى-ذكره الله بكل خير- وكان لسان جهاد خدام يبري الرجل برياً متهماً إياه بجهل الاستثمار وأهميته إذ إنه يتشدد في إدخال تلك اللحوم الى معامل المرتديلا, بعد أشهر كان البلد المصدر لهذه اللحوم محجوراً عليه في أوروبا بسبب جنون البقر.. وقد كتبت يومها فحييت جهود الوزارة وتشددها.. وما زلت أحييه. a-abboud@scs-net.org |
|